بيروت- “القدس العربي”: اختتم رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي زيارة لقطر حيث شارك في الجلسة الافتتاحية لـ”منتدى الدوحة” والتقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس وزراء قطر الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني حيث تمّ التشديد على رأب الصدع في العلاقات اللبنانية العربية وتحديداً مع دول الخليج.
وعقد ميقاتي اجتماعاً مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، عشية وصول وفد رفيع من الصندوق إلى بيروت لاستكمال البحث مع الحكومة في برنامج التعاون الإصلاحي مع لبنان.
وكان الرئيس ميقاتي أكد “أن الحكومة تسعى جاهدةً لإعادة التعافي إلى الاقتصاد اللبناني وسيظهر ذلك قريباً”. وقال “لدينا مشاكل عدة نحاول كحكومة معالجتها، وخصوصاً الأمن الغذائي نسعى لأن نؤمّنه بالإضافة إلى متابعة الأمور الماليّة والاقتصاديّة”.
وجدّد التأكيد على “انتماءَ لبنان العربي”، مشيراً إلى “أننا بحاجة لرعاية عربيّة، فالفراغ لا يسدّه إلا من أخطأ بخصوص لبنان، ولكننا نعي تماماً أن قطر إلى جانبنا وكل الدول العربية ودول الخليج خصوصاً ستُعيد علاقاتها مع بلدنا ونحن بحاجة لهذه التطورات”، كاشفاً “أن وزير الخارجية القطرية سيزور لبنان قريباً”.
وتأتي عودة ميقاتي في وقت يستعد مجلس النواب لمناقشة قانون “الكابيتال كونترول” في ظل تباينات بدأت تظهر حول صيغة المشروع المقترح. وقد حذّر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من “دس أي قانون لقيط حول الكابيتال كونترول لحماية مافيا المصارف وشرعنة ابتلاع ودائع الناس، وشروط النقد الدولي فلتذهب إلى الجحيم، لأن البلد بقلب كارثة وجودية ماليًا ونقديًا ومعيشيًا”.
وتوجّه إلى من سمّاهم “جماعة المصالح الخارجية” بالقول “الجوع بالأرض، والكارثة المعيشية التي تطحن الناس بين الزواريب، والاقتصاد ضحية أسوأ فساد سياسي مالي نقدي تجاري بتاريخ لبنان، وقصة لا خيار إلا صندوق النقد والرضوخ لأنيابه تماماً كنحيب زيلنسكي بالأمس أمام نفاق الأطلسي وواشنطن، والمطلوب من الحكومة تعويم العملة الوطنية وليس التفتيش عن طريقة لحماية الرؤوس التي حان قطافها”.
أما بالنسبة إلى دعوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى جلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء المقبل عشية جلسة استجوابه لدى قاضي التحقيق فتطرح علامة استفهام حول موقف وزراء العهد والتيار الوطني الحر منها في ضوء أنباء عن احتمال مقاطعة وزراء التيار وحزب الله الجلسة في حال حضور الحاكم.
وعلى خط قضائي آخر، وبعد الادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من قبل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي، كان موقف متقدم للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي سأل “ماذا تفعلون أيها المسؤولون السياسيون، أكنتم في الحكم أم خارجه؟ ماذا تفعلون لتقصروا هذا الليل الحالك الظالم الذي وضعتم فيه لبنان وشعبه ومؤسساته؟ ونتساءل: أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لليل الانهيار وتسيّب الحدود ومداخيل جمارك المطار والمرافئ والضرائب والفواتير والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما لليل الفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيّس والمركبة ملفاته مسبقاً أن ينجلي؟ أما لليل تلفيق الاتهامات والدعاوى والسكوت عن أخرى ساطعة أن ينجلي؟ أما لليل تجميد التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت أن ينجلي؟ أما لليل الخروج عن الدولة والشرعية والجيش أن ينجلي؟ أما لليل الهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق أن ينجلي؟ أما لليل ضرب المؤسسات الأساسية والمصارف وحجز أموال المودعين وضرب الاقتصاد الحر أن ينجلي؟ أما لليل تلوين كل شيء بالطائفية والمذهبية أن ينجلي؟ أما لليل طمس حقيقة مرض لبنان السياسي القاتل أن ينجلي؟ أما لليل مفهوم الدولة أن ينجلي بمكوناتها الثلاثة: أرض وشعب ومؤسسات، وبوظائفها الأربع: وحدة القوة المنظمة، ووحدة العلاقات الدبلوماسية، ووحدة فرض الضرائب وجبايتها، ووحدة إدارة السياسات العامة؟”.
الراعي يسأل أما لليل القضاء الانتقائي وليل تلفيق الدعاوى والاتهامات أن ينجلي؟
وأضاف الراعي في إشارة إلى دعوى القاضية غادة عون ضد الإعلامي مارسيل غانم “إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان. لا، إن حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان. حذار من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها”.
وتابع: “أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقاً. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار”.
وختم قائلا: “لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل”.
وكان جعجع توقّف عند ما سمّاها ”محاولات عزل وتطويق وترهيب وإلغاء القوات”، معتبراً أن “آخر تجلياتها ما نشهده في الموضوع السياسي والانتخابي والقانوني من محاولات شيطنة وعرقلة تشكيل لوائح وحملات دعائية مبرمجة، وصولاً إلى عمليات الترهيب المباشرة، من الاعتداء على اللوحات الانتخابية، أو على سكان عين الرمانة بالقنابل الصوتية، وآخر محاولة في هذا السياق، كانت قرارات قضائية خلقت ميتة لأنها ضد كل قانون، وبعكس كل عدالة، وهي فقط مجرد محاولة جديدة يائسة فاشلة لتلطيخ صورة القوات اللبنانية، ليش القوات؟ لأنّون بيعرفوا انّو بدّا وفيا”.
وقال: “إلى الذي يضحك بعبّه أو يتفرّج ويقول أنا ما خصني، أو يشارك من تحت الطاولة بضحكة صفراوية في شيطنة القوات، نؤكد له أنه مسكين لا يعرف، ومن الضروري أن يعرف، أنه، إذا لا سمح الله، استطاع حزب الله عرقلة القوات، يعني أن دوره آتٍ عاجلاً أم آجلاً، وعندها سيتذكر المقولة الشهيرة أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.
وتوجّه جعجع ضمناً إلى التيار والحزب قائلاً “إلى الصحافة الصفراء والبرتقالية، والتي تروّج أن القوات تستفز الشارع السنّي في عكار أو في مناطق أخرى”، فلفت إلى أن “من يستفز الشارع السني هو من دعم نظام الأسد ضد شعبه وليس من كان مع الشعب السوري ضد الجلاد، ومن احتضن الحوثي تحت عباءته ليهز استقرار اليمن والسعودية، وليس من يطالب الحياد ثم الحياد ثم الحياد، لأن لبنان لا يستطيع معاداة الدول العربية. ومن يستفز الشارع السني هو الذي حاصر السرايا وقام بـ7 أيار/ مايو وأسقط رئيس الحكومة على مدخل البيت الأبيض، وأنزل القمصان السود وحاول ضرب التحقيق الدولي وصدقية المحكمة الدولية ويخفي المرتكبين حتى هذه اللحظة، لا من نزل إلى السرايا لمساندة رئيس الحكومة في وجه الترهيب والاغتيال المعنوي، ودعم المحكمة الدولية”.
وقد أكد الحزب التقدمي الاشتراكي رفضه الادعاء على جعجع والإجراءات بحق المصارف والإعلامي غانم، وأشار في بيان إلى “أن الممارسات الحاصلة في استخدام بعض القضاء باستنسابية سياسية، قد تخطت كل الحدود وباتت تنذر بعواقب وخيمة. فغريب جداً كيف أن قضية وطنية كالتحقيق في انفجار المرفأ تتجمد دون أي تحرك باتجاه الحقيقة، فيما تتحرك ملفات أخرى “بسحر مستشار” تارة للنيل السياسي وربما الانتخابي كما هو الحال في الادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وطوراً بحق الإعلام وحرية الرأي والتعبير تحت مسميات شعبوية تتلطى خلف حقوق الناس”.