لندن ـ “القدس العربي”:
نشر موقع “ميدل إيست آي” مقالا للكاتب بيتر أوبورن يقول فيه إن بوريس جونسون ليس رئيس الوزراء الحقيقي، بل من يتخذ القرارات هو مايكل غوف، وزير شؤون مجلس الوزراء.
ويكتب أوبورت: “مرت 17 سنة منذ أن قاد المحافظون الجدد بريطانيا والولايات المتحدة إلى الغزو المفجع للعراق. بحكم حجم الكارثة، قد يتوقع البعض أن يختفوا من الحياة العامة والسياسة”. إلا أن ذلك لم يحصل، فلم ينج المحافظون الجدد فحسب، بل ازدهروا. إن من فقد السلطة هم من عارض الحرب. ويعتبر الكاتب أن زعيم حزب العمال السابق، جيريمي كوربين، المثال الرئيسي على ذلك.
ويشير الكاتب إلى أنه في بريطانيا، يعد مايكل غوف اليوم الممثل الأبرز من تلك الأيام المظلمة عندما كانت الطبول تندفع للحرب في العراق. يتابع أن غوف هو القائد العام لمعاديي المسلمين في حزب المحافظين، بالإضافة إلى أكبر دعاة الحرب في بريطانيا وأكثرهم خبرة. حيث أنه لم يكن هناك غزو أجنبي أو تدخل لم يؤيده. ليس العراق فقط، بل أفغانستان وليبيا أيضاً.
في بريطانيا، يعد مايكل غوف اليوم الممثل الأبرز من تلك الأيام المظلمة عندما كانت الطبول تندفع للحرب في العراق
ويتابع الكاتب أن غوف كان وزير التعليم الذي دمر مسيرة العديد من المعلمين وأضر بفرص مئات الأطفال من خلال رده على “مؤامرة حصان طروادة” (بالإشارة إلى الادعاءات التي تم تلفيقها ضد مسلمي مدينة بيرمنغهام بأنهم يروجون للتطرف في المدارس). كما نعلم الآن، فإن ما يسمى بالمؤامرة الإسلامية للسيطرة على مدارس برمنغهام كانت ملفقة، كانت مجرد نظرية مؤامرة معادية للإسلام بتشجيع من غوف وأتباعه.
رئيس الوزراء الحقيقي
اعتبر أوبورن أنه في الحكومة الحالية، برز غوف كرئيس الوزراء الحقيقي لبريطانيا. احتفل بوريس جونسون الأسبوع الماضي بذكرى عامه الأول في رقم 10 داونينغ، إلا أن أوبورن يعتبر أن جونسون هو رئيس الوزراء بالاسم فقط. إنه مصافح مرح وجاد في بعض الأحيان خلال المناسبات العامة لكنه في الواقع لا يبذل الجهد والوقت الكافيين ليكون رئيساً جاداً، بحسب الكاتب.
وكشفت مقالة في صحيفة “صنداي تايمز” أنه في الأيام الحاسمة التي أدت إلى إغلاق البلاد نتيجة تفشي فيروس كورونا في المملكة المتحدة، تم إخبار المساعدين بإبقاء ملاحظاتهم الموجزة قصيرة جداً، إذا أرادوا أن يقرأها رئيس الوزراء لأنه كان مشتتا بسبب قضايا شخصية. وكشف المقال ذاته أن جونسون فشل في حضور أي من اجتماعات كوبرا الطارئة الخمسة الأولى للتعامل مع جائحة كوفيد 19.
واستشهد أوبورن بظهور جونسون في أسئلة رئيس الوزراء كل أربعاء في مجلس العموم، معتبراً أنه يظهر جونسون غير مستعد، وغير متمكن من التفاصيل. على سبيل المثال، ادعى جونسون الأربعاء الماضي أن زعيم حزب العمال كير ستارمر ظل صامتًا عندما تم تسميم رجل وامرأة روسيين في سالزبوري عام 2018. وفي الواقع، كان ستارمر قد أدان الهجمات علنًا، وبالتالي جاءت محاولة جونسون لتشويه سمعة زعيم المعارضة بنتائج عكسية لأنه لم يقم بالتأكد من الوقائع قبل مهاجمة خصمه.
العنكبوت في الشبكة
وصف الكاتب جونسون بدمية غوف الطموح وشديد الذكاء، الذي انتظر حتى وجد رئيس الوزراء ملتهياً وغير قادر على التعامل مع القضايا ليتدخل بهدوء ويستولي على مقاليد السلطة.
وأشار إلى أن قرار عدم تمديد مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يعود لغوف، وأبلغ مجلس العموم: “نحن نتطلع لإنجاز الأمور في يوليو. لا نريد أن تمتد العملية حتى الخريف، ثم الشتاء”. كما حمل الكاتب غوف مسؤولية ما وصفها بالحرب المدمرة على الخدمات المدنية.
وكان طرد أمين مجلس الوزراء مارك سيدويل انتصارًا لغوف، ويذكر أنه أخبر أحد أصدقاء سيدويل لصحيفة الديلي تليغراف: “كان محور غوف- كامينغز يزرع الخلاف بين رئيس الوزراء ومارك سيدويل”.
كما أخبر أحد الوزراء، نائب المحرر السياسي في صحيفة “التايمز”، ستيفن سوينفورد، فإن غوف “يبني إمبراطورية. وقد وضع نفسه في صميم كل قرار رئيسي في الحكومة”. ويستشهد سوينفورد في مقال له بوزير يتساءل: “هل فاز بوريس حقًا في الانتخابات حتى يتمكن من جعل مايكل غوف رئيسًا للوزراء؟”، ويصف عضو آخر في الحكومة غوف بأنه “عنكبوت في وسط الشبكة” الحكومية.
وبينما خف وجود بوريس جونسون خلال أزمة كوفيد-19 وأصيب بالمرض (حتى تساءل البعض عما إذا كان سيتعافى أصلاً)، كان غوف من أكد تقرير صنداي تايمز الذي قال إن جونسون غاب عن أول خمسة اجتماعات طارئة لكوبرا. واعتبر الكاتب أن غوف أظهر مرارًا قدرة هائلة على استخراج نفسه من مواقف غير واعدة.
عامل كامينغز
واعتبر الكاتب أن مستشار جونسون دومينيك كامينغز كان شخصية محورية في صعود غوف. عمل كامينغز كمستشار خاص لغوف خلال فترة عمله كوزير للتعليم تحت قيادة رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون. وتم تعيينه من قبل جونسون كمستشار أول في داونينغ ستريت وتم منحه سلطة هائلة لقيادة جدول أعمال الحكومة. من جهة، يقول أوبورن، ينصح كامينغز رئيس الوزراء، “لكنني أجد نفسي أتساءل عن ولائه”.
ويتابع الكاتب: “بالنسبة لجونسون، السياسة لعبة”، في المقابل، فإن غوف وكامنينغز عكس ذلك تماماً، فإنهم في الواقع أيديولوجيون. كلاهما يؤمن بشغف بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويشنون حرباً على المؤسسات البريطانية كهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، والخدمة المدنية، وفي الوقت المناسب، يقول أوبورن: “ليس لدي شك” بأنهم سيهاجمان السلطة القضائية. وختم الكاتب قائلاً: “بعد مرور عام على حكومة جونسون، يجب على غوف وكامينغز أن يحتفلا، هما رئيسا الوزراء الحقيقيان”.