بيروت- “القدس العربي”: دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “إلى تحييد لبنان عن صراعات المنطقة والعالم كافة”، وشدّد في الكلمة التي ألقاها باسم لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على “أننا نريد لبنان ساحة تلاق وليس ساحة فرقة، نريده مساحة للحوار وليس التنافس”.
وتطرّق إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، مؤكدا رغبة بلاده “الصادقة في التوصّل إلى حلٍ تفاوضي طال انتظاره”، وقال: “يسرّني إعلامكم بأننا أحرزنا تقدماً ملموسا نأمل أن نصل إلى خواتيمه المرجوة في وقت قريب”.
وأضاف “إننا نعوّل كما دوماً، على مساعدة أصدقاء لبنان الدوليين، وفي طليعتهم الدول العربية الشقيقة، التي لا غنى للبنان، البلد العربي الهوية والانتماء والعضو المؤسس لجامعة الدول العربية، عنها”، مشيراً إلى “أن أزمة النزوح السوري باتت أكبر من طاقة لبنان على التحمّل”، ومؤكداً “أن القضية الفلسطينية تبقى القضية الأم التي تعيق تحقيق السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.
واستهل الرئيس ميقاتي كلمته بتوجيه الشكر إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومؤسساتها “على الجهود التي تقوم بها من أجل مساعدته والمساهمة في تخفيف تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمرّ بها”، وقال “أخص بالشكر قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” لما تبذله من تضحيات وجهود من أجل الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، بالتنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني الذي نتطلع معكم وعبركم إلى تعزيز قدراته العسكرية وتخفيف الأعباء المادية عليه”، مؤكداً “التزام لبنان التام بتنفيذ كامل مدرجات القرار 1701 وكافة قرارات الشرعية الدولية”.
وأضاف “أما فيما يتعلق بترسيم حدودنا البحرية بوساطة أمريكية مشكورة ومرحّب بها، وبرعاية أممية، يهمني أن أؤكد مجدداً تمسك لبنان المطلق بسيادته وحقوقه وثروته في مياهه الإقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة، مكررين أمامكم رغبتنا الصادقة في التوصّل إلى حلٍّ تفاوضي طال انتظاره. ويسرني إعلامكم بأننا أحرزنا تقدماً ملموسا نأمل أن نصل إلى خواتيمه المرجوة في وقت قريب”.
وشرح رئيس الحكومة “ما يواجهه لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية اجتماعية في تاريخنا، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة أبنائه”.
وقال “إضافة إلى التدهور الاقتصادي الحاد وغير المسبوق، وانهيار سعر صرف العملة الوطنية إلى أدني مستوى تاريخي لها، والاغلاقات العامة التي فرضتها جائحة كورونا، ناهيك عن فاجعة انفجار مرفأ بيروت الذي نحرص على جلاء الحقيقة بشأنه، وتبعات الأزمة السورية وأعباء النازحين، وجدت الحكومة اللبنانية نفسها أمام أزمة سياسية غير مسبوقة، حتّمت علينا السير ببطء وحذر شديدين في حقل أَلغامٍ سياسيةٍ واقتصادية، لتدارك الوضع وتأسيس الأرضية المناسبة للمساهمة في الوصول بالبلاد إلى بر الأمان. وفي هذا السياق قامت حكومتنا بتوقيع اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، وإننا نتعهد من هذا المنبر السير قدماً بكل الاصلاحات التشريعية والإدارية الضرورية للخروج من محنتنا الحاضرة. ونحن نعول في هذا الإطار، كما دوماً، على مساعدة أصدقاء لبنان الدوليين، وفي طليعتهم الدول العربية الشقيقة، التي لا غنى للبنان، البلد العربي الهوية والانتماء والعضو المؤسس لجامعة الدول العربية، عنها. إن انتماء لبنان العربي وريادته في الالتزام بالقضايا العربية هما ترجمة لما جاء في دستوره وفي اتفاق الطائف الذي أنهي الحرب الأهلية الدامية التي عصفت ببلادي. ولا بد من أن أؤكد، تكراراً، التزامنا التام بهذا الاتفاق، وعدم تساهلنا مع أية محاولة للمس بمدرجاته، إضافة إلى تجديد الالتزام بمبدأ النأي بالنفس الذي انتهجناه منذ حكومتنا الماضي سعيا لإبعاد وطننا قدر المستطاع عما لا طاقة له عليه”.
وأثار ميقاتي مشكلة النزوح السوري قائلاً “لقد حرصنا منذ مطلع الأزمة السورية على اعتماد سياسة الحدود المفتوحة إيماناً منا بالاعتبارات الإنسانية، أما اليوم فقد باتت أزمة النزوح أكبر من طاقة لبنان على التحمّل. يهمّنا كذلك التأكيد على أن الدستور اللبناني وتوافق جميع اللبنانيين يمنعان أي دمج او توطين على أراضيه وأن الحل المستدام الواقعي الوحيد هو في تحقيق العودة الآمنة والكريمة إلى سوريا في سياق خارطة طريق ينبغي أن يبدأ العمل عليها بأسرع وقت وبتعاون كافة الأطراف، وتوفير مساعدات إضافية نوعية للدولة اللبنانية ومختلف إداراتها وبناها التحتية التي تنوء تحت عبء تدفق كبير للنازحين منذ أكثر من عشر سنوات”.
القضية الفلسطينية تبقى القضية الأم.. وأزمة النزوح السوري باتت أكبر من طاقتنا على التحمّل
وعن القضية الفلسطينية قال “تبقى القضية الفلسطينية القضية الأم التي تعيق تحقيق السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. إن الظلم الواقع بحق الشعب الفلسطيني آن أوان رفعه وتحقيق الدولة الفلسطينية السيدة والمستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن بما في ذلك قرار عودة اللاجئين إلى ديارهم. وفي سياق الكلام عن اللاجئين الفلسطينيين اسمحوا لي أيضاً بالتشديد على محورية الدور الذي تقوم به الأونروا في خدمة أهداف الأمم المتحدة ومقاصدها من خلال مساهمتها في رفع قسم من الغبن اللاحق باللاجئين الفلسطينيين والمساعدة في تحقيق قدر من التنمية والاستقرار الاقليميين. وفي هذا السياق نعبّر عن بالغ قلقنا من الحالة المالية الحرجة للوكالة وللعجز المتراكم في موازنتها، مما يعرّض تقديم خدماتها للخطر”.
وكان الرئيس ميقاتي التقى في نيويورك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في حضور وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ولبّى دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمشاركة في لقاء حواري عن الأمن الغذائي في العالم، في مقر بعثة فرنسا في الأمم المتحدة. واستقبل نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج ثم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.