ميديا بارت: تغيير تقي الدين لروايته لن يمحو الأدلة ضد ساركوزي بشأن “التمويل الليبي” لحملته

آدم جابر
حجم الخط
5

باريس- “القدس العربي”:

توقف موقع ميديابارت الاستقصائي الفرنسي عند التطورات الجديد في قضية التمويل الليبي المزعوم لحملة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي؛ مشيرة إلى المقابلة التي أجراها زياد تقي الدين رجل الأعمال الفرنسي-اللبناني “المفلس والذي انهارت إمبراطورتيه” بعد إدانته في قضية كراتشي.

مع مجلة “باريس ما تش” وتلفزيون “بي أف أم” الفرنسيين، حيث أكد أنه لم يكن هناك تمويل ليبي للحملة الرئاسية. في عام 2007، لكنه أبقى على روايته التي تفيد بأنه قدم أموالًا لكلود غيان. وقد سارع الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي إلى تهنأة نفسه بالقول إن الحقيقة في طريقها إلى الظهور، وهو الذي كان قبل أيام قليلة يصف تقي الدين بـ”الكذاب”، يلفت الموقع الفرنسي.

رجل الأعمال حول الاتهام إلى العدالة الفرنسية قائلاً إنها جعلته يقول عكس ما كان يفكر في قوله تقريبًا خلال ثماني سنوات في قضية التمويل الليبي؛ وصرح في مقابلة مع “مجلة باريس ماتش” التي تملكها مجموعة لاغردير والتي يعد نيكولا ساركوزي عضوا في مجلس الرقابة الخاص بها، أنه لم يودع أموالا ليبية في وزارة الداخلية في عهد ساركوزي، عكس ما أدلى به لموقع ”ميديا بارت” ولمصالح الشرطة وأخيرا إلى القضاء الفرنسي.

وقال “ميديابارت” إنه وللأسف بالنسبة إلى الرئيس الأسبق ساركوزي والمقربين منه فإن هذا “الانقلاب التكتيكي” ليس بإمكانه محو الأدلة التي جمعتها الشرطة والقضاة في القضية الليبية، خاصة التحويلات التي قامت بها الحكومة الليبية في عام 2006 إلى أحد حسابات زياد تقي الدين الخارجية، بما في ذلك حوالي 4,5 مليون يورو حولت إلى حساب خاص لصديق مقرب لساركوزي في باهاماس، قبل أن يتم سحبها نقدا هنا في فرنسا؛ وهو موضوع أكثر من محرج بالنسبة إلى نيكولاس ساركوزي.

من جهة أخرى، اعتبر “ميديابارت” أن ساركوزي يريد أيضًا أن ينسى الجميع أن القاضيين أود بوريسي ومارك سوميري لديهما العديد من الأدلة المادية الأخرى على مرونته مع نظام معمر القذافي. فهذا التراجع الجزئي لزياد تقي الدين عن تصريحاته التي يواصل فيها اتهام وزير داخلية ساركوزي السابق كلود غيان بجمع الأموال الليبية، أتى بعد شهر كامل من توجيه القضاة مرة أخرى الاتهام إلى نيكولا ساركوزي في القضية الليبية، لكن هذه المرة بتكوين “جماعة إجرامية”.

فبعد أربعة أيام من الاستجواب من قبل القضاة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اضطر نيكولا ساركوزي، المحاصر أمام الأدلة التي تراكمت عليه في التحقيق، إلى التخلي عن أقرب مساعديه، بريس أورتفو وكلود غيان، وهاجم بشدة زياد تقي الدين، ووصفه بأنه “معتوه براءة اختراع” و”مناور عظيم ماهر” و”عديم الضمير”.

بعد مرور شهر- يقول ميديا بارت- أصبحت كلمات وتصريحات تقي الدين ذات مصداقية، حيث صرح ساركوزي بأن الحقيقة تظهر أخيرًا، الرئيس السابق هنأ نفسه في بيان، قائلا إن المتهم الرئيسي يعترف بأكاذيبه. لم يمنحني أي أموال ولم يكن هناك أي تمويل غير قانوني لحملتي في عام 2007. والآن، يستعد نيكولا ساركوزي يستعد بالفعل لتقديم طلب بالفصل أثناء التحقيق والشروع في إجراء إدانة تشهير ضد تقي الدين ويطلب أن تلقي السلطات القضائية الضوء على الاتهامات الخطيرة بخصوص حياد بعض القضاة.

وفي بيان صحافي نُشر يوم الخميس الماضي حذت شخصيات عديدة في حزب “الجمهوريين” اليميني المحافظ حذو ساركوزي بإدانة “المضايقة” القضائية ضد الرئيس السابق والتحيز الموجه الذي من شأنه إضعاف الديمقراطية. وهي اتهامات، فندها المدعي المالي جان فرانسوا بونرت، في بيان له يوم الخميس الماضي، قائلا إن التهم الموجهة إلى القاضي تورنيير خالية من أي أساس وأن لوائح الاتهام ضد نيكولا ساركوزي في القضية الليبية تستند إلى أدلة جدية أو متوافقة لا تقتصر على أقوال شخص واحد.

ومضى ميديابارت إلى التوضيح أنه خلال شهر  أكتوبر / تشرين الأول من العام الماضي وأثناء “محاكمة كراتشي”- وهي أيضًا قضية تمويل خفي للسياسة الفرنسية مع دول أجنبية- تراجع تقي الدين بالفعل ولم يفده قضائيا هذا التحول في روايته. وما يزال الوسيط في هذه هاربا حتى اليوم، فيما أدين زياد تقي الدين وآخرين مقربين لنيكولا ساركوزي باختلاس 160 مليون يورو على خلفية مبيعات الأسلحة مع باكستان والمملكة العربية السعودية، وحكم عليه في يونيو/ حزيران الماضي بالسجن خمس سنوات، وقام باستئناف الحكم. وقد تغيب خلال النطق بالحكم الصادر بحقه، وتم إصدار مذكرة إحضاره واعتقاله، علما أنه لم يظهر في فرنسا منذ ذلك الحين، حيث عاد إلى لبنان بلده الأصلي والذي لا يسلم رعاياه.

حقيقة بالنسبة إلى ساركوزي، وخرافة بالنسبة إلى غيان

ورأى “ميديابارت” أنه إذا كان تراجع تقي الدين عن تصريحاته في “قضية كراتشي” قد مكنه من تجنب جلسة الاستماع من قبل المدعين العامين، ولا سيما من قبل نيكولاس بازير، شاهد زفاف نيكولا ساركوزي في عام 2008، فإنه ما يزال من الصعب تحديد دوافع إدلاء زياد تقي الدين بهذه التصريحات الجديدة في قضية التمويل الليبي لحملة ساركوزي. فقبل شهر، خلال استجواباته الأربعة من قبل القضاة، واجه نيكولا ساركوزي لأول مرة أرشيف تقي الدين الذي يثبت دوره الرئيسي كوسيط في التحضير للقضية الليبية، وكذلك علاقته المقربة جدا من كلود غيان وبريس أورتفو، اللذين كانا يعملان تحت السلطة المباشرة لنيكولا ساركوزي، الذي لم يعترف شخصيا سوى باجتماعين فقط مع الوسيط قائلا إنه لم يلتق به مجددا بعد 2003. لكن في هذا العام بالذات جاء الوسيط إلى مكتبه على وجه التحديد برفقة بريس أورتفو للاتصال بأمير سعودي وإقناعه بالتوقيع على اتفاق كبير لتأمين الحدود.

وقد شهد سائقان لزياد تقي الدين على لقاءاته العديدة مع بريس أورتفو- الذي جاء عشرات المرات إلى منزله، وفقًا للشهادات وكذلك مع كلود غيان، مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، في حانة فندق بالقرب من وزارة الداخلية، ثم في المنزل.

الرواية التي طورها نيكولا ساركوزي أثناء استجوابه في بداية أكتوبر/ تشرين الأول هي أن الوسيط  كان سيختلس الأموال الممنوحة من الليبيين. ساركوزي أضاف أن الأمر الأكيد أن زياد تقي الدين أراد اختلاس الأموال لكنه خاف من الليبيين فاضطر إلى القول إن الأموال ستذهب إلى نيكولا ساركوزي. وفي النسخة الطويلة من المقابلة التي نشرت الخميس في مجلة “باري ماتش”، أعلن زياد تقي الدين أنه أخبر القضاة بما يريدون سماعه لأنه لم يكن خائفا من الليبيين، بل خوفا من أن توجه التهم إليه، مؤكدا أنه فهم  أن هدف القضاة كان تحطيم ساركوزي؛ وهي رواية تعتبر ذات مصداقية بالنسبة إلى نيكولا ساركوزي الذي اعتبر بأن تقي الدين اعترف بأكاذيبه وقال الحقيقة في الأخير.

تقي الدين، أكد في المقابلة أنه سلم في منزله حقيبة بها 5 ملايين دولار إلى كلود غيان وفقا للعقد الأمني بين فرنسا وليبيا الذي يعود إلى عام 2015. وهو، عقد لتأمين تكنولوجيا المعلومات وأنظمة الاتصالات لتدريب الكوادر الليبية في فرنسا بدورات شهرية. دفعت ليبيا مبلغ 5 ملايين دولار. من هنا إذن، حول تقي الدين روايته من توزيع للأموال عام ألفين وسبعة إلى تحويل مالي عام ألفين وخمسة، وتحولت العملة من اليورو إلى الدولار، كما تغيرت الرواية من تسليم على دفعات مختلفة إلى تسليم واحد في بيت زياد تقي الدين. لكن في الروايتين يظل كلود غيان هو المستفيد، على عكس ساركوزي.

“ميديابارت”، قال إنه تواصل مع وزير داخلية ساركوزي السابق كلود غيان، الذي رد على رواية تقي الذين الجديدة، حيث  تحدث عن “خرافة” تندرج تحت “الخيال الخالص” عندما يتعلق الأمر بتصريحات تقي الدين الجديدة والتي وصفها نيكولا ساركوزي بأنها حقيقة.

في الواقع، فإن زياد تقي الدين لم يربط منذ أطروحته الأولى بشكل مباشر تسليم هذه المبالغ نقدًا بحملة نيكولا ساركوزي الرئاسية، وكان يشرح بالفعل أن الخمسة ملايين تبرر باتفاقيات تعاون بين قطاعات معينة للبلدين.

وهذه المرة يشير الوسيط إلى “عقد لتأمين أنظمة الكمبيوتر”. ومع ذلك، إذا كان التفاوض على عقد من هذا النوع مع ليبيا نيابة عن شركة I2e-Amesys ، فقد كان ذلك في عام 2006 -ولم يتم التوقيع حتى مارس/آذار 2007. لذلك ، من الصعب تحديد “الحقيقة” من خلال هذه النسخة الجديدة من الوسيط، التي يبدو واضحا أن هدفها الوحيد يصب في خدمة المصالح القانونية لنيكولا ساركوزي -ونيكولا ساركوزي فقط.

من ناحية أخرى، كان قد ثبت بالفعل أن تقي الدين ينشر الأكاذيب في أعمدة مجلة “باري – ماتش” في محاولة لتبرير حصوله على جزء من الأموال (440 ألف يورو) التي قامت بضخها الدولة الليبية في فبراير/ شباط  2006 على حساب خارجي لتييري جوبير أحد المقربين من نيكولا ساركوزي، رجل الأعمال تحدث عن محاولة منه لمساعدة جوبيير في بناء حمام سباحة في فيلته في كولومبيا.

لسوء الحظ، عندما سمعت الشرطة في سبتمبر/ أيلول عام 2011 عن قضية كراتشي، أشار تييري جوبير نفسه في التقرير إلى أنه بنى منزلًا به حوض سباحة في كولومبيا مقابل 300 ألف دولار خلال عامي 2001 و 2002 ، أي أربع سنوات على الأقل قبل وصول المال الليبي. من هنا بالضبط تأتي قناعة القضاة الفرنسيين، ومن هنا يتحول بناء حوض السباحة إلى تمويل للجمهورية كما أعلن ذلك زياد تقي الدين على نحو غير صحيح لمجلة “باري ماتش”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول S.S.Abdullah:

    أساس مشاكل أي نظام بيروقراطي في نظام الأمم المتحدة، من أين نحصل على (المال السياسي)، ودور المحاسب والمحامي القانوني، في تجاوز لغة القانون وأسلوب صدور الأحكام قانونياً على هذه الجرائم من نخب (آل البيت لشعب الرّب المُختار)، سبب أي هدر اقتصادي ومشاركة إيرادات (دولة الحداثة) في دخلها، على أرض الواقع،

    ما ورد من تفاصيل تحت عنوان (ميديا بارت: تغيير تقي الدين لروايته لن يمحو الأدلة ضد ساركوزي بشأن “التمويل الليبي” لحملته) والأهم كيف إيجاد حلول لتجاوز الأزمة الاقتصادية، ولماذا؟!

    فرنسا أو أوربا، ومشكلة اللاجئ بعد 2008

    https://youtu.be/TsKKnSatntA

    حسب تقرير العربية في عام 2019، مؤتمر عودة اللاجئ السوري، كان فكرة فرنسية،

    وكان المكان الأول له بيروت،

    السؤال، لماذا تم نقله إلى دمشق؟!

    لأن على أرض الواقع، في نظام النفاق والرياء، وكلّه تمام يا أفندم، في فرض النظر إلى نصف القدح المليء، في وسائل الإعلام الرسمية، وتقليدها كالببغاوات، بقية أهل الإعلام في الدولة بشكل عام،

    لا يمكن إلا أن يحصل كما حصل مع ‏فريق البث المباشر لمؤتمر عودة اللاجئين في ‎دمشق، عام 2020،

  2. يقول S.S.Abdullah:

    عندما نسي إغلاق الميكرفون، في استراحة ما بين الجلسات، وأخذ يستهزئ من تواجد الحضور وأنهم فقط للتصفيق مثلما حصل في مؤتمر ‎سوتشي-روسيا،

    مؤكداً أن الشعب السوري في الداخل، يتمنى الهروب إن سنحت له الفرصة، وأنه لن يتأخر عن الهجرة خارج سوريا أبداً،

    السؤال ماذا بخصوص روسيا، ما دام الفضائية الروسية هي التي نقلت الموضوع، وماذا بخصوص مقاطعة المنتجات الفرنسية، الآن؟!

    وبخصوص فشل تسويق عملية التطبيع، مع النموذج الاقتصادي عن الكيبوتسات/المستعمرات) في الكيان الصهيوني، ما نشرته جريدة الهاراتس من تحليل

    جميل يا شاهد، وتصديقا لقول رب ضارة نافعة، الرابط الذي أرسلته،

    السؤال، إن كان الإعلام اليهودي، يعترف بفشل نموذج إقتصاد الكيبوتسات/المستعمرات، الذي تم بناء الكيان الصهيوني عليه،

    عندما سافر إلى دول مجلس التعاون، وشاهد بنفسه واقع حال تقدم إقتصاد (بدو) دول مجلس التعاون في الخليج العربي، مقارنة بالنفخة الكذّابة لبالون إعلام الكيان الصهيوني عن التاجر اليهودي (الفاشل في أجواء سوق العولمة، مقارنة بالبدو على الأقل)، في عام 2020، سبحان الله.??
    ??????

  3. يقول إبن كسيلة:

    غريب كيفية تعامل الصحافة مع هاته القضية …..؟ و كأنوا القضاة في فرنسا ” سذاج ” يتهمون رئيس أسبق بمجرد كلام السيد تقي الدين …..؟ و الله العقل أصبح عاجز عن فهم ما يحصل للأغلبية من البشر

  4. يقول صالح/ الجزائر:

    لكن لبنان ، الذي لا يسلم رعاياه ، لم يقم برد فعل مناسب عندما رعيته ، وهو رئيس حكونة ، في الرياض .
    يبدو أن لبنان (أو بيروت) بدأ يتحول رويدا رويدا ، مع الأسف ، إلى مزبلة للمجرمين الكبار الهاربين من عدالة بلدانهم (الجزائر ، اليابان ، فرنسا …) ، بينما تغادره في نفس الوقت الأدمغة وعلى رأسها الأطباء .

  5. يقول نجمة:

    الظاهر انه اخذ بقشيش ثقيل من ساركوزي او وعود للدفاع عنه بما انه فار الى لبنان من العدالة و هو محكوم عليه بخمس سنوات سجن نافذة اما القضاة يا اخ ابن كسيلة ليسوا سذجا فساركوزي متابع و هو متورط في عدة ملفات رشاوي منهم قضية تمويل حملته الانتخابية من طرف القذافي معمر

إشترك في قائمتنا البريدية