إعلان وزير الدفاع بني غانتس عن تعيين لجنة فحص من قبل وزارته بشأن قضية الغواصات والسفن، وصل أخيراً مساء أمس، بعد عدة تأجيلات لا لزوم لها. يبدو أن هذا الوقت قد استغل من لكي يحدد، من ناحية قانونية، صلاحيات اللجنة. بالنسبة لـ”أزرق أبيض” الذي يحارب ليحفظ ما بقي له من تأييد سياسي، فقد تكمن فيها فرصة لخلق وجع رأس لرئيس الحكومة نتنياهو. هذا ما تدل عليه ردود الليكود العصبية.
المفهوم الأساسي في مرسوم التعيين الذي أرسله غانتس لرئيس اللجنة، القاضي المتقاعد امنون ستراشنوف، موجود في بداية الصفحة الأولى. ستفحص اللجنة “سلوك جهاز الأمن ومجمل الجهات التي كانت مشاركة في عملية اتخاذ القرارات التي اتخذت بالنسبة لإجراءات الشراء”. التعيين يعطي ستراشنوف فرصة لاستدعاء المتورطين في القضية إلى التحقيق باستثناء وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي، أي رئيس الحكومة وأعضاء هيئة الأمن القومي ومحامي نتنياهو المقرب، داني شومرون. في الصفحة الثانية، ورد أن اللجنة مسموح لها التوجه إلى كل شخص لديه معلومات عن المواضيع التي ستحقق فيها.
لا يمكن للجنة أن تجبر الشهود على الامتثال أمامها، ولكن مجرد استدعاء نتنياهو قد يسبب له الإحراج. وعلى فرض أنه سيرفض، فسيظهر كمن يتهرب من معرفة الحقيقة، وهكذا ستكون الحال إذا تم منع رجاله من الامتثال. ويمكن لـ”أزرق أبيض” إدارة حرب في الحكومة حول توسيع صلاحيات اللجنة مثلما تم في حالة لجنة فينوغراد التي حققت في حرب لبنان الثانية في 2006 وحصلت على صلاحيات لاستدعاء شهود بالإكراه. أيضاً هنا، معارضة نتنياهو ستعرضه كمن عنده ما يخفيه.
تحصن رئيس الحكومة ومؤيدوه حتى الآن خلف مقولة المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت (المكروه بالنسبة له في أي شأن آخر) بأنه لم يجد أي مبرر لإجراء تحقيق جنائي ضد نتنياهو في القضية. في أعقاب جميع المعلومات التي تم الكشف عنها منذ ذلك الحين، أصبح هناك الآن ما يمكن التحقيق فيه بشأن قضية الغواصات والسفن الدفاعية، حتى لو يتعلق يكن الأمر بتحقيق جنائي. ومن المشكوك فيه إذا كان المتظاهرون ضد نتنياهو، ومنهم ضباط كثيرون متقاعدون، سيكتفون بذلك. لكن –وأخيراً- ثمة نقطة بداية على الأقل.
لصالح ستراشنوف وعضوي اللجنة الآخرين، وقائد سلاح البحرية السابق الجنرال احتياط أبراهام بن شوشان، ومديرة المشتريات في مكتب رئيس الحكومة السابقة ياعيل غريل، توجد أفضلية واحدة: هم متقاعدون من وزارة الدفاع. شتراشنوف، وهو عميد احتياط، كان المدعي العام العسكري وقائد مندلبليت، وغريل شغلت وظائف رفيعة في وزارة الدفاع وفي مكتب رئيس الحكومة. وهذان لا ينتظران الحصول على وظيفة أخرى. يبدو أن الأشخاص الموجودين في هذه المرحلة من حياتهم المهنية يهتمون أكثر بترك بصمات أكثر من أن يرضوا أحداً ما. السؤال هو: هل سيكون هذا كافياً ليدفع بالفحص قدماً إزاء المعارضات التي ينوي الليكود وضعها في طريقهم.
تردد غانتس بشأن تشكيل اللجنة منذ زمن إزاء تهديدات نتنياهو. وما نشر سابقاً عن قراره المتوقع في “حداشوت 12” في الأسبوع الماضي جعله يؤجل القرار في اللحظة الأخيرة مدة ثلاثة أيام. جاءت في نهاية هذا الأسبوع صفقة تثير الاستغراب مع نتنياهو بشأن تعيين مدير عام لمكتب رئيس الحكومة البديل مقابل تعيين المحاسب العام في وزارة المالية. وجر هذا مزيداً من الانتقاد الشديد لغانتس من الداخل، وربما لم يترك له أي خياراً عدا التقدم في موضوع الغواصات.
غانتس يقدر، مثل كثيرين في المستوى السياسي، بوجود احتمال جيد يبين أن نتنياهو متوجه لإجراء انتخابات في آذار القادم، من خلال خرق متهكم لاتفاق التناوب بين الحزبين. فهل سيقرر رئيس الأركان السابق أن يقابل مصيره بقامة منتصبة؟ إن لـ”أزرق أبيض” الكثير من الفرص لتنغيص حياة الليكود في الكنيست في الأسابيع المقبلة إذا تم اتخاذ قرار بذلك. نتنياهو ورجاله لا يجلسون بهدوء في هذه الأثناء، ويمكن إدراك هذا من البيان الفوري عن نوايا وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، تشكيل لجنة فحص في قضية شركة “البعد الخامس”.
بقلم: عاموس هرئيل
هآرتس 23/11/2020