المسافة بين منطقتي «العبدلي»، حيث مقر البرلمان و»خلدا» حيث قطعة أرض فجرت «أزمة» وفي طريقها لصناعة «فتنة» وسط العاصمة عمان، لا تزيد عن «عدة كيلومترات»، لكنها مسافة تكشف عوارا، ليس من الحكمة تجاهله أو إنكاره.
اختصر المسألة زميلنا المبدع والساخر في برنامج «تشويش واضح» على محطة «رؤيا»، وهو يعلق على «اتهام خطير» روجه نائب ضد وزير في اجتماع رسمي وتحت القبة.
نشر البرنامج مقطعا على لسان النائب عبارة يسأل فيها «من يضع حدا لهذا الوزير»؟
سؤال في منتهى الغرابة، رد عليه المذيع بسخرية: سعادة النائب، المفترض أن مجلس النواب هو الذي يضع الحدود في مواجهة السلطة التنفيذية.
أمام، أي نائب، صلاحيات تبدأ من سؤال – أي وزير- ثم استجوابه، ثم طرح الثقة به وبالحكومة وفي الأثناء مراقبته. لاحظوا معي «مراقبته» وليس «الاعتداء عليه شخصيا أو لأسباب شخصية».
التهام الوزير ثم التشهير به
ممارسة «سلطة الرقابة» لا تعني «الذم والقدح» ومخالفة القانون والنظام الداخلي أو الاتهام الجزافي بـ»الخيانة» تحت ستار «الحصانة» لأن أهم ما في الحصانة الدستورية كيفية ممارستها.
لا يريد التلفزيون الرسمي التدخل بشأن «السلطتين»، والعجيب أن الحكومة لا تريد منا نحن الشعب التدخل أيضا.
راقبت الدولة الأردنية برموزها ومؤسساتها ما قاله نائب بحق وزير المالية، وانشغلت حتى فضائيات متعددة في الخارج في الحديث عن «لغم» يشبه الحجر الذي ألقى به «مغامر ما» في البئر ويحتاج لكل عقلاء القرية – إن وجدوا – لإخراجه.
كل الدنيا «تفتي» بقصة حصلت تحت قبة البرلمان إلا الجهات الرسمية نفسها فقد قررت «الصمت».
ثمة مشكلة أكبر وأضخم بكثير من الوزير والنائب. ثمة «جنون» يلتهم تجربة الوطن ويتسلى على «القيم وهيبة القانون».
الوزير- أي وزير- إذا وقع على معاملة «بيع» تخص عقارا للدولة، يمكن أن «يبيت ببساطة» عند «خالته»، ويتحول إلى «كبش فداء»، عند أول منعطف يختص بـ»نيران صديقة تكافح الفساد».
وإذا لم يفعل يمكن تغليفه أيضا بهيئة «كبش فداء» يرتدي ربطة عنق، ويذبح بسلاسة لأغراض إثبات أن «الهندسة» كانت خيارا صائبا.
لا أحسد طبقة الوزراء، فهي مثل رغيف الذرة «مأكول ومذموم».
ديمقراطية العم نوري المالكي
لا يريد العم نور المالكي من الأجهزة الأمنية العراقية في المنطقة الخضراء التعامل بود مع المتظاهرين، الذين اقتحموا ما يسمى بالمجلس الوطني والبرلمان من التيار الصدري.
صاحبنا، وحسب قناة «الجزيرة» مجددا والتغطية التي تفردها للحدث العراقي قناة «الميادين» وجه انتقادات لاذعة، وتحدث بصلف عن غوغاء وعن مواطنين لا يحترمون القانون، مقترحا التصرف معهم بخشونة، للحفاظ على هيبة القانون، وطبعا دون تحديد منسوب الخشونة.
هل يقترح صاحبنا «السحق بالمجنزرات» على طريقة «بكين»، أم الجمال والخيول على النمط المصري، أم قليل من الهراوات وخطط تحويل السير مثل «النشامى»؟!
لا أحد يعلم أين كانت هيبة القانون في العراق، عندما سجلت التقارير الدولية أكبر نسبة هدر مالي في خزينة البلاد في عهد حكومة السيد المالكي؟!
«العراق- مولينكس» مجددا: «كاميرا الفضائيات»… تنابز بكل الألقاب… رايات وعمائم وفتاوى من كل حدب وصوب، وصور كبيرة للإمام مقتدى وعدة «أثلاث» معطلة، وحكومة لا تولد على الطريقة اللبنانية، وصراع دموي في الخندق الشيعي قبل الطائفي.
أحدهم على فضائية تحمل اسم «بغداد» كرر ما يقوله المالكي عن الغوغاء والرعاع، فيما تقول معلومات عراقية إن الإصرار على تطبيق هيبة القانون ودولة المؤسسات من قبل مجموعة المالكي، ومن لفيفهم جزئي أو بالقطعة أو حسب موسم الأمطار وسطوع الشمس. فعندما قرر فريق من القضاة والمدعين في الماضي التحقيق في ملف الأموال المنهوبة، قتل أحدهم وشرد الآخر، فيما يجلس ثالث على مقاهي عمان، مكتفيا ببعض الثرثرة والترحم على أيام صدام حسين، وقليل من الشاي.
الأهم ما قاله لنا تقرير بثته «سي أن أن» بعنوان «الديكتاتوريات العربية باقية وتتمدد»، من جنرالات التحول الصادم والمفاجىء على فضائية «السودان» الى الرئيس التونسي، الذي يمنطق وينظر لحكم الفرد بعد خبرة أكاديمية راهن عليها شعبنا التونسي المسكين، الى ما يحصل في مصر وبقية بلاد العرب أوطاني.
عرس الأحزاب
ختاما لا بد من ملاحظة: فضائية «المملكة»، التي تضع كل إمكاناتها الحوارية أمام انطلاق تجربة تحديث المنظومة السياسية والتبشير بمرحلة الأحزاب.
حسب المايكروفون، المرحلة الديمقراطية ومرحلة التحول نحو الأحزاب بدأت والقطار انطلق ولن يعاق.
مجددا، يغرقنا البعض بجدل الحصان والعربة: نحمد الله كلاهما موجود ويمكن التمهل حتى نصل للرابط بينهما.
ضروري في المقابل الإجابة على الأسئلة المرجعية قبل تفاصيل العرس الوطني الحزبي الجديد، حيث ما زلت أذكر ما قاله يوما الدكتور يعقوب ناصر الدين أمام حشد من المصفقين للتجربة الجديدة، فبرأيه الانضمام لحزب سيصبح شرطا للزواج عند خطوبة عروس أردنية بعد الآن!
نطمح بما هو أقل بكثير من ذلك الآن، وهو التوقف عن مضايقة الحزبيين كبادرة حسن نية، وخطوة أولى، ثم البحث عن «مأذون» يصلح لعقد قران الأحزاب، حتى ننجب «كتاكيت حلوين».
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان
*كل التوفيق للعراق بغد مشرق مزدهر إن شاء الله بعيدا عن الطائفية المقيتة والتعصب الأعمى.
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد.
حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين والحمدلله رب العالمين على كل حال.