ميزانية لبيد هي اختيار اضطراري

حجم الخط
0

ليست ميزانية الصفر مصطلحا معيبا بل هي مصطلح اقتصادي يتناول امكانية تحديد ميزانية عامة لدولة لا تعتمد على الميزانية السابقة، مع زيادة ما يسمى ‘طيارا آليا’ (وهي ملاءمات مختلفة بحسب الواقع الاقتصادي)، وتحدد من جديد ترتيب الأولويات وتترجمه الى أرقام. وكان يمكن أن نتوقع ان يحاول من سأل ‘أين المال’ ان ينشيء ميزانية صفر، لكن يئير لبيد الذي وجد نفسه فجأة في منصب وزير المالية، لم يفعل ذلك، وستكون الميزانية العامة التي ستصوت عليها الحكومة اليوم مشابهة لسابقتها مشابهة عجيبة.
قد يدافع عن لبيد أنه لم يكن يملك وقتا. وكان يجب على لبيد ان يسارع الى تقديم ميزانية عامة، ولا يمكن تقديم ميزانية صفر بصورة ارتجالية. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد. إن السبب الرئيسي لذلك هو أنه حينما دخل الى المالية وزير ليست له أجندة (وليس المس بالحريديين بديلا عن مذهب عام)، أو ليس له علم (ويُقال في حقه إن لبيد لا يحاول ان يعرض نفسه بأنه متعلم ذاتي أفنى لياليه بقراءة كتب في الاقتصاد) فانه يُجذب الى الاختيار الاضطراري الاختصاصي.
إعلموا أن الوزير يقضي أكثر ساعات النهار قرب مختصين وهم: مستشاره الاقتصادي ومديره أو مديرته العامان، والمحاسب العام، ومفوض الضريبة وكثيرون آخرون. وهو لا يفهم دائما الكلام المختصر الذي يستعملونه والرسوم البيانية التي يتحدثون عنها والمصطلحات التي يتبادلونها بينهم. ويصبح أكبر تحدياته الفوز بتقدير الناس الذين معه، وحينما يقول أحد منهم لصحفي إن الوزير الجديد يفهم الامور سريعا ويرد كما يجب يكون ذلك أهم عنده من تأييد الجمهور في تلك اللحظة.
تتألف هيئة الموظفين المختصة كلها أو أكثرها من اشخاص شباب، ومن طلاب اقتصاد متميزين، يكونون على يقين من ان السير في الخط الاقتصادي المحافظ هو أصوب عمل يحمي اسرائيل من ازمات شديدة، وأن الساسة تحركهم بواعث سياسية قصيرة الأمد وهم معنيون بالنجاح سريعا ولا يدركون الضرر الذي يُحدثونه بقراراتهم المخطئة. ويكون الموظفون على حق في حالات كثيرة. وقد عاد لبيد الى المدرسة ولم يعد الولد العاصي الذي كان في حداثته. وهو الآن يريد أن ينجح في نظر الاساتذة، والاساتذة هم المختصون المحيطون به والذين يفحصون عن كل كلمة له، والذين يبتسمون مغطين أفواههم بأكمامهم حينما يتحدث بحماقات ويمنحونه إطراءات حينما يتحدث بلغتهم.
ليست ميزانية لبيد تعبيرا عن تصور حكومة نتنياهو العام أو حركته الغامضة هو نفسه. بل هي ميزانية يقترحها مختصون وهم مستعدون للدفاع عنها. واذا تجاوزنا الخطر الكبير الذي هو تعميق آخر كبير للفروق في المجتمع الاسرائيلي فان فيها خطر إحداث تباطؤ كبير في سير الجهاز الاقتصادي بسبب إبطال وسائل نمو دون تحد حقيقي.
لم يجد لبيد أين المال، واذا كان قد وجده فانه أدهشه الكشف عنه وفضل ألا يمس الجيوب العميقة التي يوجد فيها. وقد وجد الاجوبة الصحيحة في مدرسته الجديدة لأنه ليس عنده بديل قيمي عن اقتراحات المختصين في وزارته.

اسرائيل اليوم 13/5/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية