الناصرة- “القدس العربي”:
روى ناشط يهودي مناهض للاحتلال مشاهداته لهدم أحد بيوت وادي الحمص في القدس المحتلة، مؤكدا أن نكبة الفلسطينيين مستمرة، وأن كل من يصمت من الإسرائيليين شريك في هذه الجرائم البشعة بحقهم.
وكتب يوفال أفرهام الذي اعتصم مع اسماعيل أحد أصحاب البيوت التي فجرتها قوات الاحتلال، أمس الاثنين، أنه شاهد كيف هدمت جرافات الاحتلال بيت إسماعيل وحياته، وينقل عنه قوله: “بنيت بيت أحلامي بدم قلبي طوبة طوبة وخططت كل قطعة فيه بنفسي”.
ويتابع: “قال إسماعيل عند الساعة الثالثة فجرا ونحن معتصمون داخل بيت فيما كانت رجله ترتجف توترا: ليتنا ننجو من هذا التدمير ولا يهدموا بيتنا وحياتنا”.
ويوضح يوفال أفرهام، أن خزائن المطبخ كانت مصنوعة من أفخر أنواع الخشب وتميل للون الوردي، فيما كانت غرفة البن الصغرى مغلفة بجدران عازلة للصوت والحرارة، ويتابع: “أرسل اسماعيل ابنته الصغيرة لبيت جدتها فيما ظل بقية أبنائه معه داخل البيت ولم يغمض أحدهم عينا وكادوا يموتون خوفا من وصول الجرافة المتوحشة. كان صوت اسماعيل يرجف ويهتز وهو يتحدث معي عن أبنائه دون أن يحدق بعيني مرددا القول: أريد التحدث مع القاضي الذي صادق بقلمه على هدم بيتي. ساعدني بالوصول إليه لسمع ويرى كيف أنه ألقى بنا جميعا بالعراء”.
ويقول أفرهام إن إسماعيل وعندما باح له بشعوره بأنه فشل كأب وأنه لم ينجح بحماية أبنائه، وقد امتلأ جفناه بالدموع عندها هدمت إسرائيل البيت.
ويضيف الناشط اليهودي ضد الاحتلال: “إسرائيل العنصرية الاستعمارية الممعنة في التهويد التي أخجل أن أكون مواطنا فيها أرسلت عشرات من جنودها المدججين. اقتحموا البيت وشاهدت كيف تطاير شرار الغضب والإهانة من عيون إسماعيل وأولاده وهم يطردون من بيتهم لينظروا له لاحقا عن بعد وهم يدركون أنه سيتحول بعد دقائق إلى كومة ركام، فكان الأولاد يصرخون وجعا وانتابتني قشعريرة واحمرت عيوننا ودمعت بعد رشنا بغاز الفلفل وارتجفت كل نقطة في جسم اسماعيل وهو يحتضن أولاده باكيا ومولولا: ليس بحوزتي ما يعينني على بناء البيت من جديد فقد بذلت آخر مدخراتنا. أشرقت الشمس وبدأ رجال الشرطة يصرخون ويطالبوننا بالابتعاد عن الموقع. كان عنف رجال الشرطة مهولا فقد قاموا بجرّ الجميع بل قاموا بخنق أبناء العائلة”.
ويشير الناشط اليهودي إلى أن منطقة البيوت التي شهدت مجزرة الهدم تقع في منطقة (أ ) التابعة وفق اتفاقات أوسلو للسلطة الفلسطينية، لكن إسرائيل قررت هدمها كي تبقي المزيد من مساحات الأرض خلف الجدار وتستولي عليها.
ويضيف: “هؤلاء الفلسطينيون في تلك المنطقة محرومون من كل الخدمات كالماء والكهرباء والشوارع ويحتاجون لتدبر أمورهم بأنفسهم لكن إسرائيل تعرف فقط كيف تهدم منازلهم”.
ويستذكر أفرهام أن إسماعيل بنى بيته طبقا للقانون وقد استصدر كل التراخيص اللازمة من السلطة الفلسطينية لكن إسرائيل قررت أنه قريب أكثر مما ينبغي من جدار الفصل العنصري الذي بنته ورأت أنه محكوم بالهدم باسم “الأمن”.
ويضيف: “الأمن هنا مجرد ذريعة بائسة إذ من الواضح لجميع أنه لا توجد في المنطقة أي مشكلة لتجاوز الجدار واختراقه كما يفعل آلاف الفلسطينيين يوميا. ولماذا لم تلجأ لتدابير أخرى بدلا من الهدم. سبق وطلب إسماعيل أن توكل له مهمة حراسة المكان كل ليلة أو تركيب كاميرات حراسة في منزله كما دعاهم لتعزيز الجدار بدلا من هدم بيته ولكن دون جدوى”.
ويؤكد الناشط اليهودي أن ما شاهده ليس أمنا أبدا، داعيا الإسرائيليين لعدم تصديق رواية حكومتهم. ويضيف: “في تلك الليلة شاهدت بعيني وبشكل مرعب يزعزع البدن كيف نقوم نحن بتهويد البلاد مما يقتضي مراجعة عميقة للنفس والبحث عن حقيقة ما يجري بين البحر والنهر، في القدس، النقب، الجليل، الضفة. ينبغي قراءة الخرائط الهيكلية المخططة التي تميز ضد الفلسطينيين وتخنق بلداتهم وتحول دون توسعها. ينبغي أن نقرأ عن مصادرة الأراضي وعن قرى فلسطينية تهدم بالكامل في النقب وتبنى مكانها مستوطنات يهودية وعن طردهم من غور الأردن وجبل الخليل وعن النكبة المستمرة في كل هذه المنطقة”.
الناشط اليهودي بمقاله المنشور في العبرية في صفحته على الفيسبوك يدعو من يريد حقا أن يخرج من حالة الأميّة التي يربّون الإسرائيليين عليها أن يتحدث معه ليساعده بالاطلاع على الحقائق.
ويضيف مخاطبا الإسرائيليين: “إن كان فعلا يهمكم أمنكم تعالوا نهتم بتوفيره للفلسطينيين أيضا والكف عن هدم منازلهم وطردهم من أراضيهم ومنازلهم. لا أقوى على تحمل هذا الوضع أكثر من ذلك. اختنق نتيجة هذا العنف ومن تدمير الحياة. الجميع هنا هادئون ومنغمسون في حياتهم. في الدولة اليهودية لا يجيدون العربية ولا يرون الفلسطينيين عن مسافة متر واحد. كل من يصمت هو شريك في هذه الجرائم المقززة. هدموا حياة اسماعيل في ليلة واحدة. البناء كل العمر والهدم بدقيقة. حينما تركته كان اسماعيل يحدق عميقا بالركام وهو يتمتم شيئا ما لنفسه. شاهدت بعينيه أمرا ما.. شاهدت نكبة”.
هذا إسرائيلي ينتقد إسرائيل ويفضحها على الملأ دون أن تفعل به الحكومة الإسرائيلية أي شيء… ولكن إذا تجرأ أي منا على انتقاد أية حكومة عربية أو حتى أية هيئة تحرير عربية، ولو واحد بالمئة مما يفعله هذا الإسرائيلي، فلا بد أن يكون مصيره جهنم وبئس المصير… !!!
هذه الانتهاكات الإسرائيلية السافرة كلها من تداعيات اتفاقية أوسلو الخلبية التي وقعها ياسر عرفات مع الكيان الصهيوني بكل ذل وهوان وهو يعلم بذلك.. كما قال أستاذي غياث المرزوق في مقاله النقدي اللافت..