نواكشوط – «القدس العربي»:
أثار استقبال المصالح الصحية الموريتانية القريبة من الحدود بين موريتانيا ومالي مؤخرا لجرحى قيل إنهم من تنسيقية حركات تحرير أزواد ومعالجتها لهم، انتقادات شديدة داخل الأوساط السياسية والإعلامية الموالية للنظام العسكري الحاكم في باماكو.
حكومة موريتانيا: استقبال الجرحى من جيش مالي موقف إنساني
وقد أصيب هؤلاء الجرحى في حوادث تقاتل شرسة وقعت مؤخرا ببلدة ليري على مقربة من الحدود الموريتانية المالية بين الجيش المالي ومسلحي الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
وأكدت الحكومة الموريتانية على لسان ناطقها الرسمي الوزير الناني ولد اشروقه «أن عشرة جرحى من الجنود الماليين (وليس من الحركات المسلحة)، بعضهم بحاجة إلى رعاية طبية، اضطروا إلى التوجه إلى أقرب نقطة صحية، وصادف أن كانت هذه النقطة في موريتانيا».
ولفت ولد اشروقه إلى «أن موريتانيا تدرك حساسية وجودها في منطقة تعرف عدة اضطرابات»، مؤكدا «حرص موريتانيا على حماية أمنها واستقرارها، وتشبثها في السياق نفسه بما يمليه «علينا الدين الحنيف وحسن الجوار والمروءة».
وأضاف «موريتانيا ستظل كما كانت دائما تقدم لمالي الدعم والمؤازرة كلما دعت الحاجة إلى ذلك».
ومنذ انسحاب القوات الأممية التي كانت منتشرة في عدة مناطق من مالي، شهدت المناطق المالية القريبة من الحدود الموريتانية توترات أمنية ملفتة ومواجهات بين الجيش المالي وحركات تحرير أزوادية مسلحة تتهم حكومة باماكو بالتراجع عن اتفاق الجزائر الموقع بين الطرفين عام 2015، إضافة إلى مواجهة بين الجيش المالي ومسلحي حركات تابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
وانتقد موقع «مالي ويب» المقرب من الحكومة المالية استقبال موريتانيا لجرحى الحوادث المذكورة، مع أن حكومة موريتانيا أكدت أنهم من الجيش المالي، مؤكدا في معالجة إخبارية قوله «رغم أن المعارك الأخيرة مهمة بين القوات المسلحة المالية وتنسيقية الحركات الأزوادية الداعمة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، قد تقضي نهائيا على اتفاق الجزائر، فقد كان لها الفضل في الكشف عن تحالفات مشكلة لزعزعة استقرار بلدنا والدور الذي يلعبه بعض الجيران (إشارة إلى موريتانيا) في الظل، كدعم المتمردين الذين هم في الحقيقة إرهابيون فقط».
وأضاف الموقع «إن بث قناة الجزيرة الفضائية القطرية لصور جرحى اشتباكات حادثة بلدة ليري الذين تم نقلهم إلى مستشفى في موريتانيا يظهر بما فيه الكفاية الدعم الذي تقدمه قطر وموريتانيا لإياد آغ غالي (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) وإرهابيي كيدال، ولذلك، فإن لعب بعض الجيران اليوم على أكثر من حبل، أمر أصبح لا شك فيه».
وتابع «إن تصاعد الاشتباكات بين الجيش المالي ومسلحي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، أمر لم يفاجئ المراقبين الأكثر اطلاعا الذين توقعوا ذلك منذ رحيل القوات الفرنسية وقوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة من مالي».
وفي انتقاد موجه إلى موريتانيا، أكد موقع مالي ويب «أن إغلاق الموريتانيين عيونهم أمام العمليات التي تنفذها المجموعات الإرهابية المسلحة داخل مالي والسماح لعناصرها بالهروب داخل الأراضي الموريتانية والاحتماء بها، يؤكد أن موريتانيا لم تقف أبدا إلى جانبنا».
ونقل الموقع عن إداري مالي متقاعد قوله «إن موريتانيا حساسة لأي توغل داخل أراضيها، بينما تسمح للإرهابيين المتنكرين في زي رعاة المواشي بالتبختر على أرضها».
ونقل الموقع عن مصادر مطلعة قولها «إن موريتانيا منحت لتنسيقية الحركات الأزوادية منفذا مجانيا في ميناء نواكشوط يسمح لها بتمرير جميع بضائعها، وربما تمرير الأسلحة والمعدات العسكرية».
وواصل الموقع انتقاداته قائلا «لذلك، فليس من المستغرب أن تستقبل موريتانيا الآن العديد من جرحى تنسيقية الحركات الأزوادية في مستشفياتها، بل إن المستغرب هو عكس ذلك».
«والأدهى من ذلك، يقول موقع مالي ويب، هو أنه لا يستبعد أن تقدم نواكشوط الدعم اللوجستي للمتمردين في كيدال لتمكينهم من الوقوف في وجه باماكو مرة أخرى»، مضيفا «أن لدى الحكومة المالية حاليا من الأدلة ما يكفي لتعلن أن تنسيقية الحركات الأزوادية منظمة إرهابية، وأنه يجب تقديم قادتها إلى العدالة».