الناصرة- “القدس العربي”: يحذر جنرالٌ إسرائيلي في الاحتياط الإسرائيليين “مما هو موجود ومما هو آت”، إذ يقول إن إسرائيل موجودة قبالة مفترق طرق حاسم، وإن رئيس حكومتها نتنياهو يقوم بدفعهم نحو الهاوية، فيما تنقاد القيادات السياسية والعسكرية خلفه كالخراف.
ويرى الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، الذي تنبّأ بـ “السابع من أكتوبر”، ويُعرف إسرائيلياً بـ “نبي الغضب”، أن “إسرائيل موجودة اليوم على مفترق طرق حاسم، ونتائج أفعالها أو إخفاقاتها ستحدد مصيرها الوجودي.. إما للبقاء أو للفناء، وللأسف الاتجاه في غير صالحنا”.
بريك: إسرائيل اليوم على مفترق طرق حاسم، ونتائج أفعالها أو إخفاقاتها ستحدد مصيرها الوجودي.. إما للبقاء أو للفناء، والاتجاه في غير صالحنا
في مقال تنشره صحيفة “هآرتس”، اليوم الثلاثاء، يطرح بريك مقترحاً لتفادي “الهاوية” بالقول: “بدون أن ينهض الإسرائيليون، والعمل على تغيير واستبدال المستويين السياسي والعسكري، نحن لن نبقى هنا. شعار “إسقاط حماس” بشكل مطلق، الذي يدير القادة الفاسدون الحرب في ظلّه سيؤدي لفقدان المخطوفين ومكاسبنا العسكرية داخل القطاع مع خسائر اقتصادية ودبلوماسية وأمنية”.
كما يقول بريك إن نتنياهو طيلة حكمه كان متمسكاً بشكل مَرَضِيّ بمشروع إيران النووي، ولم يهمّه تعاظمها، هي وحليفاتها، بسلاح تقليدي، خاصة حيازتهم صواريخ حول إسرائيل، دون قيام الأخيرة بإعداد الجيش لهذا التهديد الخطير الذي من شأنه تدمير الدولة. منبهاً إلى أن نتنياهو لم يدّخر حيلة في سبيل خطّته، حتى بثمن المساس بالعلاقات مع رئيس الولايات المتحدة، براك أوباما حينها.
ويضيف: “كرئيس وزراء لم يهمّه التعاظم المخيف بالسلاح التقليدي من قبل إيران؛ مئات آلاف الصواريخ والمسيّرات التي امتلكتها طهران ومجروراتها في محيط إسرائيل، وكل قضايا تهيئة الجيش لتهديد من شأنه تدمير الدولة مرّت من فوق رأسه”.
ويستذكر بريك أنه، طيلة فترة حكم نتنياهو، تم استثمار مليارات الدولارات في تدرّب سلاح الجو الإسرائيلي، وأحياناً بالتعاون مع سلاح الجو الأمريكي، على استهداف المفاعلات النووية في إيران. كما يستذكر بريك أن نتنياهو كان مستعداً لتدمير علاقاته مع الحزب الديموقراطي ورئيسه من أجل منع توقيع اتفاق نووي مع طهران، لكن، اليوم، وفي ظل الحرب في غزة، يتقدّم الإيرانيون بوتيرة مدهشة نحو قنبلة نووية دون إزعاج، فيما يصمت نتنياهو”.
ويمضي في قرعه الجرس: “يبدو أن التهديد النووي على إسرائيل، الذي كان موضوعاً أمنياً موجهاً طيلة أيام حكم نتنياهو قد غاب وحلّ مكانه شعار تدمير حماس بشكل مطلق، وهذا شعار بلا أساس يجتره نتنياهو كل يوم، وبات الموضوع الأمني الوحيد الذي يشغله”.
ويتساءل الجنرال الإسرائيلي: “يقفز للوعي مجدداً السؤال؛ هل يعقل أنه من أجل “تدمير حماس بشكل مطلق” يهمل نتنياهو التهديد الإستراتيجي الأخطر على إسرائيل ويتعامل معه وكأنه غير موجود. حتى لو بقيت “حماس” بكامل قواها فإن تهديدها لإسرائيل يناهز الصفر، مقارنة بالتهديد الوجودي المتمثّل بالتهديد الوجودي التقليدي والنووي بيد إيران وحليفاتها”.
بريك: اليوم، وفي ظل الحرب في غزة، يتقدّم الإيرانيون بوتيرة مدهشة نحو قنبلة نووية دون إزعاج، فيما يصمت نتنياهو
وعلى خلفية كل ذلك، يرى بريك أن الاستنتاج بسيط ويزعزع الأركان: نتنياهو يختار التهديدات على إسرائيل وفق مصالحه الشخصية، وهو مستعد لتغييب تهديدين إستراتيجيين كبيرين، وكل ذلك من أجل البقاء في السلطة.
بيد أن سهام الجنرال بريك تطال بقية قيادات المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل: “لحزني العميق فإن كافة القيادات السياسية والعسكرية تنقاد خلفه كالخراف.. لهم عيون ولا يرون.. لهم آذان ولا يسمعون. وهم منشغلون ببقائهم الشخصي بعد الفشل الذريع في السابع من أكتوبر الذي وقع بسببهم”.
ويخلص “نبي الغضب” الإسرائيلي إلى القول إن “إطالة أمد الحرب باسم “تدمير حماس بشكل مطلق” تتيح عرقلة النتيجة الحتمية. هم أيضاً يفضّلون البقاء في الحكم على حساب أمن إسرائيل ومواطنيها ..هؤلاء يقودوننا للهاوية”.
يشار إلى أن بريك قد حذّر، في سلسلة محاضرات ومقالات في السنوات الأخيرة، من أن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لحرب محتملة، وفاقد للأهلية القتالية، لأسباب تتعلق بالكمّ والكَيف معاً، منبّهاً بشكل منهجي إلى أن الجبهة الداخلية أيضاً غير جاهزة لامتصاص ضربات خارجية كالصواريخ، خاصة الدقيقة، وأن القيادة الإسرائيلية فاسدة وعمياء، ولا ترى التهديدات، ولا تعمل وفق سلّم أولويات حقيقي.