بغداد ـ «القدس العربي»: عدّت «فصائل المقاومة الإسلامية» في العراق، أمس الجمعة، نتائج زيارة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى واشنطن، أن بعضها «تسويق إعلامي» معتبرة البعض الآخر أنه يأتي لـ«النهب والسرقة والاستعمار والتوسع الجديد للهيمنة الأمريكية على مقدرات العراق».
بيان مشترك للفصائل، تناقلته مواقع إخبارية محلّية، أفاد أن «وعد ذهاب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى أمريكا، كنا ننتظر أن يكون كما وعد، أن يمثل العراق الأبي وشعبه الغيور لتحقيق السيادة، لا أن يملى عليه من أحمق متفنن بسرقات الشعوب، وإراقة الدماء» على حدّ البيان.
وأضافت الفصائل أن، كان على الكاظمي أن «يجعل على رأس أولوياته تنفيذ قرار الشعب العراقي الذي خرج بتظاهرات مليونية، واتخذ قراره أن وجود الاحتلال الأمريكي وخرابه ودماره وتمويله للإرهاب وصناعة الأزمات وخلق الفوضى ليعيث في اقتصاد العراق وأرضه فساداً وينهب خيراته، يجب أن ينتهي، ثم بعد ذلك قرر البرلمان والحكومة تنفيذ قرار الشعب وإخراج القوات المحتلة، التي وجودها وخروقاتها خارج اتفاق الإطار الاستراتيجي، بل هو تعدٍ سافر على سيادة وكرامة العراق».
«الحق القانوني»
البيان لفت إلى أن بعد كل ما فعلته واشنطن في العراق «نتفاجأ من أن زيارة رئيس الوزراء لم تتضمن تنفيذ قرار إخراج القوات المحتلة الأمريكية بشكل كامل، ونعدّ ذلك التفافاً على سيادة العراق وكرامة شعبه، والتفافاً على الدستور والقانون الذي يلزمه تنفيذ قرار مجلس النواب».
وأكدت الفصائل أن «عودة رئيس الوزراء من غير تحقيق قرار الشعب والبرلمان والحكومة، وما قطعه من وعد على نفسه معنا ومع القوى العراقية، أن يكون رجل دولة بحجم العراق يدافع عن سيادة بلده وينهي الاحتلال الأمريكي، فإن المقاومة العراقية الأبية التي خرجت من رحم العراق وتنتمي إلى عشائره الأصيلة لها الحق القانوني والمشروع في حال لم يتفق على الانسحاب الكامل للمحتل، بالانتقال من مرحلة العمل المقاوم التدريجي السابق ومنح الفرصة للحوار السياسي، إلى مرحلة التصعيد واستهداف كل المصالح الأمريكية، وزلزلة الأرض تحت قواتهم المحتلة، ولن تنجو من استهداف نيراننا مهما تحصنت وابتعدت عن مدننا».
يأتي ذلك بعدما أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال لقائه الكاظمي في البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة ملتزمة بخروج سريع لقوات التحالف الدولي من العراق خلال 3 سنوات.
وقال، في كلمته، «انسحبنا بشكل كبير من العراق وبقي عدد قليل جداً من الجنود، ولكننا هناك للمساعدة» مشيراً إلى أن «نتطلع للانسحاب من العراق في اليوم الذي لا يكون هناك حاجة لوجودنا هناك».
من جهة أخرى، استنكرت فصائل المقاومة العراقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل بالقول: «سنتعامل مع الأنظمة الخائنة للقضية الفلسطينية وللإسلام والعروبة بكونهم أدوات رخيصة للمحتل، وامتداداً لغدته السرطانية وعملاء ينفذون أجندات رخيصة للاستعمار الصهيوني في المنطقة».
البيان أكد أن «لن تخرج عن دائرة استهدافنا الوفود الإسرائيلية التي ترددت على بغداد مؤخراً، واجتمعت مع قيادات أمريكية وعراقية لتنسيق إداراتهم لملف الفوضى والتخريب في العراق، وتوزيع المهام الإعلامية الخبيثة والميدانية بينهم وتجنيد بعض ضعاف النفوس وتدريبهم وتزويدهم بكواتم ومتفجرات لتوسيع دائرة الاغتيالات، باستهداف أطراف متعددة، وإيجاد فتنة وفوضى وتفكيك نسيج المجتمع العراقي، لكن نطمئن شعبنا أن مقاومتهم لهم بالمرصاد ولدينا كل تفاصيلهم ونرصد تحركاتهم ولن نسمح بجر البلد إلى الفوضى والاقتتال الداخلي الذي يخطط له الصهيوني والأمريكي».
وختم البيان قائلاً: «نهيب بمجتمعنا الحذر من الهيمنة الإعلامية والجيوش الإلكترونية التي تستهدف قيمه وثقافته. فيما الهيمنة الإعلامية تشوش الحقائق لحرف تفكير شعبنا إلى ما تشاء الإدارة الأمريكية».
في المقابل، أكد الكاظمي، أن لقاءه مع ترامب كان «مهماً وناجحاً».
فصائل شيعية تلوّح بتصعيد جديد يستهدف مصالح «الاحتلال» ووفود من تل أبيب ترددت على بغداد
وقال، حسب القناة الرسمية، إن «كلا الطرفين العراقي والأمريكي خرجا مرتاحين من هذا اللقاء» لافتاً إلى أنه «جرى خلال اللقاء الحديث عن التعاون الاقتصادي، والتعاون الأمني، وإعادة تقييم الوجود الأمريكي في العراق».
وأضاف أن «تم الاتفاق من خلال الحوار الاستراتيجي برئاسة وزير الخارجية ونظيره الأمريكي على مجموعة مبادئ تصب جميعها في مصالح الشعب العراقي، التي تتعلق بتواجد القوات الأمريكية، وإعادة جدولته، وإعادة انتشار القوات الأمريكية خارج العراق» مبيناً أنه «تم الاتفاق ضمن الحوار الاستراتيجي على وضع فريق فني لإيجاد آلية لهذا الانتشار خارج العراق».
ولفت إلى أن «لأول مرة أرى مواقف أمريكية واضحة ومتفهمة لمطالب الحكومة العراقية» مشيراً إلى أن «الرئيس ترامب أكد أن القوات الأمريكية ستنسحب من العراق خلال الثلاث سنوات المقبلة، وهم يبحثون انتشارها خارج العراق».
وتابع أن «الرئيس الأمريكي قال؛ إن أعداد القوات الأمريكية قليلة جداً، وبالفعل هي قليلة، لكنّ العراق يحتاج إلى هذه القوات لتدريب وتطوير قوات الجيش والأجهزة الأمنية».
وأوضح أن «من الجانب الاقتصادي؛ فالعراق يحتاج إلى تقييم العلاقة من أجل مصالحه، خاصة أن أمريكا دولة مهمة، وفيها صناعات كبرى، في ما يخص النفط والطاقة وحتى التعليم» مؤكداً أن «العراق لديه فرصة للاستفادة من شراكة مع دولة صناعية كبرى».
وبين أن «تم توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم في مجال النفط والطاقة، وأهمها عقد في ما يخص النفط في محافظة ذي قار، وهو مشروع استراتيجي فيه فائدة كبيرة لأبناء المحافظة والعراق عموماً».
وذكر أن «بكل تأكيد، أن هذه الشراكة تؤسس لعلاقة جديدة تُبنى على أساس علاقة دولة مع دولة» مشيراً إلى أن «وجهة النظر العراقية وقرار مصالح العراق لا يقررهما الآخرون».
ونوه إلى أن «ما قاله خلال زيارته الأخيرة إلى إيران هو نفسه ما قاله إلى الولايات المتحدة، وهو البحث عن علاقات دولة مع دولة، والبحث عن علاقة الخصوصية العراقية، التي تقدرها مصلحة العراق».
وتابع: «نحن دائماً نرفع شعار العراق أولاً، واليوم في هذه الزاوية نعتقد أن مصلحة العراق هي من تقرر نوع علاقاته، وأخبرنا الجانب الأمريكي بأننا نعمل على مبدأ العلاقة وفق السيادة العراقية».
وأشار إلى أن «تركيا دولة جارة، ودولة كبيرة ومهمة جداً، ولكن في الوقت نفسه نحن نرفض الاعتداء التركي على الأراضي العراقية، وكذلك نرفض الاعتداءات من بعض الأطراف على الأراضي التركية انطلاقاً من العراق أو حتى من دول أخرى» لافتاً إلى أن «الدستور العراقي لن يسمح أن يكون العراق منطلقاً للاعتداء على أي أحد من جيرانه، ولا نسمح بذلك، لا مع تركيا أو غيرها».
وأكد أن «العراق يحترم جيرانه، ويطلب من الآخرين أن يبادلوه الشيء نفسه» مشيراً إلى أن زيارته إلى الأردن «ستكون منتصف الأسبوع المقبل للتباحث في العلاقات بين البلدين».
حوار عراقي ـ أردني ـ مصري
وتابع أن «الزيارة تتضمن إكمال الحوار العراقي المصري الأردني، الذي بدأ في القاهرة في زمن الحكومة السابقة، وسيكون لقاء ثلاثياً بين الملك عبد لله الثاني والرئيس السيسي ورئيس وزراء العراق» موضحاً أن «هذا اللقاء مهم لتطوير العلاقات الثلاثية، في ما يخص المجال الاقتصادي، وكذلك في ما يخص التطورات في المنطقة».
وأوضح أن «حقيقة تمديد بقائي في أمريكا، كان بطلب من الكونغرس الأمريكي كي نعقد اجتماعاً مع رئيس الكونغرس» مبيناً أن «الجانب الأمريكي جاد ببناء علاقة مع العراق تعتمد على مبدأ احترام السيادة، ومساعدة العراقيين، وهذا اللقاء سيوفر فرصة لشرح مطالب العراقيين أمام ممثلي الشعب الأمريكي في الكونغرس ومجلس الشيوخ».
ويتفق الزعيمان ترامب، والكاظمي، على أن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق، تقوم على «الرغبة المشتركة في الأمن والازدهار». جاء ذلك وفقاً لبيان مشترك لهما.
وأضاف أن «التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لهزيمة داعش وقوات الأمن العراقية قاما معًا بتدمير الخلافة المادية لداعش ونواصل العمل بالتنسيق الوثيق لضمان جعل داعش غير قادرة على تشكيل تهديد للعراق وكل دولة أخرى».
وتابع البيان، أن «نعيد تأكيد التزامنا بالتعاون الأمني طويل الأمد لبناء القدرة العسكرية للعراق والتصدي للتهديدات لمصالحنا المشتركة».
وأكمل، أن «تعاوننا الأمني يعزز أساس جهودنا لتوسيع التعاون الاقتصادي والإنساني والسياسي والثقافي».
وأشار إلى أن «انتشار جائحة فيروس كورونا يؤكد كذلك على أهمية العمل معًا لبناء عراق مزدهر ومستقر يوفر الوظائف والخدمات للشعب العراقي ويعمل كقوة استقرار في الشرق الأوسط».
وفي وقت سابق، قال ترامب، إن القوات الأمنية العراقية أدت اداءً مهما في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» فيما أكد دعم الولايات المتحدة للعراق «حتى يكون جاهزا للدفاع عن نفسه» حسب تعبيره.
وذكر، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الكاظمي، أن «بغداد وأربيل حققتا تعاوناً جيداً في الحرب على داعش ونحن دعمنا ذلك».
وأضاف، أن «القوات العراقية ادت اداءً مهما في مواجهة داعش، وسندعم العراق ليكون جاهزاً للدفاع عن نفسه، ونتطلع الى اليوم الذي تنتهي فيه الحاجة لبقاء قواتنا».
وتابع، أن «العراق بلد مستقل ولديه حكومة جيدة وقادرة على حسم الملفات المهمة، وليس مناسباً ان نبقى هناك طويلاً» مشيرا إلى أن أمريكا لديها «أقوى جيش في العالم وقادرون على ردع أي هجمات في العراق وفي أي مكان».
وأشار إلى مشاركة الولايات المتحدة في «العديد من مشاريع التنقيب عن النفط في العراق».