ميديا بارت: إدلب.. بين المعاناة والمناورات

آدم جابر
حجم الخط
0

باريس-“القدس العربي”:

توقف موقع “ميديا بارت” الفرنسي عند الوضع في محافظة إدلب السورية والعملية العسكرية التي يقوم نظام الأسد بدعم روسي ومعاناة السكان مع القصف وانقطاع الخدمات الأساسية كمياه الشرب نتيجة تدمير البنية التحتية.

وفي مقال تحليلي، توقع الموقع الفرنسي أن يتم عقد صفقة بين النظام السوري والحكومة التركية، تحد بموجبها تركيا من دعمها لمقاتلي المعارضة السورية في إدلب مقابل السماح للجيش التركي بشن هجمات ضد جيوب الأكراد داخل سوريا.

وقال الموقع إن جيش النظام السوري مدعوما من الجيش الروسي يواصل قصفه الجوي على مناطق رئيسية في محافظة إدلب استعداداً لشن هجوم بري واسع قد لا يتم قبل الشتاء من أجل تضييق الخناق على المقاتلين واللاجئين بهدف السيطرة على المحافظة من قبضة تنظيم هيئة تحرير الشام، التي تضم ما بين 15 و30 ألف مقاتل وإلى جانبها تنظيم حراس الدين والتنظيم الإسلامي في تركستان وهما تنظيمان يتبعان لتنظيم القاعدة ويتألفان من حوالي 3 آلاف مقاتل.

ويزعم الموقع أنه تجري في الوقت ذاته، مفاوضات بين النظام السوري وتركيا بغية التوصل إلى اتفاق في أفق الهجوم البري المتوقع يسهل مهمة النظام في استعادة إدلب نظير إعطاء الضوء الأخضر للجيش التركي لشن هجمات في منطقة شرق الفرات ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية التي تتهمها الحكومة التركية بالعمل مع حزب العمال الكردستاني.

ويشير الموقع الفرنسي إلى أن عملية السيطرة إدلب تدخل في صلب الصراع الاستراتيجي بين النظام وروسيا وتركيا وأمريكا حيث تتداخل مصالح هذه الأطراف.

 فبالنسبة للنظام تشكل استعادة إدلب أولوية مطلقة لأنها تقع على المحور الرابط بين اللاذقية ودمشق وتعني استعادتها انتصارا للنظام. أما روسيا فترى في بقاء إدلب تحت سيطرة مقاتلي المعارضة والتنظيمات المسلحة تهديدا لمصالحها خاصة أنها لا تبعد كثيرا عن قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة احميميم الجوية في اللاذقية إضافة إلى أن السيطرة عليها يعني انتصار حليف موسكو في دمشق.

وفيما يتعلق بتركيا الداعم الأبرز للتنظيمات المسلحة في المنطقة؛ فتخشى من تدفق نحو مليون نازح إليها سينضافون لنحو 3,6 مليون لاجئ في حال شنت قوات النظام عملية برية في إدلب. لكن هاجس النزوح ليس الوحيد لدى أنقرة؛ فالأولوية المطلقة بالنسبة لأردوغان تتمثل في منع الأكراد السوريين من التنسيق مع أكراد تركيا. وتبدو تركيا مستعدة للتخلى عن حلفائها في محافظة إدلب ذات الثلاثة ملايين ساكن مقابل إعطائها الحق في التدخل عسكريا بمنطقة شرق الفرات خاصة مناطق كوباني والجزيرة الكرديتين، حيث يزعم “ميديابارت” أن المفاوضات بهذا الشأن متقدمة بين دمشق وأنقرة.

ويقول الموقع الفرنسي إن صفقة مشابهة حدثت من قبل بين الطرفين تحديداً شهر يونيو/حزيران من عام 2018 عندما سيطرت تركيا على بلدة عفرين مقابل سيطرة النظام على محور حماه-حلب دون مقاومة من المسلحين المعارضين.

أما الموقف الأمريكي فيعكس سياستين إحداهما للرئيس دونالد ترمب الذي يمنعه الموسم الانتخابي من التهور وسحب الوحدات العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا؛ والثاني للجنرالات الأمريكيين الذي يحاولون بناء علاقات قوية مع المقاتلين الأكراد دون المساس بالعلاقات مع أنقرة الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة في حلف الناتو.

وينقل “ميديا بارت” عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله إن الولايات المتحدة تعتقد أن نظام بشار الأسد كسب المعركة لكنها ترفض الاعتراف له بذلك وتنوي وضع عقبات على الأرض أمامه وأمام حلفائه الروس والإيرانيين. ويزعم الموقع أن الأمر يبدو من الصعوبة بمكان؛ حيث تتحرج أمريكا من دعم المسلحين المتهمين بالإرهاب.

فالتنظيمات الموجودة في إدلب هي تنظيم هيئة تحرير الشام مدعوم من تنظيمي حراس الدين والتنظيم الإسلامي لتركستان المصنفان تنظيمين إرهابيين. وسبق لمستشار وزير الخارجية الأمريكي المكلف بسوريا جويل رايبورن أن صرح لمسؤولين أوروبيين أن واشنطن عرضت على أنقرة دعم هيئة تحرير الشام في إدلب شرط انفصال الهيئة عن التنظيمين الآخرين. لكن هذا الشرط تصعب الاستجابة له لأن التنظيمين المذكورين يمثلان نسبة 10% من القوة القتالية لهيئة تحرير الشام وتعول عليهما كثيراً في المعارك البرية، كما أن تخلي قائد الهيئة أبو محمد الجولاني المصنف أمريكياً كإرهابي عن التنظيمين يعرضه لخطر الاغتيال كما يقول فابريس بالانش الباحث المتخصص في الشأن السوري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية