ابراهيم درويشلندن ـ ‘القدس العربي’: اتفقت معظم التقارير في الصحافة البريطانية على ان الرئيس الامريكي باراك اوباما اتفق مع القادة الاسرائيليين على موضوعين اساسيين وهما سورية وايران، وكان واضحا في ضوء التقارير التي تحدثت عن استخدام الاسلحة الكيماوية في النزاع ان اي دليل يثبت ان الحكومة السورية استخدمت السلاح الكيماوي فان هذا يعني تغييرا في قواعد اللعبة. فأوباما وان اكد ان بلاده لا تريد التورط في حرب جديدة في المنطقة او تسليح طرف في النزاع الا ان النبرة التي طبعت تصريحات المسؤولين الامريكيين اكدت على الشك برواية النظام السوري وعدم تصديقهم حول قيام المعارضة باستخدام السلاح النووي. دعوات وضغوطوقد ادى هذا الى سلسلة من ردود الافعال داخل الاطراف الامريكية الداعية الى ضرب بشار الاسد وانهاء نظامه، حيث دعا مايك روجرز، رئيس لجنة الشؤون الامنية في الكونغرس الى اتخاذ اجراءات ضد نظام الاسد، حيث قال انه لو بقي الاسد في الحكم وثبت انه استخدم الاسلحة الكيماوية فان هذا ‘سيلوث مصداقيتنا’.وقال روجرز لشبكة ‘سي بي اس’ ان هناك احتمالات عالية عن استخدام الاسلحة الكيماوية وعن ادلة تشير الى وجود كميات قليلة منها. فيما دعا كارل ليفين النائب الديمقراطي ورئيس لجنة الدفاع والاسلحة في الكونغرس الى زيادة الجهود العسكرية وضرب بعض الدفاعات السورية. وكان روبرت فورد السفير الامريكي في سورية قد اخبر لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ان ادارة اوباما ليس لديها ما يدعم رواية نظام الاسد.واضاف ان الادارة قلقة وتقوم بدراسة التقارير بحذر والتي تحدثت عن استخدامها في حلب وضواحي دمشق. وفي شهادته قال فورد ان الحرب السورية التي دخلت عامها الثالث اصبح فيها السوريون يواجهون مستوى من القساوة حيث يقوم النظام باستخدام صواريخ سكود التي تسقط على الاحياء السكنية ‘تدمر المستشفيات والمدارس، ويقوم النظام بارسال بلطجيته الهائجين لترويع المواطنين، والمذابح مروعة’. وبعد كل هذا قال مثل رئيسه اوباما ان الحل الامثل للازمة هو ‘انتقال سياسي للسلطة يتم التفاوض عليه’ بدون الاسد. فيما نقل عن قائد في حلف الناتو قوله ان هناك خططا للتدخل في سورية واقامة منطقة عازلة.ستر ومعدات واقية اما بريطانيا فتقول صحيفة ‘ديلي تلغراف’ انها سترسل جوا المئات من اجهزة الكشف عن الاسلحة الكيماوية والستر للحماية من اثر استخدامها للمقاتلين السوريين.وقالت ان هذا هو الجزء الاول من المساعدات غير القتالية للمعارضة السورية. واشارت الصحيفة الى ما قاله رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من ان المجتمع الدولي بموقفه المتفرج يسمح لسورية بالتحول الى بوسنة جديدة. ونقل عن مسؤول له علاقة بالتخطيط ان ‘معدات الحماية في مخازن وزارة الدفاع هي وسيلة فعالة لتوفير الحماية للناشطين الذين يقاتلون النظام’.واضاف ان الاجهزة تسمح للمقاتلين كي يقوموا بالكشف عن استخدام النظام للسلاح الكيماوي مما يعطي الفرصة للعالم كي يتحرك وبسرعة حسب قول المسؤول. وقد اشار كاميرون الى ان دعوة بريطانيا لرفع الحظر على تصدير السلاح للمعارضة سببه الخوف من استخدام النظام للسلاح الكيماوي.وعليه عاد موضوع التحذير من ترسانة سورية الكيماوية وتحتل مركز النقاشات، فالتحذيرات الاسرائيلية المتكررة وتهديداتها بانها ستتصرف بطريقة منفردة حالة تأكدها من تعرض هذه الترسانة للخطر او وقوعها بايد متطرفة.اسطورة اسلحة الدمار وفي الاجواء الحالية كما يقول روبرت دريفوس، في مجلة ‘ذا نيشن’ الامريكية اعادة لسيناريو العراق، حيث قال ان الصقور والمحافظين الجدد والليبراليين من دعاة التدخل واخرين وكل شخص في واشنطن باستثناء الرئيس اوباما يرغبون بالتدخل العسكري في سورية. ومن هنا فان اخر بعبع هو اسلحة الدمار الشامل. وقال الم نسمع هذه النبرة من قبل ـ اي قبل عشرة اعوام.واشار الى شهادة مايكل سينغ، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى امام الكونغرس الذي اكد فيها على البعد الاخلاقي الذي يجب بناء عليه ان تتدخل الولايات المتحدة في سورية، حيث قال ‘اننا نشاهد في سورية ترافقا ما بين الواجبات الاخلاقية والمصالح الاستراتيجية، فعلى على الرغم من ان تعارض هذين الدافعين في العادة الا انهما في الحالة السورية يتزامنان’.واكد سينغ على ان الحالة الاخلاقية واضحة وتدعو للتدخل، خاصة ان عدد القتلى تجاوز السبعين الفا والمهاجرين تجاوز المليون. اما الحالة العسكرية فليست واضحة خاصة ان الكاتب ينقل تحذير تقارير صحافية اخرى من محاولة جبهة النصرة تطبيق الشريعة واسلمة المجتمع في حلب ومدينة الرقة ودير الزور. وعلى الرغم من هذا فالثنائي جون ماكين وليندزي غراهام يطالبان الرئيس اوباما بالتدخل في المعمعة السورية، حيث اعتمدا على تقارير لم يتم التحقق من صحتها عن اي من طرفي النزاع استخدم اسلحة دمار شامل ضد الاخر. فالرئيس اوباما قال العام الماضي ان استخدام بشار الاسد لاسلحة الدمار الشامل هو خط احمر وستكون له عواقب خطيرة. وعليه علق النائبان قائلين ‘ان صحت التقارير اليوم فقد تم تجاوز خط الرئيس الاحمر، وبناء عليه نحثه باتخاذ عمل فوري لفرض العواقب الخطيرة التي وعد بها’.ومن هنا فعودة الموضوع للنقاش السياسي في الكونغرس يضع ضغوطا على الرئيس اوباما لتحقيق وعوده، فماكين وغراهام يحظيان بدعم من نواب اخرين اهمهم النائبة دايان فينستين والتي قالت ‘هذا موضوع سري نصحنا بالحذر وتحري ما نقول’، على الرغم من ان الكثير من التقارير اشارت على عدم استخدام هذا السلاح.لا ادلة فبحسب ‘نيويورك تايمز’ ‘فان ايا من الطرفين لم يقدم دليلا واضحا، وقال مسؤولان امريكيان انه لا توجد ادلة عن استخدام السلاح الكيماوي. وتحدث مسؤول في وزارة الدفاع قائلا انه يجب التعامل مع الزعم بحذر ان لم يكن ‘بشك كبير’. ومع ان المسؤولين الاسرائيليين تحدثوا علانية عن استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي الا ان مسؤولين امريكيين نقلت عنهم الصحيفة قالوا ان بنيامين نتنياهو لم يقدم ادلة قاطعة بهذا الشأن اثناء الاجتماع المطول مع اوباما. وعلقت على ان لهجة اوباما العامة ربما جاءت من اجل تطمين نتنياهو وتأكيد وقوف امريكا بجانبه.واضافت ان تصريحات اوباما جاءت محسوبة نظرا لطبيعة الاتهامات التي يوجهها كل طرف للاخر. وعلى خلاف هذا فالجانب الاسرائيلي وان لم يقدم ادلة الا انهم كانوا واثقين من اقوالهم فبالاضافة الى وزيرة العدل تسيبي ليفني. فقد نقلت عن مسؤولين اسرائيليين لم تذكر اسميهما قالا ان اسرائيل متأكدة من استخدام السلاح الكيماوي الا انها لا تعرف نوعه وكميته واي طرف قام باستخدامه. وقال مسؤول ثالث ‘هناك امكانية عن استخدام تم للاسلحة الكيماوية او عناصر منه’ لكنه اضاف ‘لم ار اي دليل يؤكد’ استخدامها. وتساءل دريفوس في النهاية ان كانت لعبة اسلحة الدمار الشامل يتم لعبها من جديد في سورية. وكانت اجابته بنعم، اي حرب مزورة على اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط. بين العراق وسوريةوفي ظل مرور عشرة اعوام على غزو العراق اظهر برنامج وثائقي عرضته محطة بي بي سي البريطانية تحت عنوان ‘الجواسيس الذين خدعوا العالم’ وقدم فيه معده بيتر تايلور الكيفية التي تلاعب فيها الساسة في بريطانيا وامريكا بالمعلومات الاستخباراتية لدعم الحرب على صدام حسين، وكيف استفاد مرتزقة وآفاقون من الوضع لفبركة معلومات لا اصل لها للدفع بالحرب وتدمير العراق الذي لا يزال اهله يعانون من سنوات من الاهمال وجروح الحرب الطائفية.وقد يحلو للبعض المقارنة بين الحالتين السورية والعراقية، فقد تجاهلت الاستخبارات الامريكية والبريطانية معلومات اكدت عن عدم امتلاك صدام السلاح الشامل، وفي سورية هناك ترسانة من هذا السلاح، لكن النظام لم يستخدمه بعد على خلاف صدام الذي استخدمه من قبل اي قبل غزو العراق وعندما كان يحظى بدعم امريكي وغربي في حربه مع ايران. وهناك نقطة اخرى تطرح ان العراق ومؤسساته قبل الغزو كانت فاعلة والخدمات الرئيسية كانت متوفرة. وفي الحالة السورية فالبلاد منهارة الا من بعض المدن، وبعض المدن تحولت الى مناطق اشباح ولم تعد هناك خدمات ولا ماء او كهرباء ووقود.ومن ناحية مستوى العنف فسورية لديها مستوى اعلى مقارنة مع العراق اثناء الحرب الطائفية، ففي تلك الفترة كان يقتل كل شهر من العراقيين حسب ‘عراق انديكس’ حوالي 3.374 شهريا.وفي سورية يقول يقول مركز توثيق العنف ان عدد القتلى شهريا 4.472 اي بمعدل 149 سوري في اليوم. ويظل العدد كبيرا ان اخذنا بعين الاعتبار ان عدد سكان العراق (31 مليونا) اكبر من سورية (22 مليونا). وعلى الرغم من ازمة اللاجئين في سورية لم تصل بعد حجم موجة اللجوء العراقية التي ادت الى فرار ما يقرب من 3 ملايين لدول الجوار خاصة سورية الا ان الازمة السورية ستترك اثارها بطريقة مختلفة على العقد الحالي، من خلال صعود الجهاديين وتحولاتهم التي نجمت عن تجربة العراق.وبالمقابل فان العقد الاول من القرن الحالي الذي شهد غزو العراق ادى الى تصاعد الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، حيث تعرضت احياء في بغداد الى عملية تطهير فيما تم عزل السكان السنة في احياء مسورة بالجدران كي يسهل مراقبتهم وبالتالي السيطرة عليهم.qarqpt