بيروت – «القدس العربي»: باتت قرارات النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون تستدعي الغضب والاحتجاج ليس فقط من قبل شبيبة الانتفاضة الشعبية بل من قبل بعض السياسيين.فإدعاء القاضية عون على الرئيس نجيب ميقاتي ونجله وشقيقه اثار جدلاً بعد قول القاضية إن الملف كان في الجرّار ورأت أنه بات من الضروري تحريكه، ما إستدعى استغراب الرئيس ميقاتي وتأكيده وجود تسييس في الملف.
ثم تولّت القاضية عون تباعاً الادعاء على شبّان من الانتفاضة وطلب توقيفهم ما كان يثير غضب المنتفضين، وآخر مآثر القاضية كان توقيف 4 شبان إعتقلهم الجيش اللبناني في كسروان بتهمة محاولة قطع طريق الكسليك، ولم تخل عون سبيل الشبّان إلآ بعدما عمد اهل الشبان ورفاقهم لقطع اوتوستراد جونية وتهديدهم بعدم فتح الاوتوستراد إلا بعد إخلاء سبيلهم، وهذا ما حصل.وعلى الاثر ، تمّ تنظيم تظاهرة إلى امام منزل القاضية في الاشرفية احتجاجاً على تصرّفاتها.
وبالامس، اصدرت القاضية عون قراراً بتوقيف رئيسة هيئة ادارة السير هدى سلوم، بناءً على الإخبار المقدم من المحامي في التيار الوطني الحر وديع عقل في جرائم الرشوة والتزوير وهدر مال عام وإثراء غير مشروع وإخلال بموجبات وظيفية.
وإحتجاجاً على توقيف سلوم، دخل موكّلها عضو « كتلة المستقبل « النائب هادي حبيش مع مجموعة من الشباب والمحامين إلى قصر العدل في بعبدا وهاجم بعنف القاضية عون متهماً إياها بأنها «تتعاطى «بشكل ميليشياوي مع المحامين والقضاة والمواطنين». وقال من امام مكتب القاضية « لن نسكت عن هذا الأمر بعد اليوم ، القاضية عون بدّا تشبّح بالسياسة عالناس، ولا يحق لها اخذ هذا القرار وهذا أمر عائد لوزارة الداخلية».ولفت إلى أننا لن نغادر قصر العدل قبل ذهاب القاضية عون إلى التفتيش القضائي ، وهي لا يحق لها توقيف مدير عام من دون إذن «.
واضاف «إذا كنا سنسمح بـ»دعوسة القانون بالصرماية» مثلما تفعل القاضية عون فمعنى ذلك أنه لم تعد هناك شمسية فوق رأس أحد ، كلنا سندع القانون يُحترَم ، وهذه قاضية ميليشيوية وليست قاضية تحكم بالقانون ، لتذهب إلى التفتيش.وأنا محام قبل أن أكون نائباً، وهذا الملف اذا قرأه رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود سيقول إن الحق معنا، واذا قرأه المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات سيقول إن الحق معنا ، وإذا قرأه رئيس هيئة التفتيش سيضع غادة عون في السجن، واذا كانت تعتقد أنها تريد التشبيح بالسياسة على الناس، ليكن بعلم الجميع إن هذا الملف سياسي بإمتياز وليس ملفاً قضائياً.هذا تشبيح ولا يمرّ الموضوع معنا ، واذا كانوا يعتقدون أن هذا الملف سيمرّ فهو « رح يجيب آخرة غادة عون».
بعد توقيفها مدير عام هيئة السير من دون إذن وزيرة الداخلية
وقد ردّ وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي على تصرّف النائب حبيش فقال «نائب خدماتي من الماضي المستقبلي يتهدّد نائباً استئنافياً في عقر دائرته ويكيل الإتهامات علناً، وينادي في الوقت ذاته باستقلالية السلطة القضائية! حقاً انه لمستقبل واعد».
وإنتقد رئيس «حزب التوحيد العربي» وئام وهّاب تصرّف حبيش، معتبراً انه «قد يصفّق له كثيرون ولكن ما فعله اليوم يدمّر ما تبقّى من مؤسسات وهو غير مقبول».
في المقابل، دافع النائب نهاد المشنوق عن هدى سلوم قائلاً «شهادة للتاريخ: المدير العام هدى سلوم من أدق وأنزه الموظفين في الدولة اللبنانية. وما جرى من تجاوز للقواعد القانونية في استدعاء مدير عام إلى التحقيق من دون إذن خطي من الوزير المعني، ليس مسألة عابرة.وعلى وزير العدل أن يتخذ الإجراءات اللازمة لوضع الأمور في نصابها، وإلا فلا قضاء عادل، ولا دولة قادرة. وتحية إلى الزميل هادي حبيش».
الى ذلك، إجتمع مجلس القضاء الاعلى للبحث في التطورات التي حصلت لاسيما ما حصل مع القاضية عون.وكان رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود قال في خلال قسم اليمين ل 32 قاضياً وقاضية « إن الشعب مصدر السلطات يريد قضاء يحكم باسمه وباسم القانون والحق، فلنستجب لندائه، ولحناجر بُحّت بمطالبات محقة، تنتظر من يتمّم واجبات وموجبات دون خشية من عواقب أو تدخلات.لكن بالمقابل، يجب أن تبقى حرية القاضي في اتخاذ قراراته مصونة، بمعزل عن أي ضغوطات حتى ولو شعبية، أو تدخلات حتى ولو جماعية».ورأى « أن القضاء ليس بأفضل أحواله، فثقة المواطن به مهزوزة، واستقلالية السلطة القضائية، موضوع مطالبات وتطلعات، وسرعة التقاضي غير مؤمنة في أحيان كثيرة، وطمأنينة القاضي، وآمانه مثار هواجس وتساؤلات، من هنا، فإن الجواب على هذه التحديات يكون: في ممارسة استقلالية نريدها حقيقية، وفي استعادة ثقة نودّها ثابتة، وفي سرعة تقاض تنبذ تسرّعاً، وفي طمأنينة قاضٍ إلى يومه وغده، وهنا أود أن أذكّركم بثلاثية أردتها جامعة معبرة هي: «شعب قانون وقضاء».