نبوءات الغضب

حجم الخط
0

‘في نيسان 2007 عرض شمعون بيرس، الذي كان في حينه نائبا لرئيس الوزراء ايهود اولمرت، في واحد من خطاباته التي لا تحصى رؤيا تعليمية. فقد أعلن بيرس بانه ‘لا حاجة لتعليم التاريخ. ففي عصر الانترنت لا معنى لحفظ كم شخصا قتل نابليون’. وليس بيرس هو السياسي الوحيد الذي يزعجه تعليم التاريخ، وذلك لان المؤرخين درجوا على أن يذكروا السياسيين بامور كان الاخيرون يفضلون نسيانها.
ولا سيما عند الحديث عن التاريخ الجديد الذي لا يعنى بحملات نابليون. السياسة اليوم هي تاريخ الغد. والاحداث التي قبل 20 سنة تصبح تاريخا. هذا الاسبوع اجتاحت البلاد موجة نبوءات غضب اقتصادية. وكأنه لا يكفي الجفاف، فقد استيقظ مواطنو اسرائيل ذات صباح صاف واكتشفوا ان الاقتصاد الاسرائيلي قد ينهار. ففي ظل انعدام التقدم في المسار الفلسطيني، كما يتبين، فان الاقتصاد الاسرائيلي سيدخل في ركود عميق، والزمن سيتوقف عن السير والوقود سيرتفع ثمنه اكثر فأكثر. العالم سيعزلنا اذا لم تقم هذه السنة دولة فلسطينية. سيف مسلط على رقابنا وصلنا الى نقطة درك اسفل غير مسبوقة في ان العالم كله ضدنا، أولهم الحبيبة واشنطن.
رؤيا بيرس لالغاء تعليم التاريخ يدحر جانبا مقارنة برؤياه عن الشرق الاوسط الجديد. فاطلالة قصيرة الى الماضي تفيد باننا سبق ان كنا في هذا الفيلم. في ايلول 1991 طلب الرئيس الامريكي في حينه بوش الاب من رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه اسحق شمير الموافقة على مشاركة اسرائيل في مؤتمر دولي يبحث في المسيرة السياسية بين اسرائيل والدول العربية وقبل كل شيء في المسألة الفلسطينية. شمير، الذي خاف من ممارسة الضغط على اسرائيل كي توافق على التنازلات، رفض.
هدد بوش بانه اذا لم تشارك اسرائيل في المؤتمر، فان الولايات المتحدة لن توافق على منحها ضمانات لقروض بمبلغ 10 مليار دولار. وكانت اسرائيل بحاجة للمال كي تستوعب هجرة مئات الالاف الذين وصلوا في بداية التسعينيات من الاتحاد السوفييتي السابق.
لن نوافق على اعطاء ضمانات لمال يستثمر في المستوطنات، قال بوش الاب.
مسألة الضمانات الامريكية لاستيعاب الهجرة اصبحت الموضوع المركزي لانتخابات 1992. ووافق شمير في نهاية المطاف على السفر الى مؤتمر مدريد، ولكن هذا ايضا لم يجدِ نفعا. حزب العمل، الذي تنافس على الكنيست برئاسة اسحق رابين عاد وحذر بانه بسبب عناد شمير لمواصلة البناء خلف الخط الاخضر فان عشرات الاف المهاجرين سيبقون دون مأوى، وستتحول واشنطن من عشيق الى عدو، والاقتصاد الاسرائيلي سينهار.
شمير هزم في الانتخابات. حكومة برئاسة رابين وقعت بعد نحو سنة على اتفاق اوسلو أ. وانستنا الهزات الامنية والسياسية مسألة الضمانات. قلة حرصوا على أن يسألوا اذا ما سألوا على الاطلاق اين المال. وماذا حصل لـلمليارات العشرة اياها.
اسرائيل حصلت على الضمانات. وتبين أن الحديث لا يدور عن منحة بل عن قرص بفائدة منخفضة. وسرعان ما اختفى المال. بسبب انهيار البورصة، بسبب الحاجة الى دفع ديون الكيبوتسات، بسبب الارتفاع في اسعار الشقق. أما التدهور الامني الذي تسببت به مسيرة اوسلو، وتوقف البناء خلف الخط الاخضر فقد جعل من الصعب على المهاجرين شراء شقق خاصة بهم. من هو معني بكل ثمن الدفع الى الامام باقامة دولة فلسطينية، من الافضل له الا يتعلم التاريخ. يا له بيرس من محق.

معاريف 22/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية