نتنياهو خاطب الإسرائيليين من منصة الكونغرس وأكد على أهميّته كزعيم.. وخطابه لن يغيّر معارضيه في أمريكا

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: علقت مجلة “تايم”، في تقرير أعدّه إريك كورتيلسا، على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام جلسة مشتركة في الكونغرس، يوم الأربعاء، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدث من الكابيتال هيل للتأثير على الإسرائيليين.

وقال التقرير: “أراد بنيامين نتنياهو خروج الإسرائيليين بانطباع مميز في ساعة الخطر التي تواجه أمته، فهو رئيس الوزراء الوحيد القادر على قيادتها على المسرح العالمي. وفي كلمة أمام جلسة مشتركة، يوم الأربعاء، قاتل رئيس الوزراء من أجل مستقبله السياسي، وأعلن عن الحرب في غزة بأنها حرب من أجل نجاتها”.

الكاتب: الخطاب عبارة عن أداء سياسي ممسرح، وكان بالنسبة لنتنياهو، رجل المبيعات الذكي، فرصة لكي يقنع الإسرائيليين بأنه الوحيد القادر على إدارة العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية

 ودافعَ، في خطاب لقي اهتماماً بين المشرعين الجمهوريين، عن العملية العسكرية ضد “حماس”، التي شنّت هجوماً على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وعنَّفَ بشدة ملايين المحتجين الذين اتهموا إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وطالبوا بوقف العملية العسكرية في غزة.

وطلبَ من المشرعين تقديم المزيد من الدعم العسكري للدولة اليهودية. وقدم رؤية غامضة لغزة ما بعد الحرب.

ويعلق الكاتب بأن الخطاب كان عبارة عن أداء سياسي ممسرح، وكان بالنسبة لنتنياهو، رجل المبيعات الذكي، فرصة لكي يقنع الإسرائيليين بأنه الوحيد القادر على إدارة العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.

ومن هنا، حاول أن يجرّ الولايات المتحدة للحرب، ويؤكد أن لها مصلحة فيها: “هذا ليس صداماً بين الحضارات”، و”لكنه صدامٌ بين البربرية والحضارة”، مضيفاً أن إسرائيل تقوم بإضعاف إيران من خلال الهجوم على “حماس”. ولهذا “يجب أن تقف أمريكا وإسرائيل معاً”، و”عندما نقف معاً يحدث شيء بسيط، ننتصر، ويخسرون”.

وبالنسبة للكثير من الأمريكيين، فالأمر ليس بهذه البساطة، فقد قاطع حوالي 70 نائباً وسناتوراً ديمقراطياً كلمته، وهي زيادة عن 58 نائباً قاطعوا كلمته عام 2015، عندما هاجم فيها اتفاقية باراك أوباما النووية مع إيران.

وكانت هذه المرة الأخيرة التي قبل فيها نتنياهو دعوة من الباب الخلفي للكونغرس، وضد رغبات رئيس ديمقراطي. ولأن نائب الرئيس عادة ما يكون حاضراً في الجلسات المشتركة للكونغرس، فقد كان الأكثر وضوحاً غياب كامالا هاريس، المرشحة المفترضة للحزب الديمقراطي بعد انسحاب بايدن.

ومن المتوقع أن تقابل نتنياهو يوم الخميس. ووجد بعض النواب طرقاً للتعبير عن احتجاجهم، فقد رفعت نائبة ميتشغان، رشيدة طليب، الفلسطينية- الأمريكية الوحيدة في الكونغرس، لافتة كتب عليها: “مجرم حرب”، أثناء كلام نتنياهو.

وفي الوقت الذي كان نتنياهو يناشد المشرعين في واشنطن، إلا أن جمهوره الأهم  كان في إسرائيل.

فلم تعد شعبيته تتجاوز 32%، وبدون حكومة حرب، ما أدى لزيادة التوقعات بانتخابات جديدة. وتقول الاستطلاعات إن نسبة 72% من الإسرائيليين يريدون استقالة رئيس وزرائهم بسبب الفشل في منع 7 تشرين الأول/أكتوبر. ومن هذه النسبة هناك 44% تريده الرحيل حالاً، ونسبة 28% تريده الاستقالة بعد نهاية الحرب.

 ويأمل نتنياهو بأن يزيد خطابه في العاصمة واشنطن من تعزيز مكانته في إسرائيل، وأن يزيد خطابه من مكانته التاريخية، فيوم الأربعاء كانت المرة الرابعة التي يتحدث فيها نتنياهو أمام جلسة مشتركة، وبهذا تفوّقَ على سجل رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرتشل، وأصبح الزعيم الأجنبي الأكثر تحدثاً للكونغرس.

 ولدى نتنياهو سبب آخر في الحديث للكونعرس، فهو في مهمة لإصلاح علاقته مع دونالد ترامب، الذي لا يزال متفوقاً على الديمقراطيين في استطلاعات الرأي. ولم يتحدثا معاً منذ مغادرة ترامب البيت الأبيض.

 وفي مقابلة مع “تايم”، أجريت معه في نيسان/أبريل، وصف الرئيس السابق التجربة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنها “تجربة سيئة”، مشيراً لعملية مشتركة لاغتيال القيادي العسكري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، حيث تراجع نتنياهو وترك أمريكا وحيدة.

نتنياهو: هذا ليس صداماً بين الحضارات، لكنه صدامٌ بين البربرية والحضارة

 وحمّلَ ترامب نتنياهو مسؤولية منع اختراق “حماس” لإسرائيل “تم انتقاد بيبي وحقيقة لما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر”، و”حدثت تحت سمعه وبصره”.

وفي خطابه شكرَ نتنياهو ترامب على كل ما قدمه لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية للقدس، وشجب محاولة اغتياله، وأنه شعر بالراحة لنجاة ترامب من الهجوم الغادر عليه، وعلى أمريكا، والديمقراطية. وسيلتقي ترامب مع نتنياهو في مقر إقامته بمار- إي- لا غو بفلوريدا.

وخارج الكونغرس تجمّعَ عشرات الآلاف من المتظاهرين المطالبين بوقف الحرب، التي قتلت أكثر من 39,000 شخص.

 وذكرت المشاهد وحضور الشرطة بتظاهرات الجامعات الأمريكية في الربيع. واتهم نتنياهو المحتجين بأنهم مع “حماس”: “هؤلاء المحتجون يقفون معهم”. ووصفهم بأنهم “أغبياء إيران المفيدون”.

وكشفت اللحظة عن الانقسام في الكونغرس، حيث وقف الجمهوريون على أقدامهم مصفّقين، وبقي الديمقراطيون على مقاعدهم.

وكان المطلب الأكبر لنتنياهو تسريع شحنات الأسلحة لمساعدة إسرائيل على إنهاء المهمة. ورغم الدعم الكامل من الجمهوريين لإسرائيل إلا أن الحزب الجمهوري بات انعزالياً، ويحاول تجنّب السياسة الخارجية.

 وفي حديثه عن اليوم التالي، قدّم رؤيته القائمة على غزة منزوعة السلاح، وخالية من التشدد. ولم يقدم سوى تفاصيل قليلة حول كيفية الوصول إلى هذه النتيجة، وإن كان الفلسطينيون سيقبلون برؤيته، و”يجب أن يكون لغزة إدارة مدنية لا تريد تدمير إسرائيل”.

ولن يجد إعلانه آذاناً مصغية لدى إدارة بايدن، التي قالت إن النتيجة يجب أن تقود إلى دولة فلسطينية، ولن تقمع ثورة التقدميين في الحزب الديمقراطي ضد حكومة إسرائيل. وبالنسبة لنتنياهو، فما يهم هو الجمهور الإسرائيلي، والذي قد يقرر مصيره قريباً.

الصحيفة: وصف ترامب التجربة مع نتنياهو بأنها “تجربة سيئة”، مشيراً لعملية مشتركة لاغتيال قاسم سليماني، حيث تراجع نتنياهو وترك أمريكا وحيدة

ورأت مجلة “بوليتيكو” أن نتيناهو لم يظهر أي ميل لإعادة النظر في نهج الحرب الذي يسير عليه في غزة. لكنه كان حريصاً على عدم إغضاب الأمريكيين، ولم يذكر هاريس في خطابه. وقالت إن خطاب نتنياهو لن يؤدي إلى تغير كبير في الدعم، سواء بين الجمهوريين، الذين وقفوا معه في الحرب، أو الديمقراطيين الغاضبين منه.

وقال النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا جيمي غومير: “لم يكن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس قاصراً مثل أفعاله منذ تولي الحكم، وأدعوه للاستقالة فوراً”.

ولاحظت المجلة أن معظم الديمقراطيين لم يحضروا الكلمة، ومن حضر غادر القاعة حالاً قبل مغادرة نتنياهو.

ووقف تشاك شومر، زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، أحياناً مصفقاً لنتنياهو، لكن ليس مثل البقية.

 وأضافت أن الخطاب لن يكون مهيمناً على شاشات الأمريكيين، حيث تحدث الرئيس بايدن عن سبب انسحابه من السباق في نفس الليلة. ورأت أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي هو الأكثر جدلاً، ليس بسبب الإحباط داخل الديمقراطيين من مسار الحرب، ولكن من السخط الذي لا يزال حاضراً من استخدامه خطابه عام 2015 لمهاجمة باراك أوباما. وهو ما دفع الديمقراطيين للنظر إليه بأنه زعيمٌ مؤيدٌ للجمهوريين، وخاصة أثناء فترة ترامب. وظلت الصورة ملتصقة به، رغم محاولته التأكيد على أهمية دعم الحزبين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية