انحيازات البدوي شحاتة
انحياز البدوي للنظام القديم معلوم، فهو الذي نصره في معركة شرعية حزب الوفد، على الدكتور نعمان جمعة الرئيس الشرعي، وهو الذي منحه رخصة قناة ‘الحياة’ ولم تكن الرخص التلفزيونية تمنح اعتباطاً، أو لمجرد استيفاء الشروط القانونية. وعندما وجد البدوي ضغطاً من شباب الحزب للمشاركة في الثورة في اليوم الأول، قال من يريد أن يشارك فليفعل على مسؤوليته الشخصية، وظلت ‘الحياة’ في أدائها تمثل أحد امتدادات التلفزيون المصري وروافده. وبعد الثورة كان البدوي يقف على قارعة الطريق في انتظار أن يصله نبأ مرشح المجلس العسكري للانتخابات الرئاسية ليؤيده!
فعندما نادى مناد أن مرشح المجلس العسكري هو وزير الإعلام في عهد السادات منصور حسن قال انه مرشح الوفد، فلما قيل إن العطاء رسا على نبيل العربي قال إن الوفد يؤيد العربي رئيساً. فلما بدا نجم عمر سليمان بازغاً. قال: هذا ربي هذا أكبر!
معظم الفضائيات يقتصر انحيازها للانقلاب في البرنامج الرئيس، ثم تنصرف لتضرب في الأرض، ما عدا ‘ القاهرة والناس’، و ‘ وسي بي سي’ التي نُشر أن دولة بعينها من دوائر الانقلاب تمتلك معظم رأس مالها. فضلاً عن ‘ أون تي في’ لصاحبها نجيب ساويرس الشريك الضالع في الانقلاب، وقيل إن وكالته ‘أونا’ هي من سربت خبر ‘الجيش المصري الحر’، الذي سينتقل بسلمية الثورة المصرية، لتكون مثل الثورة السورية. وظلت الفضائيات تناقش هذا الخبر الذي لا أساس له من الصحة ليالي طوال، قبل أن نعرف أن ‘أونا’ هي من بثته، فهنا وضع الجميع في بطونهم بطيخا صيفياً، كناية عن الاطمئنان.
نائلة بناية
لا أعرف التطور الوظيفي لـ ‘ نائلة بناية’، وهل بدأت حياتها إعلامية أم هبطت على المجال كالهابطين عليه من المريخ؟
‘نائلة’ المذكورة كانت تناقش في حلقتها فكرة المعارضة من الخارج وإعلام التعبئة. فنعلم أن كل الفضائيات المنحازة للانقلاب على كثرتها، يبدو ما تقدمه كهشيم تذروه الرياح، أمام ما يقدم على ‘الجزيرة’.. والتي تقدم الرأي والرأي الآخر، وفي الحالة المصرية حولت برامج ونشرات إخبارها إلى ‘الاتجاه المعاكس’، لكن مجرد وجود الصورة الأخرى، والرأي الآخر، يشعر القوم أن انقلابهم يسير إلى نهايته المحتومة، والطبيعية.
كان هناك صلاح عيسي مع ‘ نائلة بناية’، لكن عقبتها كانت مع الضيف الآخر، فهي تريد أن تقوم بتخوين المعارضة من الخارج، وربما فوجئت بهذا الضيف الذي جاء ليعينها في مهمتها، وقد مارس المعارضة في الخارج أيام السادات، وفي أسوأ صورها!
فلم يكن نظام السادات قاسياً على معارضيه إلى درجة أن يهربوا للخارج، والسادات كان يهاجم معارضيه ويهاجمونه، وكانت ممارساته ضد المعارضة محتملة. والذين سافروا وجدوا أنفسهم أمام تجربة مريرة، فمن سافر إلى سوريا هرب إلى العراق، ومن بدأ الرحلة من العراق هاجر إلى سورية، والهارب من هنا إلى هناك كان كالمستعين من الرمضاء بالنار. فقد فُرض عليهم أن يكونوا جزءاً من المشروع السياسي هناك، لإثبات الولاء، وفُرض عليهم الانضمام رسمياً لحزب البعث هناك وهناك. والقلة التي عاشت في ليبيا تعرضت لما هو أسوأ، وتحولوا إلى ‘هتيفة’ ضمن جوقة الأخ العقيد القذافي.
وهي تجربة مؤسفة، لم يتعرض لها المعارضون المصريون الذين هربوا من جحيم أنظمة الاستبداد، في العهود السابقة، مع بداية حكم العسكر في سنة 1952، إلى بلاد الفرنجة، في عهود عبد الناصر والسادات ومبارك. والذين استقبلتهم السعودية والكويت وقطر في العهد الناصري لم يتعرضوا لتجربة من احتموا ببلاد الصمود والتصدي. ولنا أن نعلم أن الدوحة كانت منحازة للمشروع الناصري، وفي وجود عبد الناصر رفضت طلبه بتسليم المعارضين لديها.
عزوز بين السيسي ومرسي
دول الخليج ليس لها مشروع تريد تصديره، لتستخدم المعارضين المصريين تروساً فيه، وهي في كل تجاربها تتعامل بمنطلقات ‘العربي القديم’، وفي إطار ‘الأصول العربية’. ولم يتم في الدوحة إيذاء المصريين بسبب ممارسات سلطة الانقلاب ضدها، بمن في ذلك من يعلنون انحيازهم على الأراضي القطرية للانقلاب، ولم يدفع إعلام الثورة المضادة ورعونته وتجاوزه أصول الأدب أهل الحكم في قطر، لأن ينتقموا من المصريين على هذا الانحطاط الإعلامي.
ما علينا، فضيف ‘ نائلة بناية’، مثل لها أزمة من حيث كونه مارس المعارضة بالخارج، وأيضاً من حيث أنه جاء لـ’الجزيرة’، وعومل بنفس المعاملة المادية للرافضين للانقلاب، فـ’الجزيرة’ تقوم على النظام المؤسسي، فليست فضائية يديرها بقال بالنوتة الزفرة.. وعلى أيامنا كانت تطلق على ‘النوتة’ الصغيرة التي يحملها البقال في جيبه ليقيد بها معاملاته اليومية ‘النوتة الزفرة’، لأنها من كثرة الاستعمال وبأيدي تمسك بالبضاعة يصفر ورقها وكأنه اختلط بالزيت!
برنامج ‘القاهرة والناس’ كان يستهدف إدانة المعارضة في الخارج، والضيف المستعان به مارسها، كما كانت تستهدف تجريم الظهور على ‘الجزيرة’ وهو ظل شهرين ضيفاً معززاً مكرماً على شاشاتها، وكان يطمع أن يزيد، ونجح نضاله في التمديد له في مرات سابقة وهو المدعو لعشرة أيام فقط!
لم يخضع صلاح عيسى، لمحاولات ‘ نائلة’ لخلع رداء الوطنية عن ضيوف ‘الجزيرة’، أو عن من يمارسون المعارضة في الخارج. وان كان استدعى الخطاب القديم لأنصار السادات وهم يردون على المعارضة بالخارج تعالوا وعارضوا من مصر.
لقد انبعث أشقاها يتساءل في برنامج ‘ القاهرة والناس’ عن الأسباب التي تدفع واحداً مثل ” وهو خصم للإخوان لأن يدافع عنهم الآن. ويؤكد بأنها انتهازية، ويتساءل ان كان هذا التغير الذي حدث راجع إلى ‘فلوس الإخوان’؟! مع أني لو كنت انتهازياً حقاً لكنت مع الانقلاب ومع السيسي وضمنت عيشاً رغداً في وطني، وأنا لم ترق لي الغربة في شبابي، فكيف تروق لي في بعد أن هرمنا؟!
ولهذا أقول إن رفضي للانقلاب مقدم على وقوعه، وقد كنت ضده عندما بدأ فكرة في ذات الوقت الذي كنت أهاجم حكم مرسي، بل كنت ضد فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، لأنني أرى أننا في بداية مسار ديمقراطي يحتاج للحفاظ عليه وان اختلفنا مع الإخوان. في وقت بدا فيه من استفادوا من حكم الإخوان ولم أكن منهم يقفزون من السفينة ليحجزوا مقعداً لدى السلطة القادمة.
وعندما وقع الانقلاب، كنت ضده، وفي الوقت الذي كان فيه رموز الجماعة مشغولين باعتصام رابعة، ويستضاف منهم الحمائم تلفزيونيا كان صوتي أكثر حدة وحسماً. وكنت أندد بالانقلاب في كل محفل، بينما لم استطع أن اهزم النفس وأذهب إلى المعتصمين في رابعة، ورموز الجماعة وما بيننا من خصومة هناك..فكيف إذا التقت الوجوه؟!
ولا أخفي أن نفسي لم تكن صافية وقتها. كنت غاضباً على محاولة حكم الإخوان تهميشي، كما كان الحال في عهد مبارك واستمر عليه حكم المجلس العسكري. وكنت غاضباً على استبعاد اسمي من الترشح على قوائم ‘التحالف’ الذي يتزعمه الإخوان، وكنت غاضباً كذلك على تجميد عضويتي في المجلس الأعلى للصحافة، قوة واقتداراً، وذهبت للقضاء وليس في يدي قرار مكتوب يعجل وجوده بصدور حكم بإلغائه!
ولا أعتقد أنني في انحيازي للشرعية أقف مع الإخوان، بقدر ما أقف مع بلدي، ومع قيم الحرية والديمقراطية والعدالة التي أؤمن بها. ومع رفضي لحكم العسكر، الذي دمر البلاد، وواصل مسيرة المستعمر في تخريب المستعمرات القديمة.
لقد قال ضيف ‘ القاهرة والناس’ أنني لم أكن يوماً ضد حكم العسكر مع أني ضد حكم العسكر في مراحله كلها ومنذ ثورة 1952 مروراً بحكم المجلس العسكري.. فليس غريباً علي أن أقف بالتالي ضد انقلاب عبد الفتاح السيسي.
شكراً لضيف ‘القاهرة والناس’ فقد أعطاني المبرر للحديث عن نفسي.
صحافي من مصر
[email protected]
استاذ عزوز انت من المصريين الذين يفخر الواحد عندما يسمع اسمائهم
لم تقل إلا الحق ، سليم رجل مفخرة يزن بلد بحالها .
سوف تبقي ياعزوز يا أسد الصعيد هامة تقض مضاجع الانقلابيين ولك كل تحياتي فكم انت كبير
يا استاذ سليم انت لا تحتاج لتبرر موقفك انت من الشرفاء الكثيرين في مصر الذين وقفوا مع الحق بغض النظر عن من هو الضحية اخوان او مش اوان وهذه قمة الاعجاز اللبيرالي على راي اللواء الشهير
مقال جميل ومحترم ومعبر. انا لا احب الاخوان ولكن الحقيقة ان ما حدث انقلاب وان ما يحدث الان لمعارضي الانقلاب هو اجرام سافر. مقال رائع استاذي الانتهازي الشريف ولا عزاء لعبدة المال والسلطة
الانقلابين لا تعجبهم الأقلام الحره لأنهم مستعبدين وعبيد
نكاد نفقد الأمل في “أم الدنيا” و في أهلها، لكن قلمك المخلص الشريف يعود ليذكرنا أن في مصر نساء ورجال شرفاء.
يبدو أنك عانيت الأمرين في كل العهود و الأنظمة التي مرت بمصر، و كأنه مكتوب عليك بسبب إخلاصك لمصر – الذي عدّ انتهازية -، أن تعيش غريبا، وأرجو مخلصا أن لا تموت غريبا…هل تكون ضريبة الإخلاص للوطن منفى وتشرد عن الوطن؟ بل هل يكون ثمن الإخلاص للوطن وناسه الطيبين العيش فيه غريبا .. هل يكون الإخلاص لمصر غربة؟؟؟
أستاذ عزوز إطلالتك الطريفة الجميلة عبر هذا الموقع تسعدنا و تجدد أملنا في مصر وأهل مصر.
السلام عليكم تحيه لاستاذنا. سليم عزوز فهو الملم والعارف الحقيقى ومع ذلك لم يستعينوا بخبرته ومعرفته مع اى سلطات الحكم فى بلده ويأتون بأشخاص لا نفهم منهم شىء يتحدثون بالشأن المصرى
كل التحيه للاستاذ سليم عزوز انت والله موضع الاحترام والتقدير اسال الله ان يديمك حتى ترى مصر ام العرب ترفل باثواب العز والفخار الشكر للقدس العربي التي تتيح لنا ان نستمع اليك والى غيرك من الكبار
انت يااستاذ عزوز كاتب شريف قل نظيره
طلبي الوحيد منك يااخي العزيز ان
لا تشخصن الاحداث بشخصك الكريم
لسبب واحد وجوهري وهو ان هذه الاحداث
لعامة الناس وانت لها يااستاذ
ولك مني كل الشكر
“ولا أعتقد أنني في انحيازي للشرعية أقف مع الإخوان، بقدر ما أقف مع بلدي، ومع قيم الحرية والديمقراطية والعدالة التي أؤمن بها. ومع رفضي لحكم العسكر، الذي دمر البلاد، وواصل مسيرة المستعمر في تخريب المستعمرات القديمة.”
هذا ما يجب أن يفهمه كل العرب .ضد الانقلاب لا يعنى ضد مصر الحبيبة .