نتنياهو يهدد لكن اسرائيل بلا ذخيرة

حجم الخط
0

‘يجب أن يفاجئنا القليل جدا مما حدث في جولة المحادثات الذرية الثانية بين القوى العظمى وايران. كان تسلسل الامور معروفا برمته تقريبا منذ لحظة انتخاب حسن روحاني لرئاسة ايران. وكان هناك فرضيتان واضحتان قُبيل تجديد المحادثات: الاولى أن روحاني انتُخب لاعادة الاقتصاد الايراني الى خطه الاول بازالة العقوبات بأقل كلفة للمشروع الذري. والثانية أنه ليس لادارة اوباما أي اهتمام بأن تُجر الى هجوم عسكري. وفي هذين الظرفين فان للطرفين مصلحة واضحة في التوصل الى مصالحة ولو مؤقتة تُمكّن كل واحد منهما أن يثبت عند هدفه الذي انطلق اليه. ولم يُحرز هذا أمس، لكن قد يحدث في جولة المحادثات التالية بعد عشرة ايام.
توقع روبرت آينهورن، وهو مسؤول رفيع سابق في فريق التفاوض الامريكي زار اسرائيل قبل اسبوعين، توقع التطورات بدقة. فقد قال في مقابلة مع صحيفة ‘هآرتس’ إنه سيُبذل حتى نهاية السنة جهد لصوغ تسوية مرحلية توقف ايران في اطارها تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 بالمئة مدة ستة أشهر عوض تخفيف في العقوبات.
وفي الفترة المرحلية سيجري تباحث في التسوية النهائية التي احتمالات التوقيع عليها ليست واضحة البتة. والامريكيون أكثر تفاؤلا بقليل، أما الاوروبيون فمتشككون.
إن الشك الذي تُظهره اسرائيل في اليومين الاخيرين له ما يقوم عليه لأن واشنطن تواقة الى التوصل الى صفقة، ولأن الايرانيين كانوا الى اليوم أكثر حنكة من خصومهم، ولهذا يبدو أن التسوية التي ستُصاغ لا تبشر اسرائيل بالخير. وعلى حسب الأنباء المشربة من جنيف فان الامريكيين والاوروبيين (إن فرنسا هي المتحفظة الوحيدة) مستعدون لأن يزنوا تخفيفا كبيرا للعقوبات لا إفراجا محدودا عن أملاك مجمدة وتعليق عقوبات هامشية. والتسوية المرحلية المقترحة لا تدفع ايران الى الخلف فيما يتعلق بقدرات التخصيب، وتُبقيها نظريا على مبعدة أشهر معدودة عن انتاج أول قنبلة. لكن يبدو الى الآن أن هجوم نتنياهو السافر على الولايات المتحدة قد جاء سابقا لأوانه شيئا ما. فقد تناول نتنياهو أولا اتفاقا لم يتم التوقيع حتى عليه. وثانيا يلوح رئيس الوزراء في هذه المرحلة بمسدس غير محشو. إن التهديد الاسرائيلي بهجوم أسهم اشهاما كبيرا في الحقيقة مع العقوبات في اعادة طهران الى طاولة المحادثات. لكن هذه العملية الآن تجري في ظل دعم المجتمع الدولي الذي يؤيد المصالحة وسيكون ثمنها عزلة قاسية لاسرائيل.
تبدو الدبلوماسية الآن وكأنها اللعبة الوحيدة في المدينة. فالامريكيون يؤمنون، بعد نجاح التسوية الفعالة بصورة مفاجئة في تجريد الاسد من السلاح الكيميائي، بأنه يمكن التوصل الى انجازات مماثلة في القناة الايرانية ايضا. إن امكانية عملية عسكرية اسرائيلية قد يُثار مرة اخرى في الربيع القادم فقط اذا فشلت الاتصالات لاحراز تسوية نهائية (ويزعم خبراء كثيرون أن اسرائيل لن تستطيع بسبب التقدم الايراني أن تُسبب ضررا كبيرا اذا هاجمت وحدها). ومن المؤكد أن اوباما قد سأل نفسه أول أمس عن نتنياهو: لماذا يقفز؟.
اذا كان نتنياهو ما زال يملك امكانات ضغط على الامريكيين فانها موجودة في مسارين غير مباشرين. الاول في مجلس النواب الامريكي بواسطة حث قاعدة الدعم الواسعة من الحزبين التي تؤيد اسرائيل لجعل حياة الادارة الامريكية صعبة. والثاني في القناة الفلسطينية حيث يستطيع نتنياهو أن يحبط جهود جون كيري للتقدم ما بقيت واشنطن تتجاهل طلبات اسرائيل في الشأن الايراني. وفي الحالين يصعب أن نُقدر ما هي قدرة اسرائيل على المساومة. إن التحفظات في واشنطن من عملية عسكرية في ايران واسعة ومشتركة بين كثيرين من الحزبين. أما في المسألة الفلسطينية، ودونما صلة بتهديد كيري الفظ الذي لا داعي إليه بنشوب انتفاضة ثالثة، فاننا نشك في أن يخدم جمود طويل وعدم فعل سياسي اسرائيل في الأمد البعيد.

هآرتس 10/11/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية