في خضم الاصوات التي هاجمت يئير لبيد باهتمامه بالسيدة كوهين من الخضيرة، فاجأني أن أجد صوت ميرتس ايضا، فقد هاجمت زهافا غلئون كالجميع مستويات أجرة السيدة كوهين ودعت الى الاهتمام بالطبقات الضعيفة أكثر، وقد بالغ عيساوي فريج الذي هاجم لبيد لأنه يهتم بالسيدة باركوفيتش من رمات أفيف. أنا مصوت لميرتس أسكن في رمات أفيف وأعرف حولي غير قليل من أشباه باركوفيتش. وقد فازت ميرتس في صندوق اقتراعي بأكثر الاصوات بل تغلبت على يوجد مستقبل وحزب العمل. ويُبين فحص عن أكثر الأحياء الحسنة الحال في المدن الكبيرة والبلدات الحسنة الحال التي هي أصغر، يُبين نسب تصويت عالية لميرتس. ومن المنطق ان نفترض ان جزءا كبيرا من انجاز ميرتس في الانتخابات الاخيرة يُرد الى فضل هؤلاء المصوتين والمصوتات. الحديث عن مصوتين يؤيدون ميرتس في الأساس لأنهم يُعرفون أنفسهم بأنهم يسار سياسي، ويبحثون عمن يدعو بأصفى صوت الى وقف مشروع الاستيطان وانهاء الاحتلال والتوصل الى اتفاق حقيقي مع الفلسطينيين، وهم يبحثون ايضا عن أصفى صوت فيما يتعلق بموضوعي الدين والدولة ويسعون الى دولة لا يضر بحياتهم العلمانية فيها قوانين دينية ومؤسسات دينية وداعون الى توبة الناس، تنفق عليها جميعا الدولة، وتحظى فيها جميع الاوساط بمعاملة بالمساواة. وهم بلا شك أصحاب وعي اشتراكي ويؤيدون مضاءلة الفروق وتقوية الطبقات الضعيفة، لكن ليس هذا هو الذي جعلهم يصوتون لميرتس (لأن اولئك الذين يهمهم المجال الاقتصادي الاجتماعي أكثر من كل شيء آخر فضلوا ان يصوتوا هذه المرة لحزب العمل أو حتى للجبهة الديمقراطية للسلام). وليس الاهتمام بالطبقات الضعيفة بالنسبة اليهم هدف كل شيء بل هو جزء من تصور عام انساني يطالب ايضا بمساواة النساء في الحقوق ووقف التمييز على الأقليات ومعاملة العمال الاجانب بالعدل، ولهذا أيدوا ميرتس ايضا حينما تولى قيادة الحزب اشخاص مثل أمنون روبنشتاين أو يوسي بيلين اللذين لا يمثلان بيقين يسارا اجتماعيا اقتصاديا. لم يختر أشباه باركوفيتش هؤلاء حزب يوجد مستقبل لأنهم خافوا من الموقف السياسي الغامض الذي يريد تفاوضا لكنه لا يريد اتفاقا بالضرورة، ويُصر على وحدة القدس ويؤيد الكتل الاستيطانية (وقد كان هذا الخوف حقا كما أثبت الحلف مع البيت اليهودي). وخافوا ايضا من موقف يوجد مستقبل من شؤون تتعلق بحقوق الفرد بسبب تأليف القائمة الحزبية، وهم لم يختاروا حركة لفني لأن لفني خيبت آمالهم في الماضي ولأنها ايضا تتوصل الى الاستنتاجات الصائبة من الاسباب التي هي أقل صوابا كالتهديد السكاني والأكثرية اليهودية. ولم يصوتوا في الأساس لحزب العمل لأنه اختار الطمس على الموقف السياسي ولم يتمسك قط حقا بموقف قوي من شؤون الدين وحريات الفرد. وكان البرنامج الحزبي الاجتماعي ـ الاقتصادي الذي عرضته شيلي يحيموفيتش متطرفا جدا بالنسبة لجزء منهم على الأقل. كان اخفاق يحيموفيتش النسبي هو الأخير في سلسلة اخفاقات اضطرت اليسار الى ان يواجه تناقض التصويت الطبقي فالطبقات الفقيرة تصوت لليمين الذي يلائمها اقتصاديا في حين تميل الطبقات الحسنة الحال الى اليسار، وهذا بلا شك عديم المنطق (وإن كانت فيه ميزة ايضا لأنه يُحدث استقرارا، فالميل الى اليمين يمنع الطبقات السفلى من الخروج في ثورات عنيفة، وميل الطبقات الحسنة الحال الى اليسار عائق عن خطوات اقتصادية ليس فيها تقدير اجتماعي)، لكن هذا هو الوضع. تستطيع ميرتس ان تجعل الاهتمام بالطبقات الضعيفة في رأس برنامجها الحزبي ومع ذلك سيرفضونها ويرونها اشكنازية جدا ومثقفة جدا وحسنة الحال جدا، وهذه الحقيقة تلطم اليسار مرة بعد اخرى. وتوجد من جهة اخرى طبقة كبيرة من مصوتي ميرتس في الواقع والاحتمال، معنية بالسكن في مدينة كبيرة وليبرالية، ويتبين لها ان الأجرة التي نسبها لبيد الى السيدة كوهين بعيدة عن أن تكفي لعيش حسن. جعل لبيد نفسه بوق المصوتين من هذه الطبقة الذين يُعرفون أنفسهم بأنهم وسط ويمين. أفليس من المناسب ان تصبح ميرتس بوق اولئك الموجودين في اليسار منهم؟ أوليست هذه استراتيجية أصح من معاودة محاولة مراودة من يرفض ميرتس أصلا؟. حتى لو أراد مصوتو ميرتس ان يحارب ممثلوهم من اجل الطبقات الضعيفة فليس من الواضح لماذا تُصر غلئون وفريج على فعل ذلك مع بصقهما في وجوه جمهور مصوتيهم المخلص ويتبنيان مواقف معادية لهم واسلوبا مُضرا بهم. فاذا كان الليكود قد إبتل في الانتخابات الاخيرة لأنه تنكر لناخبيه فان ميرتس ستغرق اذا تنكرت لناخبيها الطبيعيين.