غزة – “القدس العربي”: لم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، فأتبعت القرار بآخر استولت بموجبه على أكثر من 11 ألف دونم في منطقة الأغوار، بما يؤكد أن هذه المخططات تهدف إلى تنفيذ مخطط “الضم الناعم” لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وبما يكذب روايات الدول العربية التي أبرمت اتفاقيات تطبيع مؤخرا مع الاحتلال، وادعت بموجبها أنها أوقفت مخطط الضم.
وضمن المخططات الاستيطانية الجديدة، استولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على أكثر من 11 ألف دونم في منطقة الأغوار الفلسطينيةـ، لصالح ما يسمى المحميات الطبيعية، في واحدة من أكبر عمليات الاستيلاء.
وقال قاسم عواد مدير عام توثيق انتهاكات الاحتلال في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إن الاحتلال أعلن استيلاءه على 11.200 دونم، لصالح ثلاث محميات طبيعية إسرائيلية في الأغوار الفلسطينية.
وبين عواد أن تلك المحميات تقع في دير حجلة بأريحا، والأخرى جنوب الجفتلك قرب مستوطنة “مسواه” المقامة على أراضي المواطنين، والثالثة شرق عين الحلوة والفارسية في الأغوار الشمالية في المنطقة الواقعة بين مستوطنتي “مسكيوت، وروتم” المقامتين على أراضي المواطنين في الأغوار.
وأشار إلى أن الاحتلال ينوي خلال الفترة المقبلة الإعلان عن أربع مناطق جديدة كمحميات طبيعية في الضفة الغربية، لافتا إلى أن معظم عمليات الاستيلاء تندرج تحت بند “المحميات الطبيعية”، التي يخصصه الاحتلال لاحقا للبناء الاستيطاني.
وأوضح أنه منذ إعلان الإدارة الأمريكية عن مخطط “صفقة القرن” في نهايات يناير الماضي، صادق الاحتلال وأودع مخططات للمصادقة على أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس.
وجاء الكشف عن المخطط الرامي للسيطرة على تلك المساحات الكبيرة من أراضي الضفة، بعد يومين من مصادقة سلطات الاحتلال على بناء أكثر من 5000 وحدة استيطانية جديدة في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، بينها 1100 وحدة في محافظة بيت لحم.
وأكدت السلطة الفلسطينية أن المصادقة دلالة على الهجمة الاستيطانية التي ترتكب بحق محافظة بيت لحم، حيث تنوي إسرائيل لتغيير الوضع الديمغرافي للمدينة، في إطار سعيها لمحاصرة مدينة القدس المحتلة.
وجاءت عمليات الاستيطان الجديدة، التي تؤكد السلطة الفلسطينية أنها جزاء من عمليات الضم والسرقة والقضم التدريجي للأرض الفلسطينية المحتلة، لترد على روايات دولة الإمارات العربية المتحدة التي ادعت بتوقيعها على اتفاقية السلام مع إسرائيل، أنها عملت على وقف مخطط الضم.
وكانت دولة الاحتلال وافقت على تنفيذ مخطط ضم يأتي على 30% من مساحة الضفة الغربية، وتستولي بموجبه إسرائيل على المناطق التي تقام عليها المستوطنات وعلى منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، وتقتل على حلم الفلسطينيين بإقامة دولة متواصلة وتحولها إلى كنتونات.
وفي هذا السباق كانت منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية غير الحكومية المعارضة للاستيطان، قالت إن المصادقة على بناء مئات الوحدات الاستيطانية بالضفة، هو بمثابة “ضم بحكم الأمر الواقع”، واعتبرت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يدس بذلك إصبعه في أعين “أصدقائه الجدد” في الخليج، منتقدة الخطوة الإسرائيلية التي تأتي في ظل حديث عن ضغوط مورست على نتنياهو من قبل قادة المستوطنات.
وكانت الخارجية الفلسطينية أكدت أن قرار الحكومة الإسرائيلية بالبناء الاستيطاني يمثل “دليل جديد على استمرارها في تنفيذ مخططات الضم وفرض السيطرة الإسرائيلية على الارض الفلسطينية المحتلة”، وأنه يعد محاولة لإنهاء “حل الدولتين” .
من جهته دعا منسق الأمم المتحدة الخاص نيكولاي ملادينوف، إلى “الوقف الفوري” لجميع الأنشطة المتعلقة بالاستيطان، وقال إن بناء المستوطنات “غير قانوني” بموجب القانون الدولي وهو أحد العقبات الرئيسية أمام السلام.
وأكد في بيان أصدره أن المصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية يشكل “مصدر قلق كبير لجميع أولئك الذين ما زالوا ملتزمين بتعزيز السلام الإسرائيلي الفلسطيني”، وأضاف “تقوض هذه التحركات احتمالات تحقيق حل قائم على وجود دولتين من خلال التآكل المنهجي لإمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة ومستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن”.
وفي السياق، بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (روسيا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، استغلال الوباء والمضي قدما بمخططاتها الاستيطانية والضم وترسيخ احتلالها العسكري للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وأشار إلى “تعليق” إسرائيل خطط الضم الخاصة بها لا يعني أنها تنوي الالتزام بالقانون الدولي، لافتا إلى أنها تواصل متابعة جميع الإجراءات الهادفة إلى استعمار وضم الأراضي الفلسطينية بشكل يومي مع توسيع المستوطنات، وهدم منازل الفلسطينيين، وتهجير الأسر الفلسطينية بشكل قسري.
وأشار إلى مصادقة الحكومة الإسرائيلية على بناء 5000 وحدة استيطانية أخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، في مناطق تقع بشكل أساسي في عمق الضفة الغربية، مشيرا إلى الهجمات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين من خلال هدم المنازل والإخلاء القسري والغارات العسكرية وغيرها من الجرائم، إضافة إلى قيامها بحماية ومساعدة المستوطنين المسلحين والمتطرفين في تنفيذ هجمات ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك تدمير الممتلكات الفلسطينية والتخريب واقتلاع الأشجار والاعتداء المباشر على المدنيين، تحت حماية قوات الاحتلال.
وأكد منصور أن مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، انتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني “هي النتيجة المباشرة لانعدام المساءلة عن الاحتلال الذي عمل على توسيع سيطرته على الأرض يوما بعد يوم على مدار الـ 53 عاما الماضية”، داعيا المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، إلى مساءلة السلطة القائمة بالاحتلال، بدلا من مكافأة سلوكها الخطير بالصمت وتجاهل الألم والمعاناة اللذين يعاني منهما الأشخاص الذين يعيشون تحت حكمها العسكري.