بيروت-“القدس العربي”: في انتظار زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بيروت يوم الأحد، مازالت الهموم الحياتية والاقتصادية والمالية تثقل كاهل اللبنانيين ويزيد من عبئها عدم انعقاد مجلس الوزراء بسبب عدم الاتفاق بعد على حل للتحقيق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت. وتحسباً لمذكرة التوقيف التي أصدرها القاضي طارق البيطار بحق الوزير علي حسن خليل، فصلت “حركة أمل” مجموعة لتوفير الحماية للمعاون السياسي للرئيس نبيه بري، وترافق ذلك مع تحذير من خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة التي قد تستدعي تحركات لمناصري الحركة في الشارع وفوضى قد تتطوّر إلى أحداث دراماتيكية.
وفي ظل هذه الإشكالية، اعتبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “أن استقالة الحكومة أهون الحلول ولكنها أكبر الشرور، لو كانت الخطوة تؤدي الى حل فأنا لا أتردد في اتخاذها، لكن الاستقالة ستتسبب بمزيد من التدهور في الأوضاع، وقد تؤدي الى إرجاء الانتخابات النيابية”. وأكد أن الحكومة مستمرة في عملها والاتصالات جارية لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وأي دعوة إلى عقد جلسة من دون التوصل إلى حل للأزمة الراهنة، ستعتبر تحدياً لمكوّن لبناني وقد تستتبع باستقالات من الحكومة، ولذلك فأنا لن أعرّض الحكومة لأي أذى”.
وسأل ميقاتي المطالبين باستقالة الحكومة “هل الأفضل هو وجود حكومة أو عدمه؟ وتالياً أيهما أفضل وجود حكومة بصلاحيات كاملة أم حكومة تصريف أعمال؟”، مطمئناً “أن هناك قراراً دولياً بعدم سقوط لبنان وبوقف تردي الأوضاع واستمرار الانهيار الحاصل”، لافتاً إلى “مظلة خارجية وداخلية تحمي عمل الحكومة”.
وفي حوار بين ميقاتي ومجلس نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزف قصيفي أوضح “أن التعاون تام بيني وبين رئيس الجمهورية ميشال عون ، والكلام عن خلافات هدفه تأجيج التوتر السياسي في البلد، وكذلك الأمر في العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري التي لا تشوبها شائبة، والتواصل معه مستمر لإيجاد حل لموضوع استئناف جلسات مجلس الوزراء. وعلى صعيد الحكومة فإن معظم الوزراء يعملون بجدية وكفاءة ونحن نتعاون كفريق واحد”.
وعن الاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبينه قال ” كان الاتصال جيداً وفتح آفاقاً جديدة للعلاقات وتم الحديث عن اتفاق على صندوق معيّن للمساعدات بين فرنسا والسعودية عبر الجمعيات والمؤسسات الإنسانية”.
وعن الانتخابات النيابية قال “نحن في صدد اتخاذ كل التدابير لإجراء الانتخابات قبل 21 أيار/مايو 2022 ليكون لدينا مجلس نيابي منتخب مع الأخذ بالاعتبار ما هو وارد في القانون الساري المفعول. وسندعو الهيئات الناخبة مطلع العام الجديد.أما تاريخ إجراء الانتخابات فهو مرتبط حتماً بما سيصدر عن المجلس الدستوري في شأن الطعن المقدّم بقانون الانتخاب”.
وعن ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت أجاب: “منذ اليوم الأول قلت وأكرّر إن الحكومة لا شأن لها بأي أمر قضائي، وعلى القضاء أن يتخذ بنفسه ما يراه مناسباً من إجراءات، وأيضاً عليه تنقية نفسه بنفسه. لا يمكننا أن نتدخل في عمل قاضي التحقيق أو استبداله، وفي الوقت ذاته هناك نصوص دستورية واضحة تتعلق بدور وعمل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء يجب تطبيقها، وإذا اتخذت الهيئة العامة لمحكمة التمييز قراراً يتطابق مع هذا النص الدستوري نكون قد وضعنا الملف على سكة الحل، ويكمل قاضي التحقيق عمله بشكل طبيعي”.
تزامناً، أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أنه “إذا دخلت السياسة أبواب المحاكم، خرجت العدالة منها”. وقال خلال قسم قضاة اليمين القانونية “قد يظن كثيرون، أنه زمن الإحباط، لكنه زمن الأمل أيضاً، قد يظن البعض، أنه زمن اليأس، لكنه زمن الصمود أيضاً، قد يظن آخرون، أنه زمن السقوط، لكنه سيتحول حتماً زمناً للنهوض. أنه في الحقيقة والواقع، زمن لتكريس استقلالية السلطة القضائية، فلنكن جميعاً جدداً وقدماء، قضاة متضامنين موحدين تحت راية هذه الاستقلالية، دفاعاً عن قضية قضائية، لا ينال منها تعرض أو تهجم أو تجن أو كلام غير مسؤول”.
وسأل عبود “ما هو المطلوب من القضاء! ما هو المطلوب منا! ما هو المطلوب منكم! إذا كان المطلوب، أن يكون القاضي مستقلاً ونزيهاً، أن يكون منتجاً ومتجرداً وحراً، وإذا كان المطلوب أن يكون القضاء غايتَنا الوحيدة ولا غاية سواها، لا أن يكون وسيلة إلى مناصب سياسية أو مواقع أخرى، فهذه نظرتنا الى القضاء، الذي ترغبون ونرغب فيه”.