ميدل إيست آي: الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا يناضل لتغيير السياسة تجاه القضية الفلسطينية بعد بولسونارو

محمد نون
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

التغييرات المرتقبة في سياسة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا تجاه فلسطين وإسرائيل، كانت محور مقال نشره موقع ميدل إيست آي للكاتبة إيمان أبوسيدو من فلوريانوبوليس في البرازيل.

وينقل المقال آراء عدد من المحللين والخبراء تفيد بأن ولاية الرئيس لولا دا سيلفا لن تعزز التحول السياسي اللازم لتغيير آمال الفلسطينيين، وذلك بعد أربع سنوات من حكم سلفه الرئيس جايير بولسونارو الذي كان يعتمد سياسة مؤيدة لإسرائيل.

وترى كاتبة المقال “أن الرئيس البرازيلي لم يَعِدْ مطلقا بتغيير شامل لنهج سلفه تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن بعد مرور ثمانية أشهر على توليه منصبه، ترك لولا دا سيلفا العديد من سياسات جايير بولسونارو المؤيدة لإسرائيل كما هي، مما أدى إلى الإحباط في برازيليا والأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وفي إشارة إلى حقبة ما قبل دا سيلفا، تقول الكاتبة إنه وخلال السنوات الأربع التي قضاها سلفه في منصبه، فقد “كسر بولسونارو المواقف القديمة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأيد بشكل قاطع الأجندة المتشددة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفشل في الاجتماع مع القيادة الفلسطينية، وكرر خططه لنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وبالمقابل فقد أوضح لولا دا سيلفا أنه يدعم حل الدولتين للصراع، لكنه ناضل على عدة جبهات لفصل نهجه عن نهج بولسونارو”.

ويضيف المقال “أنه وفي وقت سابق من هذا العام، حظي اليساري البالغ من العمر 77 عاما بإشادة النشطاء المؤيدين لفلسطين بعد خطاب ألقاه في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وانتقد فيه فشل المجتمع الدولي في إنشاء دولة فلسطينية.

كما نال استحسانًا لإدانته التوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير القانوني، ولقراره بإقالة السفير المثير للجدل لدى إسرائيل، “جيرسون ميناندرو جارسيا دي فريتاس”.

ويوضح المقال “أن هذه الإقالة كانت جزءًا من تغيير أكبر شهد أيضا إقالة سفير البرازيل لدى الولايات المتحدة الأمريكية والقنصل العام في نيويورك”.

عند هذا الحد يقول المحللون والناشطون إنه منذ ذلك الحين، لم يتغير الكثير في شكل السياسة البرازيلية.

ويرى المحلل السياسي البرازيلي ماركوس تينوريو في حديثه لموقع ميدل إيست آي “أن لولا دا سيلفا أراد أن يبعث برسالة إلى أصحاب الشأن الرئيسيين مفادها أن الحكومة البرازيلية قد تغيرت وستعمل الآن وفقا لمصالح البلاد العالمية والإقليمية”. ويضيف “إن البرازيل هي التي تملي ما ستكون عليه سياستها الخارجية وعلاقاتها مع الدول الأخرى ذات السيادة”، مشيرا “إلى أن برازيليا لن تحاول بعد الآن استرضاء واشنطن أو قطاع صغير من البرازيليين”.

ويوضح تينوريو: “لقد عادت البرازيل إلى الساحة الدولية بطريقة ذات سيادة وتبعث على الفخر، ووضع الرئيس دا سيلفا نفسه في موقف داعم لقيام عالم متعدد الأقطاب وانتقد مواقف الإمبريالية الأوروبية والأمريكية التي تخنق اقتصادات البلدان الناشئة”.

“إلغاء جميع الاتفاقيات”

وتعود الكاتبة إلى حقبة حكم بولسونارو، الذي تم تعميده في نهر الأردن في عام 2016، فترى أنه “كان يسترضي بشكل روتيني قاعدته اليمينية والمسيحيين الإنجيليين، على الرغم من قلق الفلسطينيين والكثير من الأطراف في المجتمع الدولي. فبعد خسارته انتخابات العام الماضي أمام لولا دا سيلفا، قام الآلاف من أنصار بولسونارو، باجتياح المحكمة العليا في البلاد، والقصر الرئاسي، والكونغرس، ومباني الوزارات في مشاهد تذكرنا بأعمال الشغب التي شهدها الكابيتول في الولايات المتحدة”.

وينقل المقال عن ثريا مصلح، الناشطة الفلسطينية البارزة والعضو في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) البرازيلية، قولها “إنه على الرغم من الترحيب بإدانة إدارة لولا دا سيلفا بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، إلا أنها بحاجة إلى الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد إصدار البيانات، بل ينبغي أن يلغي على الفور جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، وخاصة الاتفاقيات العسكرية”.

وقالت مصلح: “البرازيل هي خامس أكبر مستورد للتكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، ويتم اختبار هذه الأسلحة على أجساد الفلسطينيين”.

ووفقا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تشتري البرازيل حوالي 8.7% من أسلحتها التقليدية الرئيسية من إسرائيل.

وفي السنوات الأخيرة، شملت المشتريات صواريخ رافائيل سبايك إل آر المضادة للتوجيه، وطائرات بدون طيار من طراز هيرون 1، وبنادق تافور، وأنظمة رادار للمراقبة الساحلية عبر الأفق.

ووفقا لإحصائيات موقع ميدل إيست آي، فقد قُتل ما لا يقل عن 217 فلسطينياً على يد القوات الإسرائيلية هذا العام، من بينهم 38 طفلاً. ولقي ما مجموعه 181 شخصا حتفهم في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقتل 36 شخصا في قطاع غزة مما يجعل عام 2023 أحد أكثر الأعوام دموية في الأراضي المحتلة.

سياسة دا سيلفا بين إسرائيل وإيران

وعن السياسة بين إسرائيل وإيران، تقول أرلين إليزابيث كليميشا، أستاذة التاريخ العربي بجامعة ساو باولو، إنها غير مقتنعة بخطاب لولا دا سيلفا تجاه تل أبيب، وتوقعت أن تستمر العلاقات مع إسرائيل كما كانت من قبل حيث كان هناك تعاون اقتصادي وتكنولوجي وعسكري كبير بين البلدين.

“ففي يونيو/حزيران، وقعت البرازيل وإسرائيل خطاب نوايا لتبادل التقنيات والابتكارات في الموانئ والمطارات الوطنية”، حسبما صرح كليميشا لموقع ميدل إيست آي.

وتضيف قائلة: “لقد أظهر لولا دا سيلفا دعمه لفلسطين بطرق عديدة ولكن هذا لم يترجم إلى سياسة (على أرض الواقع)، حيث إن الاتفاقيات مع إسرائيل لا تزال قائمة، لذا يحتاج لولا إلى التحرك داخل حكومته والمجتمع البرازيلي من أجل تحقيق اختراق في موقف البرازيل تجاه إسرائيل”.

ومع ذلك، فإن المنطقة التي من المرجح أن يثير فيها لولا غضب إسرائيل هي إيران.

وفي الأسبوع الماضي، التقى لولا بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش قمة البريكس، في أعقاب الإعلان عن أن طهران ستكون واحدة من أحدث أعضاء الكتلة. وخلال ذلك الاجتماع، قال رئيسي إنه يتطلع إلى توسيع العلاقات التجارية مع البرازيل من الوضع الحالي البالغ حوالي 4.3 مليار دولار، وهو الأعلى مع أي دولة في الشرق الأوسط.

وكان لولا قد أثار بالفعل الدهشة في الولايات المتحدة وأوروبا عندما رفض بشكل قاطع إرسال أسلحة إلى أوكرانيا ثم سمح للسفن الحربية الإيرانية بالرسو في ريو دي جانيرو بعد أن رفض السماح لها في البداية.

ويقول المحلل السياسي البرازيلي ماركوس تينوريو “إن لولا دا سيلفا يعيد تنشيط مبدأ عدم الانحياز الذي تطبقه البرازيل منذ عقود من أجل صياغة سياسة تحمي مصالحها على أفضل وجه في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد”.

ويضيف: “أعتقد أن معضلة رسو السفن الإيرانية في فبراير كانت لا تزال في الفترة الانتقالية بين حكومة جايير بولسونارو والحكومة الجديدة، ولا أعتقد أنه كان هناك تحرك متعمد من قبل حكومة الرئيس لولا لخلق أي إحراج بشأن العلاقات الثنائية بين البرازيل وإيران”. وأضاف أن “البرازيل لعبت دورا مهما في مفاوضات الاتفاق الذي سمح لإيران بتطوير إمكاناتها النووية قبل أن تنتهك الولايات المتحدة هذا الاتفاق لاحقا”.

ويختم تينوريو قائلا: “من المرجح أن تعود العلاقات بين البرازيل وإسرائيل إلى الوضع الذي كانت عليه خلال إدارتي لولا الأوليين، بين عامي 2003 و2010، حيث أعطت البرازيل الأولوية للتجارة على الخلافات السياسية والأيديولوجية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية