نتنياهو “بجسد مضغوط ونص كاذب” والمعارضة تصدر بياناً مشتركاً.. والعرب خارج الدائرة

حجم الخط
1

“اقتراح الحوار” الذي قدمه أمس وزير العدل ياريف لفين، ورئيس لجنة الدستور سمحا روتمان، لرؤساء المعارضة لا يستحق حتى تسميته “مناورة مخادعة”. توأم الانقلاب، كما كتب ليئير لبيد وبني غانتس، بأنه “حان الوقت للالتقاء هذا المساء في بيت الرئيس بدون شروط مسبقة”، أي بدون وقف أو حتى تأجيل العملية التشريعية التي جرت حتى الآن بشكل وحشي ومفترس، وكأن المقصود هو إجراء نقاش رئيسي بدون أي ذرة من الاستعداد للاستماع للمعارضين.

مثل طقس معروف مسبقاً، أجاب لبيد بالإيجاب لكن شريطة أن يتم تجميد التشريع لفترة معينة، كما وجه الرئيس إسحق هيرتسوغ. وعبر لفين وروتمان عن أسفهما من هذا الرفض، واتهماه بعدم الرغبة في إجراء حوار حقيقي. خلافاً لهما، بالطبع، الذين يتوقون منذ فترة إلى التصالح، ولكن للأسف، لا يوجد من يتصالحون معه.

كانت هذه هي اللعبة التمهيدية الأقصر في تاريخ سياسة إسرائيل، التي لم توصل إلى المرحلة “ب”، بل إلى الانفصال وتعميق الشرخ بين المعسكرين. لفين وروتمان، وآريه درعي أيضاً الشخص القوي في الائتلاف، أوضحوا أمس بأنهم لن يتنازلوا عن جوهر الخطة، وهو تسييس لجنة تعيين القضاة وإلغاء ذريعة المعقولية وسن فقرة الاستقواء بأغلبية في الائتلاف، إضافة لسعي حثيث إلى الهاوية الدستورية.

المظاهرة الكبيرة التي جرت أمس لم تزحزحهم ولو شبراً واحداً عن تصميمهم؛ فهي وتوسل الرئيس والذعر المتزايد في مكتب رئيس الحكومة من هزيمة الأخير في المعركة الإعلامية جعلتهم يتنكرون في زي دب “نعم، نعم”.

نشر نتنياهو في نهاية المظاهرة فيلم فيديو قصيراً عبر الإنترنت للرد. لغة جسده أظهرت أنه مضغوط ومذعور. النص، للمفاجأة، كان كاذباً ومتلاعباً ومنافقاً، وحاول إظهار صورة الضحية.

هاكم عدة مقدمات: “اليسار في مظاهرة، وصفوا الرئيس بـ “الخائن”. لا، كانت المظاهرة مهذبة ومنظمة. بعض المتظاهرين (من بين الـ 100 ألف شخص) صرخوا “بيبي خائن”. هو انفعل جداً، حتى قبل لحظة كان يقود معارضة عنيفة التي تطاول أعضاؤها في جلسة الكنيست ووصفوا رؤساء الحكومة السابقة بأوصاف مثل “يؤيدون الإرهاب” و”حكومة الإخوان المسلمين”، ورفضوا الاعتراف بشرعيتها.

الآن، الشخص الذي شق طريقه للعودة إلى الحكم عن طريق التحريض والتقسيم وشراء أعضاء كنيست من خلال إعطائهم وظائف، يصرخ عند مشهد (زائد ومضحك) لأعضاء كنيست من “يوجد مستقبل” قفزوا على الطاولة في لجنة الدستور، واتهم رؤساء المعارضة بالمسؤولية عن “الفوضى” (غير الموجودة) وبتوارع غير متناهيٍ يعظهم بأن “معظم المواطنين في إسرائيل يريدون الوحدة”.

نتنياهو لا يتحدث باسم أي أغلبية في ما يتعلق بالانقلاب النظامي. وحسب الاستطلاعات، الأغلبية تعارض الخطوة العنيفة في الكنيست وتعارض بشدة تغيير النظام وتشمئز من القوانين الشخصية الفاسدة، مثل قانون درعي 2، الذي سيصادق عليه في الغد في جلسة الكنيست بالقراءة الأولى، ويعرف بالضبط ما هي المصالح الظلامية التي تقف وراءها.

وثمة تلاعبات أخرى: “يحرص رئيس بلدية تل أبيب، رون خولدائي، على سفك الدماء بشكل صريح”. لا. قام خولدائي بأسلوبه المهذب بعملية تمييز تاريخية، صحيحة تماماً، وأرفق معها تحذيراً: “الدول الديكتاتورية لن تصبح ديمقراطية إلا بسفك الدماء”. إذا كانت هذه الأقوال “تحريضاً على سفك الدماء” فالخوف الذي عبر عنه المستشار القانوني السابق أفيحاي مندلبليت من سفك الدماء عقب “الإصلاح”، هو أيضاً دعوة للعنف.

الانقضاض على خولدائي، الذي رافقته وسائل الإعلام وجزء منه سطحي وآخر متعمد، هو إشارة أخرى في الظاهرة المتفشية هنا: من يحذرون يتحولون إلى محرضين، والقلقون يتحولون إلى معتدين، والضحايا يتحولون إلى مجرمين، والمتظاهرون يساريون، والمحتجون هم فوضويون، والحقيقة كذب.

في ظل التدهور نحو الديكتاتورية نجح رؤساء أحزاب المعارضة في التوصل أمس إلى بيان مشترك. الشيء الذي كان طبيعياً ومفهوماً ضمناً في الكنيست السابقة، في كتلة اليمينيين – الحريديين، لإخراج ايتمار بن غفير، الذي تمت تخبئته لأسباب تكتيكية، تم عرضه كأحد عجائب الخلق. جلس كل من لبيد وغانتس وافيغدور ليبرمان وميراف ميخائيلي على نفس الطاولة! والعرب؟ لا.

قال منصور عباس بأنه قد دعي للجلسة، ولكنه قرر بأن يوفر على نفسه عدم الراحة من الزملاء اليهود. أما أيمن عودة وأحمد الطيبي فلم تتم دعوتهما. هذا الغياب غير محتمل ولا يغتفر. المواطنون العرب سيتضررون من الانقلاب بشكل أقسى وأسرع من سكان تل أبيب، حتى لو لم يفهموا ذلك. فقد كان لممثليهم مكان على الطاولة، وليذهب انقضاض اليمين عليهم إلى الجحيم.

ذات مرة في الكنيست، توجه رئيس المعارضة لبيد إلى أعضاء الكنيست السبعة الوزراء من الليكود المعتدلين، العقلانيين والليبراليين نسبياً – آفي ديختر ويولي ادلشتاين ونير بركات ويوآف غالنت وداني دنون ودافيد بيتان وإسرائيل كاتب، وتوسل إليهم كي يوقفوا هذه الخطوة التي يقودها نتنياهو ولفني وروتمان. بعضهم، مثل دانون وبيتان وادلشتاين، صرحوا مؤخراً تصريحات مختلفة عن زملائهم. كاتس وبركات وغالنت صمتوا من رعب الأعضاء.

كان لبيد أول من ذكر اسم ديختر. يبدو أنه يوليه أهمية بسبب ماضيه كرئيس لـ “الشاباك” وكشخص رفيع في حزب “كديما”. رئيس المعارضة كما يبدو لم يستمع إلى نشرة الصباح في “كان ب”. ووزير الزراعة أجرى مقابلة أمس ولم يكن من الواضح إذا كان المتحدث هو وحيد القرن بجلد أرنب أم العكس. لا يجدر التعويل عليه، وفي الحقيقية ولا على الآخرين.

بقلم: يوسي فيرتر

 هآرتس 14/2/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    اخر مسمار يدق في نعش دويلة السراب والخراب إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين ☑️

إشترك في قائمتنا البريدية