في مكانين أردت أن أكون أول أمس أكثر من أي موقع آخر. الاول هو محيط رئيس الوزراء للاستماع الى البحث في حبة البطاطا الساخنة التي تدحرجت الى الداخل مع تحرير الارقام المفزعة عن عادات استهلاك العائلة الملكية. المكان الثاني الذي أردت أن أكون ذبابة فيه هو مكتب المحرر الرئيس للبوق ‘اسرائيل اليوم’ في نقاشه عن كيف ينطلقون مرة اخرى الى المعركة في الدفاع عن سمعة الملك. لنبدأ في مكتب رئيس الوزراء. يمكن القول بيقين ما بأنه يعمل هناك أناس أكفاء وجديرون، بعضهم التقيته غير مرة ويمكنني أن اشهد بأن الحديث يدور عن مادة جيدة. ولكن أول أمس ذات العصبة من المستشارين فشلت في المهمة الأكثر بساطة ظاهرا اطلاق تعقيب مناسب ودقيق يصلح الاضرار التي ألحقها نتنياهو وعقيلته هذه السنة. فحتى هناك يدعون بأن الحديث يدور عن طقوس دائمة لوسائل الاعلام، بأن هذه المطاردة هي مثلما كتب مراسل البلاط درور إيدار آلة ‘موسمية’، وبالتالي فهل هذا ما نجحوا في أن يطلقوه هناك؟ إسناد مشكوك فيه على لسان جثة لم تبرد بعد؟ أولم تتعلموا شيئا من السنة الماضية. اذا ما شطبنا استضافة عرض آينشتاين، فان تعقيب المكتب بالذات لم يكن سيئا، جزءا من الالغام التي نثرت في التقرير المشوق الذي وصل بفضل ‘حركة حرية المعلومات’ أُزيل، وكان فيه قدر كثير من الموضوعية. ولكن لدى نتنياهو، مثلما هو الحال لدى نتنياهو، حين يدق الفزع على الباب ‘تتشوش المنظومة دوما، وهكذا الغضب الجماهيري، الذي يحل في كل الاحوال، سيشتعل أكثر فأكثر من خلال الانتهازية الرخيصة للاستخدام الزائد لأرشيف آينشتاين. وبالمناسبة، ذات الأرشيف يمكنه أن يضربك ايضا، بالضبط مثلما فعلوا أمس في ‘يديعوت احرونوت’ عندما امتشقوا اقتباسا آخر لآينشتاين الذي انتقد استعراضات رئيس الوزراء التظاهرية. مهما يكن من أمر، فانه مثلما في كل يوم يوجد أكثر من 300 ألف بيان تنتظر الضربة المضادة، وهذه بالفعل جاءت مع عرض محرج آخر للمتزلفين والمنافقين من النوع المنخفض جدا وبالطبع دحرجة الذنب نحو الآخرين (في المرة السابقة أُزيحت النار الى مقر الرئيس). اذا ما الذي كان لنا هناك؟ بعض اقتباس عن الوزير بيرون الذي يُزعم بأنه يدافع عن نتنياهو وعلى الفور أصبح عنوانا رئيسا، الوزير أردان الذي جُند بأمر استدعاء للاحتياط، وكما يُذكر محلل البلاط درور إيدار في مقالة هزيلة حاول فيها أن يربط بين اوباما و’امبراطورية الشر’ لـ ‘يديعوت احرونوت’ والتبذير الذي ليس تبذيرا لرئيس الوزراء. لا ينبغي لنا أن نتوقع من رئيس الوزراء حياة تقشف، فنحن لسنا في فترة شد الحزام، ولكن يدور الحديث رغم ذلك عن وقت للتواضع فيه قيمة، فترة اقتصادية ليست بسيطة بالنسبة لمعظم الجمهور في البلاد بحيث أنه يجب أن يُجند على عجل طفل يصرخ بأن الملك عار أو على الأقل منقطع تماما عما يحصل في الخارج. مطلوب مستشار لا يخشى أن يقول ‘يا رفاق، إنها فكرة سيئة جدا أن نُجلس اريك آينشتاين على جدارنا، تعالوا نكتفي بشرح قصير ومُركز’. أخشى أنه لا يوجد اليوم في المكتب حتى ولا واحد كهذا. رئيس الوزراء معروف بمحبته لمن يقولون نعم، وصبره على المستشارين ذوي الرأي ينفد بسرعة. حتى لصحيفة البلاط من المجدي أن تستعين بقدر من التواضع، فتعترف احيانا بأن الزعيم يخطيء وأن تنصت الى المزاج العام بدلا من غسل دماغه. لا يوجد ما يدعو الى أن نتوقع ذلك بالطبع، فنتنياهو، رئيس الوزراء الشعبي مع القوة السياسية الهائلة، وصحيفته، التي وصلت الى نسب اطلاع هائلة، عالقان في احساس الضحية البنيوي لديهما؛ فهما الضعفاء الذين يتعرضون للاعتداء وكل الباقين هم أشرار يمتصون دمهما. رهاني هو أنه في السنة القادمة سنعود الى ذات المكان بالضبط، ومرة اخرى كل من يبحث عن الشفافية والتواضع سيُدان بصفته مقتلع اسرائيل، ناكر للجميل لا يعرف المساهمة الهائلة التي يقدمها نتنياهو لشعب اسرائيل. سنلتقي هنا.