تشرتشل في ايلات
لكن التهديد من غزة يهم نتنياهو الآن في الهامش فقط لأن هدفه ايران. وإن حقيقة أنهم في الغرب، فضلا عن الشرق، غير مستعدين للاصغاء اليه تُخرجه عن طوره، وهو يزيد في شدة النغمة من خطبة الى اخرى، فهم إن لم يصغوا اليه حينما يتحدث بهدوء فربما يصغون اليه حينما يصرخ مُحذرا. وتضاف الى ايران الشيطان الأكبر الآن اوروبا التي هي الشيطان الاصغر. فاوروبا منافقة ومتلونة. وهو يهاجم بصورة شخصية كاثرين آشتون وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي دون أن يذكر اسمها. ‘شهدنا ابتسامات ومصافحات من ممثلي الغرب مع قادة نظام الحكم في طهران في نفس الوقت الذي كانت فيه هذه الصواريخ تُنزل في ايلات’، يقول. وهم لا ينددون بايران بل لا يكادون ينددون بها، لكن اسرائيل ‘اذا بنينا شرفة في القدس سمعنا من المجتمع الدولي تنديدا عاليا’.
وهو لا يقل تلذيعا في كلامه بالانجليزية، فهو يتهم العالم بـ ‘خداع النفس’ ويقول إن روحاني خبير بالعلاقات الخارجية فقط، أما ايران الحقيقية فهي ايران خامنئي الزعيم الأعلى. وحينها يُشرك العالم في نبوءة آخر الزمان ويقول: ‘تستطيع ايران أن تسلح الحاويات القادمة بحقائب ذرية وارسالها الى كل مكان في العالم… إن ايران تخطط لصواريخ عابرة للقارات تهدد سكان الغرب’.
حينما سمعته سألت نفسي ما الذي يتوقع أن نفعله نحن مواطني اسرائيل على إثر كلامه. هل من الواجب علينا أن نحفر ملجأ ذريا في ساحة البيت المشتركة؟ وهل علينا أن نحاول استصدار جوازات سفر اجنبية؟ وهل يجب أن نعتنق الاسلام؟ وهل توجد غاية لهذه الصرخة؟.
وتذكرت تشرتشل وهو الرجل الذي يريد نتنياهو كثيرا أن يشبهه. لقد حذر تشرتشل بلده والعالم من المانيا النازية ورفض العالم الذي هو وادع دائما الاصغاء. وحينما تحققت تحذيرات تشرتشل دُعي ليقود بريطانيا الى النصر.
لكن اذا تحققت صرخات نتنياهو فلن تكون له دولة يقودها. وسيصرخ من ملجئه الذري تحت مدخل القدس ‘قلت لكم’، ‘قلت لكم’ ولن يوجد في الاعلى اسرائيلي حي واحد يستطيع أن يقول له صحيح، كل الاحترام.
وحينما لا يوجد هدف فانه يتحول من خطبة الى خطبة ليصبح أشبه بشتاينيتس، فهو يحفر ويحفر، ويطحن ويطحن، ويقول حقا ويقول حقا، لكن العدل يرفض أن يظهر.
الأوعية الصينية
عندي ملاحظتان في هامش الحدث في ايلات. الاولى أن حاويات السلاح في السفينة كانت مغطاة بأوعية من نوعين: أوعية ايرانية واخرى صينية. وقد بين العقيد آساف، وهو من ‘أمان’ الذي عرض الحاويات أن الأوعية التي كان الرمز الصيني منقوشا فيها أُغلقت في ايران. وقد حذرته من أن الصين تقف الآن في قمة فرح رئيس الوزراء. فاستوعب التحذير. وحينما عرض الحاويات قال بأدب: ‘ايران وبلد آخر’.
هذا الى أن القذائف الصاروخية من طراز إم 302، وهي الغنيمة الأهم التي ضبطت في السفينة هي قذائف صاروخية صينية وقد صنعت في سوريا بموافقة من الصين.
والثانية أنه لم يأت الى ايلات أمس مراسلون اجانب كثيرون ولا سيما اذا قيس ذلك بواقعة الاحتفال بكارين إي. يوجد بالطبع انخفاض عام للاهتمام الذي يظهره العالم بالشرق الاوسط وتقلص عام بصناعة الاعلام العالمي. هذا الى أن الحماسة لضبط السفينة محدودة. فهي تشبه تقريبا الحماسة لنبأ عن حادثة بين سفينتين كوريتين واحدة من الجنوب واخرى من الشمال.
يديعوت ـ 11/3/2014