نتنياهو يكمّم “الكارثة” و”الهيكل” وترامب يحقن شعبه بمواد التنظيف

حجم الخط
0

لو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تولى منصبه قبل ثمانين سنة لاحتمل أن يشخص الكارثة واستعد على الفور لإحباطها في مهدها. ولو أنه ولد قبل ألفي سنة لبقي الهيكل قائماً.

الشعب سعيد في هذه الأثناء. قطار الحكومة الجامح، الذي يسير بكل قوته، يحظى بتأييد كاسح، أي أن 56 في المئة من الجمهور، حسب استطلاع قناة 12، راضون عن الحكومة الواسعة (مقابل 29 في المئة يعارضونها).

ضجة محركات الجرافات تسمع في كل زاوية، في طريقها إلى الانقضاض على محكمة العدل العليا. فلا تسمع ولو صوتاً ضئيلاً ضد تلك البنود غير المعقولة التي تضمنها الاتفاق الائتلافي، والأشخاص هنا سعداء؛ وثمة سخاء حكومي غير مسبوق في كل ما يتعلق بشراء أصابع التصويت في الحكومة المستقبلية، وكل إصبع تكلف سيارة مصفحة وسائقاً وحراسة ومكتباً وراتباً سميناً.. والشعب سعيد. وابل من التهديدات يسقط على الموظفين المسؤولين عن جهاز القانون، وإذا تجرأوا على القيام بواجبهم الذي ينص عليه القانون، فسينهار كل شيء على رؤوسهم.. وأصداء صرخات النصر تسمع من السماء السابعة.

الحفل في ذروته، ليس هنا فحسب، فهذا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد أن حقن نفسه كما يبدو بكمية محترمة من الحماقة النقية، يريد من أبناء شعبه حقن أنفسهم بمواد التنظيف للقضاء على كورونا. ليس مهماً أن يقضى على المريض مع الفيروس.. ماذا يهم ذلك؟ فالأساس أن أن قضي على الفيروس. وكثير من الجمهور هناك يقولون لي.. ما زالوا يؤيدونه. في الحديث النبوي ورد: لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع، ولكع هو الأحمق اللعين.

في المقابل، وفي الجمعة الماضي وعبر القناة 12، قال مدير عام وزارة الصحة، موشيه بار سيمنطوف، دون أن يرف له جفن، بأنه لولا الخطوات التي اتخذتها الحكومة لوصل عدد المرضى في إسرائيل إلى 600 ألف. حقاً، لماذا نكون متواضعين إلى هذا الحد. إذا كنا نسير وراء التخويف فلماذا لا نتحدث عن ملايين المرضى؟

بتفكير آخر، ربما يرمز بار سيمنطوف، الذي توقف بكرمه عند هذا الرقم المتواضع، إلى الحاجة بأن يسجن هؤلاء الـ 600 ألف من أجل وقف تفشي المرض – شبيهاً لما يحدث في كتاب جوزا ساراماغو “العمى”. سراماغو تحدث عن وباء عمى يصيب البشر فتدخل السلطة من أصيبوا به إلى سجن كبير، أما قدرة الرؤية فبقيت من نصيب امرأة نبيلة واحدة فقط، تناور في الظلام من أجل الخروج مع أصدقائها إلى الحرية. يمكن الافتراض أن من يلعب دور هذه المرأة عندنا هو بنيامين نتنياهو الذي يعبّد لنفسه، في قلب العمى الشامل، طريقاً للهرب من المحاكمة.

في المقابل، ربما أراد سيمنطوف بذكره هذا الرقم الكبير وشبيهاً لسراماغو أن يرمز إلى أزمان صعبة ستأتي؟ ولكن لا يجب انتظار تحليل أقواله، السيناريو نفسه الذي يوجد في “العمى” بدأ يتحقق الآن. ها هو المقال المروع الذي كتبه يهوشع “غوش براينر” عن فرع القروض الذي يمر من البنوك إلى منظمات الجريمة (“هآرتس”، 24/4). في “عن العمى” نسب المجرمون إلى أنفسهم حصص الطعام، في حين أن كل مدخرات المقرضين ستصادرها عصابات الإجرام بصورة وحشية ودون حساب. محاولات القمع الاجتماعي بدأت تظهر والناس يهتفون للزعيم.

بالنسبة إلى لكع بن لكع، وإلى الشخصين الجديدين في الحكومة الجديدة، يوعز هندل وتسفي هاوزر، يتنقلان وهما يبتسمان من استوديو إلى آخر، ووسائل الإعلام تستمتع بالسحر الذي يشعانه، يتفاخران بأنهما داسا وعودهما للجمهور تحت أقدامهما الفظة، باستثناء وعد واحد وهو عدم الجلوس مع العرب. مسكين أنت أيها الجلاد العربي، كم من الخيانات نسبوها إليك وكم سيعلقون عليك.

بقلم: عودة بشارات

هآرتس 27/4/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية