باريس- “القدس العربي”:
تحت عنوان: “بعد الحرب الباردة، تستمر الحرب الباردة”، قال موقع “ميديابارت” الاستقصائي الفرنسي إن الجدل حول التجسس المحتمل في حاشية جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسية يرسم حقيقة أن عمليات التجسس التي تقودها موسكو آخذة في الازدياد، في وقت تبدو فيه السفارة الروسية في باريس محصنة في ”مناخ السوفيتي”.
وأشار الموقع إلى أنه خلال مداخلة في الفيلم الوثائقي المخصص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بث مساء الأحد على قناة فرانس 5، لم يكتف برنار باجولي، المدير السابق لجهاز المخابرات الخارجية (DGSE)، بالإدلاء بتصريحات غامضة أثارت حفيظة الوزير جان- إيف لو دريان؛ بل إنه أشار كذلك إلى ما هو واضح قائلا: “بعض حلفائنا في مكافحة الإرهاب يثبتون أنهم ألد أعدائنا من حيث التجسس، وفي مقدمتهم أجهزة الاتحاد السوفيتي السابق، التي أعاد بوتين تشكيلها”.
وفقًا للأسرار الأخيرة التي أدلى بها جهاز استخبارات لأحد محاوريه المتميزين في قلب الدولة، فإن التدخل الروسي اليوم أكثر حدة مما كان عليه خلال الحرب الباردة. لإجراء هذه المقارنة، تستند الخدمة الفرنسية إلى عدد الجواسيس المشتبه بهم في فرنسا، وكثافة محاولات تجنيد مصادر بشرية، وأيضًا تقنيات الاعتراض الرقمي وغيرها التي ينشرها جنود الظل لبوتين.
وهناك الكثير من الأمثلة على التدخل الروسي في السنوات الأخيرة؛ حيث إن الاستخبارات العسكرية الروسية تعمل بطريقة ضخمة وغير مقيدة للغاية في فرنسا”؛ يقول “ميديابارت” نقلا عن مصادر استخباراتية.
وفي كتابه “فرنسا الروسية” (2016)، يستحضر الصحافي نيكولاس هينين مذكرة سرية مشتركة بين الوزارات الفرنسية، جاء فيها أن الروس حددوا البيئة الفرنسية على أنها “متساهلة”، وهي حلقة ضعيفة في أوروبا، وباستخدام كلماتهم الخاصة، “ساحة لعب سهلة”. وتقول المذكرة إن “حوالي نصف الدبلوماسيين الروس في فرنسا هم عملاء استخبارات”. ومنذ ذلك الحين، أكدت سلسلة من الحالات أهمية هذه المذكرة المشتركة بين الوزارات.
في سبتمبر 2018، انتقدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي “عمل تجسس” بعد اقتراب قمر صناعي روسي للاتصالات في الفضاء من قمر صناعي فرنسي إيطالي للاتصالات. وفي فبراير 2019، كشفت الوزيرة نفسها عن محاولة اختراق رسائل البحرية من قبل مجموعة قراصنة تسيطر عليها روسيا.
وفي أحدث تقرير صدر في بداية الصيف، أشار الوفد البرلماني لدى أجهزة الاستخبارات إلى أنه خلال الأزمة الصحية المتعلقة بكورونا “زادت” مخاطر التدخل، حيث لاحظت الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية “ثباتًا معينًا لأنشطة التجسس ومحاولات التدخل أو التأثير التي تقوم بها الأجهزة الهجومية الرئيسية على الأراضي الوطنية”.
ويتم بعد ذلك إخفاء أسماء الأجهزة المذكورة، ولكن مصدرا في قلب هذه القضايا أكد لـ“ميديابارت” أن الأجهزة الروسية تعتبر إلى حد بعيد الأكثر هجومًا على المستوى الوطني الفرنسي، يوضح الموقع الاستقصائي الفرنسي.
وعلى الرغم من زيادة القضايا وتصريحات وزيرة الجيوش الفرنسية، إلا أن قصر الإليزيه لا يزال، على الأقل رسميًا، بطيئًا حيال الموضوع، وفق “ميديابارت”، الذي أشار إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون ظل منذ بداية فترته الرئاسية حريصًا على عدم الإساءة إلى فلاديمير بوتين كثيرًا.