بغداد ـ «القدس العربي»: كشف النائب السابق عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللويزي، عن عمليات تهريب للنفط يمارسها الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، في مناطق سهل نينوى وغرب المدينة، وفيما أشار إلى أن خطة فرض القانون (في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2017) توقفت عند المناطق النفطية، أكد أن الجهات المستفيدة من إخراج لواء الشبك في «الحشد الشعبي» هم حزب بارزاني ومحافظ نينوى الأسبق، أثيل النجيفي.
اللويزي قال لـ«القدس العربي»، إن «كل الأجهزة الأمنية (العاملة في نينوى) ترتكب انتهاكات، وهذه الممارسات مشخّصة وجرى الحديث عنها»، مبيناً أن «هذه الممارسات تعيد للأذهان الممارسات التي كان يرتكبها الجيش قبل عام 2014، والتي كانت إحدى الأسباب التي خلقت فجوة بين الجيش والحاضنة الاجتماعية، والتي أسهمت بالتالي في بروز تنظيم الدولة الإسلامية».
وأضاف: «التركيز على هذه التجاوزات الآن يأتي لأغراض سياسية»، مشيراً إلى أن «سهل نينوى، قبل عام 2014، كان يمثل منطقة نفوذ للحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني)، وكان يتواجد فيه أقوى ألوية البيشمركه، لكنه انسحب من المنطقة من دون أن يطلق رصاصة واحدة، وسلّم جميع الأقليات في المنطقة إلى تنظيم الدولة».
وأكد أن ذلك اللواء «كان يبرر تواجده في المنطقة بحماية الأقليات، والأخيرة كانت تعتقد أن هذه القوات هي مصدر ثقة ومن الممكن أن توفر الحماية لهم، لكنهم انسحبوا وتركوا المسيحيين والشبك والإيزيديين لقمة سائغة لتنظيم الدولة، سواء في سهل نينوى (شمال شرق نينوى) أو في سنجار (شمال غرب نينوى)».
وتابع: «قبل أحداث حزيران / يوليو 2014، كانت هناك 16 وحدة إدارية في نينوى تخضع بشكلٍ كامل للحزب الديمقراطي الكردستاني، وتكاد تكون خارج سيطرة الحكومتين المحلية والاتحادية».
توازنات سياسية
وعلّق اللويزي على قرار مشاركة لواء 30 في «الحشد» مع بقية التشكيلات الأمنية والعسكرية، في حفظ الأمن في سهل نينوى قائلاً: «هذه القوات هم من أبناء المنطقة، وفي حال كانت هنالك خروقات فإن القانون والمحاكم المختصة هي التي تكون حَكَماً»، معتبراً أن إزاحة اللواء تأتي «للعبث بالتوازنات السياسية، خصوصاً بعد أن خلق هذا اللواء توازناً كبيراً في المنطقة، لصالح الحكومتين الاتحادية والمحلية».
وأكمل: «لواء الشبك يخضع لإشراف النائب حنين القدو عن كتلة بدر (المنضوية في تحالف الفتح بزعامة هادي العامري)»، لافتاً في الوقت عيّنه إلى أن «لو كانت هذه القوات قادمة من منطقة خارج نينوى لكان الاعتراض على تواجدها مبرراً، لكنهم من أبناء المنطقة، وفي حال ارتكبوا تجاوزاً فمن الممكن محاسبتهم».
ورأى أن «هناك مناطق مسيحية (في سهل نينوى) تطالب بالحفاظ على خصوصيتها. هذا من حقها»، منوهاً أن «رفض الكنيسة المسيحية لكتائب بابليون (بزعامة ريان الكلداني المشمول بالعقوبات الأمريكية) يدخل ضمن مواقف مرجعيات دينية مسيحية تنظر إلى تعاظم الأدوار السياسية لبعض الأشخاص، بهدف إقصائها بشكل من الأشكال».
واعتبر أن «الجهات المستفيدة من إخراج لواء الشبك من سهل نينوى هي أولاً الديمقراطي الكردستاني، وفي الدرجة الثانية محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي (القيادي في تحالف القرار)»، مبيناً أن الأخير «لديه أملاك في منطقة سهل نينوى».
وأعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أخيراً، أن أمن سهل نينوى سيوكل إلى اللواء 30 في «الحشد الشعبي» والجيش والشرطة.
في الأثناء، أكد اللويزي أن «هناك مناطق في سهل نينوى، من بينها قرى شبكية، ما تزال تحت سيطرة الأكراد»، كاشفاً في الوقت عيّنه عن «عمليات لحفر آبار، وهناك آبار أخرى من المخطط حفرها داخل حدود محافظة نينوى، وتم التعاقد عليها، فضلاً عن تهريب النفط المستمر. كلها لصالح الديمقراطي الكردستاني».
وزاد بالقول: «في إحدى القرى في سهل نينوى تم حفر بئري نفط، وحتى الصهاريج التي تنقل النفط عندما تصل إلى المنطقة، لا يتم السماح للسائق بالدخول، فيتم أخذ السيارة ويدخلونها ويتم تحميلها بالنفط ويخرجونها ليسلموها إلى السائق، وترافقه سيارات حتى تدخل إلى إقليم كردستان. هذه عمليات تهريب غير قانونية في أراضي تابعة لمحافظة نينوى».
فرض القانون
وبين أن «خطة فرض القانون (سيطرة القوات الاتحادية على المناطق المتنازع عليها في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2017) توقفت عند المناطق النفطية، في شمال زمار قرى ربيعة والمحمودية والسعودية وصفيّة، واستقتل الأكراد في الدفاع عنها، عبر قوة خاصة (تايبت) برئاسة منصور بارزاني (نجل زعيم الحزب الديمقراطي)، ومنع العرب من دخولها»، موضّحاً أن «العرب الآن في القرى العربية (المحمودية، والسعودية، وصفيّة، والقاهرة) لم يعودوا إلى مناطقهم حتى الآن «
وعن سبب عدم عودة العرب إلى تلك القرى، أشار إلى أن « قراهم تقع في منطقة تهريب النفط»، مبيناً أن «الأنبوب النفطي العراقي ـ التركي يمتد في هذه المنطقة، وفي زمن النظام السابق، وفي فترة العقوبات الاقتصادية، جرى مدّ أنبوب سري يصل بين حقول صفيّة العراقية (شمال غرب نينوى) وحقول كراتشوك ـ رميلان السورية (في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا)»,
وأكد أن «إقليم كردستان العراق يسيطر الآن على هذا الأنبوب»، منوهاً أن «الـبي كي كي يضخون النفط من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية، ويتم تهريبه على إنه نفط عراقي بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني».
وسبق لرئيس حزب «الحل»، جمال الكربولي، أن عزّا الأحداث التي وقعت في مناطق سهل نينوى إلى تغطية على عمليات تهريب النفط والمخدرات وفرض الإتاوات على الشاحنات وجباية ملايين الدولارات.
وفي «تغريدة» على منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» قال حينها: «الأعمال الغوغائية التي استهدفت الجيش وأضعفت هيبة الدولة في سهل نينوى ليست سوى وسيلة ضغط يستخدمها (القدوون) للتغطية على عمليات تهريب النفط والمخدرات وفرض الإتاوات على الشاحنات وجباية ملايين الدولارات».
وغالباً ما يحذّر السياسيون الأكراد، وتحديداً المنتمين للحزب «الديمقراطي الكردستاني»، من اضطراب الأوضاع الأمنية في مناطق أطراف نينوى، وأخرى تقع ضمن تصنيّف «المتنازع عليها بين بغداد وأربيل»، جُلّها «غنية بالنفط».
ومن بين هذه المناطق قضاء مخمور، الذي يقع بين قضاء الحويجة (كركوك) والشرقاط (صلاح الدين) والموصل (نينوى)، ويبعد عن مركز محافظة نينوى بنحو 50 كيلومترا.
وفي أواسط آب/ أغسطس الجاري، كشف مسؤول فرع مخمور للحزب الديمقراطي الكردستاني، كرمانج عبدالله، عن «انهماك» تنظيمي «القاعدة» و»الدولة الإسلامية»، في إعادة تنظيمهما في منطقة مخمور لتنفيذ أعمال إرهابية من جديد، مشيراً إلى أن التنظيمين يشكلان الآن خطراً جدياً على المنطقة.
وأضاف في تصريح أورده إعلام الحزب حينها، إن «الوضع الأمني في مخمور في غاية السوء، وان معلومات تفيد بأن تنظيم القاعدة أيضاً بدأ بالتحرك وإعادة تنظيم نفسه في منطقتنا، إضافة الى نشاطات داعش وينوون تنفيذ هجمات إرهابية في المنطقة وزعزعة الأمن والاستقرار فيها».
وأضاف: «هناك في حدود مخمور، لا يوجد فراغ أمني فحسب، بل هناك فراغ سياسي وعقلي أيضاً، حيث طالما تدير هذه العقليات السلطة والإدارة في المنطقة فإن منطقة مخمور لن تهنأ بالأمن والاستقرار بل ستزداد سوءاً، لذا يجب إجراء تغييرات، وان تدخل بغداد على الخط وإصلاح وضع المنطقة بالتنسيق والتعاون مع إقليم كردستان».
وأشار إلى أن «متى ما اتفقت بغداد مع الإقليم وعادت الأوضاع إلى طبيعتها وتشكلت قوات مشتركة من البيشمركه والقوات العراقية لحماية المنطقة ستنخفض نسبة الأعمال الإرهابية التخريبية، وعندها يمكن السيطرة على الأوضاع وإعادة الاستقرار وحماية المنطقة بسهولة»، على حدّ قوله.