تركت مقاطعة كتل نيابية الجلسة التشريعية لمجلس النواب وجلسة انتخاب اللجان النيابية ندوباً على العلاقة بين رئيس البرلمان نبيه بري وعدد من هذه الكتل، لكن الندوب الأكبر جاءت على العلاقة التي تربط بري بقيادة الجيش وخصوصاً بعدما أعلن الرئيس بري تعليقاً على تعطيل الجلسة وعدم تمكّن النواب من الوصول إلى ساحة النجمة «أنّ الكتل النيابية أوفت بما وعدت به على صعيد الحضور إلى المجلس النيابي ولاسيما للمشاركة في جلسة انتخاب اللجان النيابية، الا انه مع الأسف، هناك جهات أخرى نَكلت بما وعدت به، ورُبَّ ضارة نافعة».
وما لم يقله بري صراحة قاله عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار الذي حاول الوصول إلى البرلمان سيراً على الاقدام واستمع إلى هتافات المحتجين «يسقط حكم الأزعر». واللافت أن كلام عمار أطلقه من عين التينة منتقداً أداء القوى الامنية بقوله « رأينا ضباطاً وجنوداً يتفرّجون على نواب الأمة وهم يهانون على الحواجز من دون أن يحرّكوا ساكناً وخصوصاً بعدما وعد قائد الجيش أنه بقدر ما سيحمي المتظاهرين سيكون حريصاً على حماية حرية وحق التنقل، لكن للأسف ما شهدناه هو شكل من أشكال الريبة مما يوحي بأن هناك تواطؤاً ما على المؤسسة الأم التي هي المجلس النيابي».
وإزاء هذه المواقف، أوضح مصدر عسكري عبر LBCI أن «الجيش اللبناني كان مكلفاً بتأمين الطرقات العامة المؤدية إلى مداخل مجلس النواب اما المداخل فكانت بعهدة قوى الأمن الداخلي». وكانت صحيفة «الاخبار» تحدثت عن «انقلاب الحريري والجيش على بري»، ورأت أنه «لم يكُن عابراً الأسلوب الذي تصرفت وفقه المؤسسات الأمنية، التي لم تستطع فتح مسرب واحد لدخول النواب إلى ساحة النجمة، علماً بأنها كانت قد تعهّدت بذلك، لكنها عادت وأمّنت خروج من استطاع الوصول منهم». وقالت « في وسط الأحداث التي طبعت نهار الثلاثاء «وصلَ الجواب إلى قيادة الجيش بأن الرسالة وصلت»، متسائلة «عمّا إذا كان التعامل مع قطع الطرقات هو خنوع لطرف ما أو تنفيذاً لتوجيه ما»، ولا سيما أن قائد الجيش جوزيف عون أكد منذ يومين أن «الجيش لن يسمح بإقفال الطرقات، وسيحفظ في الوقت عينه أمن المتظاهرين».
ونقلت الصحيفة عن مصادر نيابية قولها «على ما يبدو، يستسيغ قائد الجيش تجربة الرئيس السابق ميشال سليمان. فهل يسير (العماد جوزف) عون في الطريق ذاته مع تدخلات أمريكية كثيرة تتجلّى في تساهله مع قطع الطرق، وصولاً إلى نكثه بكلامه الذي أكد فيه قبلَ ثمانٍ وأربعين ساعة من الجلسة رفض قطع الطرقات؟».
وكانت أجواء فريق 8 آذار لفتت إلى أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتغيّب كتلته عن الجلسة التشريعية وضع نفسه رسمياً في مواجهة 8 آذار في الشارع «، ولاحظت تنسيقاً في الموقف بين جنبلاط والقوات اللبنانية إلى جانب الرئيس الحريري بعدم حضور الجلسة ، منتقدة « إيحاء جنبلاط وقائد الجيش بأنهما يقفان في الوسط قبل أن يتضح عملياً أنهما جزء من 14 آذار».
استياء لدى «8 آذار» من أداء قائد الجيش واتهامه بالانقلاب على بري
وقد ردّ عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله على هذه الاجواء وعلى الاتهام بالعودة إلى 14 آذار فقال لـ « القدس العربي» « نحن لم نخرج من 14 آذار لنعود ، خرجنا في اللحظة المناسبة حماية للسلم الاهلي ، ولا يزايدنّ علينا أحد ويصنّفنا كما اقرأ واسمع ، كنا وسنبقى حماة الاستقرار الداخلي والسلم الاهلي وكل ما يخدم هذا الاتجاه سنقوم به، مع احترامنا لأدبياتنا وفكرنا ، فنحن حزب كمال جنبلاط ولا يمكننا ادارة ظهرنا للناس وأن يقوم البعض بشيطنة وتخوين كل الناس».
وعما اذا كان «اللقاء الديمقراطي» نكث بوعده للرئيس بري بحضور الجلسة قال «ما يجمعنا بالرئيس بري أكبر بكثير مما يتكلم عنه الاعلام مع احترامنا له ، ونحن لم نعِد الرئيس بري بالحضور لأننا عندما نعِد نفي، والرئيس بري يتفهّم موقفنا ونحن احترمنا شهيدنا علاء أبو فخر واحترمنا ارادة شبابنا وجمهورنا وبيئتنا الضاغط علينا منذ بداية الاستقالة».
وعما ينتظرون من رئيس الجمهورية للبدء في استشارات التكليف قال «لا نعرف ماذا ينتظر رئيس الجمهورية وهو يُسأل عن الأمر ،وفي كل الأحوال ما يحصل الآن هو تخطّي للدستور، وهذا التكليف من خلال تسريبات كما جرى مع الوزير السابق محمد الصفدي هو تخطٍ لكل الاعراف وللدستور».
تزامناً ، أعلن الرئيس بري أمام النواب في لقاء الاربعاء النيابي «أن الخاسر الأكبر بالأمس كانت الفتنة والرابح الأكبر كان لبنان والسلم الأهلي”، لافتاً حسب ما نقل عنه النائب علي بزي إلى أن « الرهان كان على تعميم الفراغ الذي حذّرنا منه مراراً وتكراراً وكان المطلوب في الغرف السوداء التخطيط لإراقة الدماء وهو ما لا نقبله والأولوية كانت وستبقى لبنان والسلم الأهلي».