بيروت- “القدس العربي”: حزم رئيس حكومة تصريف الأعمال حقائبه تحضيراً للمغادرة إلى بريطانيا للمشاركة في مراسم دفن الملكة إليزابيت قبل توجّهه إلى نيويورك حيث سيشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. واستبق مغادرته بزيارة قام بها إلى قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون. ولدى مغادرته بعبدا لم يشأ ميقاتي التصريح لكنه اكتفى بالقول لدى توجهّه إلى سيارته “بعد عودتي من الخارج سأزور فخامة الرئيس، ولن أغادر القصر حتى تتألف الحكومة”.
ومن بعبدا انتقل الرئيس ميقاتي إلى مجلس النواب الذي انعقد لمناقشة مشروع موازنة عام 2022 حيث وقف شاهداً على انتقادات لاذعة وجّهتها إلى حكومته وموازنتها معظم الكتل النيابية.
واستهلت الجلسة بتلاوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان تقرير اللجنة الذي اعتبر “أن الرؤية الاقتصادية والاجتماعية تغيب عن الموازنة”، وأوضح “أن الواردات المقدرة بأكثر من 39 ألف مليار ليرة لبنانية غير واقعية في ضوء حالة الانكماش التي يعاني الاقتصاد اللبناني منها منذ عدة سنوات، والتي تفاقمت من جراء أحداث السابع عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019 وجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، والانخفاض الهائل في سعر صرف العملة الوطنية”. ولفت إلى “أن السيناريوهات المعدة من وزارة المال لأسعار الصرف ما بين 12 ألفا و16 ألفا و20 ألفا لن تؤمن الواردات المطلوبة ما يفقد الموازنة التوازن، لأن الواردات لا تكفي حتى لتغطية الرواتب والأجور والمساهمات المخصصة للرواتب والأجور والمنافع الاجتماعية وخدمة الدين”.
وكشف “أن الحكومة أجرت، بناءً على طلب اللجنة، تخفيضاً على النفقات والإيرادات فأصبحت النفقات 37.834 مليار ليرة، أي بتخفيض مبلغ 9.49 مليار ليرة، وأصبحت الإيرادات 24.312 مليار ليرة في حال اعتماد سعر صرف يبلغ 12 ألف ليرة، و 25.085 مليار ليرة في حال اعتماد سعر صرف يبلغ 14 ألف ليرة”.
ولاحظ رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “أن مشروع الموازنة يعكس الواقع المالي الذي تتخبط فيه البلاد وأرقام الموازنة تكشف عمق الأزمة الخانقة التي نعايشها”، معتبراً “أن الموازنة مجافية شكلًا للأصول المعتمدة”، وقال “ليس للحكومة ورئيسها ووزير ماليتها أن يتباهوا بإنجاز مشروع الموازنة كما ليس لنا أن نحمّلهم حصراً مسؤولية ما آلت إليه الأمور في بلادنا”. وربط موقف الكتلة من الموازنة بجواب الحكومة على تأمين المستلزمات الضرورية للمواطنين.
واقترح النائب جميل السيّد رد الموازنة إلى الحكومة، معتبراً أنه “بما أننا أمام موضوعين حسّاسين: تعطيل الحكومة والفراغ الرئاسي فأقترح المبادرة إلى عقد جلسة مناقشة للوضعين الحكومي والرئاسي في أقرب فرصة”.
وسأل النائب آلان عون “ألم يحن الوقت لأن نقتنع بأن الشعبوية والسياسة لا مكان لها في زمن المعالجات؟”، قائلا “الناس بحاجة إلى حلول وليس إلى سجالات وتقاذف مسؤوليات”.
ووصفت النائبة بولا يعقوبيان الموازنة بأنها “تركيب طرابيش” وأنها “مشروع ساقط في الشكل قبل المضمون وهي لعبة أرقام لا تستند إلى خطة استراتيجية وستؤدي إلى مزيد من الانكماش وستبقي الثقة مفقودة”. ولفتت إلى “أن الأداء من سيّء إلى أسوأ ونحن اليوم أمام فرصة تاريخية من أجل إثبات أن هذا المجلس فعلاً سيّد نفسه ويتحمّل مسؤولية تاريخية لإنقاذ الوطن”.
وقد تمّت مقاطعة النائبة يعقوبيان من قبل نواب “تكتل لبنان القوي” عندما خاطبت الرئيس بري قائلة “نحنا منعرف إنك ناطر هالأيلول من 6 سنين فلماذا لا تحدّد جلسة للانتخابات الرئاسية؟”، فأجابها “هذه صلاحيتي وأنا أقدّر عندما يكون هناك شيء من التوافق سوف أدعو إلى جلسة، والمغامرة أن ندخل إلى المجلس وألا يكون هناك توافق ويكون هناك تفرّق، لذلك التروّي مطلوب في هذا الموضوع وعندما أجد شيئاً من التوافق لا الإجماع سوف تجدونني أحدد جلسة فوراً”. لكن النائب العوني شربل مارون قال ليعقوبيان “خبريني شو عندك من بعد الرئيس حتى تقدميه غير إنك تبكي؟”، فردّت عليه “تاركتلك الضحك إلك”. وسألها “هناك فرق بين الثورة والإنجازات فخبرينا شو قدّمتوا؟”. فقالت “الحكم معكم أنتو مش معنا فإنتو خبرونا شو عملتوا؟”. وانتهى السجال بعد تدخّل الرئيس بري.
وأكد النائب جورج عدوان “أن هذه الموازنة شكلية، وأعظم خطّة من دون دولة لتنفيذها “ما إلها معنى” ولا توصلنا إلى أي مكان”، متمنياً “تحديد جلسات نقاش عامة تُطرح فيها خطة التعافي التي تتكلم عنها الحكومة”. وتساجل عدوان مع الرئيس ميقاتي حول الخطة بعدما قال له رئيس الحكومة “هيئتك مش قاريها”، فأجابه “تمنيت ويا ريت ما قريتها”، وأضاف لميقاتي “وجّه كلامك إلى دولة الرئيس بري”، فتدخّل رئيس المجلس وقال “أنتو الاثنين وجّهوا كلامكم إلي”.
واعتبر النائب أسامة سعد “أننا نخرق الدستور والنظام الداخلي للمجلس ولا نبالي”، وسأل رئيس الحكومة “لماذا لم تأتِ الموازنة الخرقاء هذه في توقيتها وهل على النواب مخالفة الدستور والنظام؟”.
وتستمر جلسات الموازنة على أن تنتهي بالتصويت عليها، إذ يتوقّع أن تنال أغلبية هزيلة في ظل رفضها من قبل كتل نيابية وامتناع كتل أخرى عن التصويت.