ناشونال إنترست: التدخل الأمريكي المريب في سوريا ليس دستوريا وغير أخلاقي أو استراتيجي

إبراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن- “القدس العربي”:

نشر موقع “ناشونال إنترست” مقالا لتيد غالين كاربنتر، الزميل البارز في شؤون الدفاع والسياسة الخارجية بمعهد كاتو، أشار فيه إلى التدخل الأمريكي “المريب” المستمر في سوريا.

وقال: “يجب الاعتراض على التدخل الأمريكي في سوريا على أرضية دستورية وأخلاقية واستراتيجية، لكنّ هذا الوجود لا يزال يحظى بدعم من الحزبين في الكونغرس ومؤسسة السياسة الخارجية”. وأضاف أن التركيز المستمر على الحرب الروسية- الأوكرانية، والتوتر المتزايد مع الصين حول تايوان، فإن المغامرات الأمريكية الأخرى المثيرة للقلق طارت فوق الرادار.

وأهم مثال بارز وخطير هو الوجود الأمريكي المستمر في سوريا، وهو تدخل لا أساس له دستوريا أو أخلاقيا أو استراتيجيا، لكن الحزبين في واشنطن يدعمانه. ولم يعد من الممكن تبرير المهمة على أية قاعدة. وليس مصادفة وضع قوات الاحتلال الأمريكي في شمال شرق- سوريا التي توجد فيها احتياطات النفط السورية، ما أثار شكوكا مفهومة حول الدوافع الأمريكية.

وأكثر من ذلك، فإن العميل الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، وهي قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد، ليست نموذجا للديمقراطية. وفي الوقت نفسه، طالما تعرضت القوات الأمريكية لهجمات من الجماعات الموالية لإيران عبر الحدود من العراق.

وكأن هذه المشاكل ليست كافية لتثير الشكوك حول المهمة المطلوبة من القوات الأمريكية، فإن وجودها بات يثير مصاعب متزايدة مع تركيا عضو الناتو. وشنت أنقرة جولة  جديدة من الغارات ضد أهداف كردية في شمال سوريا، إحداها كانت بعيدة 300 متر فقط عن قاعدة عسكرية أمريكية، مما قاد البنتاغون للشكوى إلى الأتراك بأن هذه الأساليب ليست ضرورية، وتعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.

ويرى الكاتب أن زيادة الخلافات مع تركيا فيما يتعلق بسوريا، ليست أمرا صغيرا، نظرا لحاجة إدارة بايدن لتعاون أنقرة كي تقوم بتطبيق سياستها في عزل الكرملين، نتيجة لغزو أوكرانيا. وحتى هذا الوقت كان موقف تركيا من روسيا متقلبا. وخلافات جديدة مع واشنطن قد تدفع تركيا لمغازلة إيران وتعطيها دعما لمواجهة العقوبات المفروضة عليها. وآخر شيء تريده إدارة بايدن هي جولة جديدة من التوترات مع تركيا فيما يتعلق بسوريا. وأضاف الخبير الأمريكي أن السياسة الأمريكية غير الحكيمة حول سوريا تتكشف منذ وقت، ويبدو أن عملية الانهيار متسارعة.

وقال إن المغامرة الفاشلة بدأت عندما تعاونت إدارة باراك أوباما مع السعودية وتركيا ودول سنية أخرى للإطاحة ببشار الأسد. وكان السبب وراء ذلك، علاقة الأسد الوثيقة مع إيران. وبالتأكيد ظلت سوريا الحليف الرئيسي لإيران في الشرق الأوسط، وبقيت عائلة الأسد الوكيل الرئيس لروسيا. ولهذا السبب، لم يكن نظام الأسد في نظر الولايات المتحدة، مذنبا بجريمة، بل جريمتين لا يمكن غفرانهما.

وقام خصوم سوريا في الشرق الأوسط بإثارة ثورة هيمن عليها السنة ضد نظام الأسد الذي يعتمد على الأقليات، العلوية والدرزية والمسيحية. وزادت أمريكا من دعمها للمسلحين السوريين وركزت على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام السوري، متجاهلة في الوقت نفسه الممارسات التي قام بها المتمردون وحلفاؤهم من الدول الديكتاتورية.

وحاولت إدارة أوباما اللعب على النبرة الأخلاقية من ناحية تصوير الأسد كوحش، وخصومه كدعاة للحرية. واستمرت السياسة بهذه الطريقة حتى بعد ظهور أدلة على علاقة المقاتلين بالجهاديين، وانضمام بعضهم الآخر للقاعدة. وأنهى التدخل الروسي في عام 2015 حلم واشنطن والمتمردين بتحقيق انتصار ضد النظام. ورفضت إدارة أوباما التخلي عن سياساتها المثيرة للاستغراب. وفي الحقيقة كانت منشغلة في 2014 و2015 بزيادة نشر القوات الأمريكية، رغم معارضة النظام السوري.

وسلوك كهذا أثار السخرية من محاضرات واشنطن حول احترام النظام الدولي القائم على القواعد. وكانت سوريا دولة ذات سيادة وعضوا في الأمم المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة نشرت قواتها في ذلك البلد بدون موافقة حكومته. واستمر التدخل رغم زيادة التوترات مع تركيا.

وكان رجب طيب أردوغان من أكبر الداعمين للمتمردين السوريين، لكن حماسته تلاشت عندما بات واضحا أن واحدا من تداعيات الحرب، هو فتح فرص للانفصاليين الأكراد على الحدود السورية المحاذية لتركيا. وردّت أنقرة بتحذير الرئيس دونالد ترامب بإعادة نشر القوات الأمريكية قبل العملية العسكرية عام 2019، وهو ما فعله ترامب. ورغم ذلك تعرضت القوات الأمريكية لضربات المدفعية التركية. وكشف الرد من داخل المؤسسة السياسية والخارجية على خطوة ترامب الحكيمة بإبعاد الجنود الأمريكيين عن خطوط النار، بالدعم الحماسي للمهمة التي لا تقوم على منطق في سوريا. ولم يدعم الكونغرس أبدا التدخل في سوريا، وقاد تحالف من الحزبين بزعامة المتشددة ليز تشيني، البرلمانية الجمهورية في حينه، حملةً ضد ترامب عندما فكّر في سحب القوات الأمريكية من سوريا.

ورغم ما يقوله المسؤولون عن وجود 500 جندي أمريكي في سوريا، إلا أن الأدلة تظهر أن الرقم يتراوح ما بين 2000 إلى 4000 جندي. ولم تصبح الأمور في ظل بايدن واضحة أو دستورية. ولا تزال المهمة في سوريا متواصلة.

إلا أن الظروف باتت خطيرة بشكل متزايد. وضغط القادة الأكراد في تشرين الأول/ أكتوبر على الإدارة الأمريكية كي ترسل لهم مزيدا من الدعم. وطالب قائد قوات سوريا الديمقراطية بايدن، بمنع تركيا من إنهاء سيطرة قواته على الحدود. ووسّع البنتاغون من دورياته بشكل قد يخلق فرصا لمواجهة مباشرة مع القوات التركية.

 ويظل التدخل الأمريكي في أوكرانيا، أخطر؛ لأنه قد يؤدي إلى مواجهة مع دولة نووية ولديها القدرات على تحميل الأسلحة بالرؤوس النووية، إلا أنه يجب عدم التغاضي عن المخاطر المتعددة النابعة من تدخل واشنطن في سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مراقب حر:

    السناتور الأمريكي ريتشارد بلاك أعلنها صراحة في مقابلة انتشرت على مواقع السوشيال ميديا أن هدف أمريكا الأول هو الإستيلاء على بترول ومياه وزراعة سورية والذي يمول أمريكا كاملا ومحليا في الضغط على تركيا ومناكفة روسيا في سوريا

  2. يقول قلم حر في زمن مر:

    احتلال أمريكا للعراق وسوريا ليس عبثا بل كان للسيطرة على منابع النفط والغاز بلا ألغاز ?

  3. يقول إدوارد:

    هدف أمريكا الأول هو تنزيل مخطط “الشرق الأوسط الجديد” كما أعلنته كريهة الدكر كوندوليزا رايس مند 2004 ومن أبرز محاور المخطط:
    -شيطنة إيران حتى تحل في قلوب العرب من الكراهية محل إسرائيل (تمت المهمة جزئيا بفضل العقلية الطائفية لأطياف من الأخوة المسلمين السنيين)
    -تكريس دور إسرائيل كقاعدة متقدمة وتفكيك دول “الجوار” في المنطقة عبر آلية “الفوضى الخلاقة”
    -تأمين خدمة بعد البيع عبر تسويق إعلامي مكثف يقدم حالة الأرتباك والتخبط كوضع طبيعي مصدره “عسر ولادة” لابد منها حتى يولد “شرق أوسط جديد”.
    بالنهاية لا جديد في كلام الناشونال إنترست سوى أنه صادر من معقل المحافظين الجدد. أصوات عديدة -أتشرف أن أكون أحدها- إستنكرت الحرب ضد سوريا. من ال2011 لل2015, جهات عديدة تدخلت بسوريا, حبّا في شعب سوريا طبعاً ! ياعيني.
    لكن بال2015 تدخل الروس وحرموا سوريا من فضائل مشروع “الشرق الأوسط الجديد”

إشترك في قائمتنا البريدية