نتنياهو يواصل التضليل بشأن إرسال مساعدات لشمال غزة

حجم الخط
0

إسطنبول: استمرارا لنهج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في تضليل الرأي العام بشأن حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة، نقل إعلام عبري رسمي أن الأخير أوعز لحكومته بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع، في ادعاء يناقض ما يحدث فعليا على الأرض من جانب تل أبيب.
ففي الوقت الذي يأتي فيه الادعاء، والذي سبقته ادعاءات أخرى مشابهة في الأيام الأخيرة، تشدد تل أبيب من حصارها لشمال قطاع غزة لليوم الرابع عشر على التوالي، بما يشمل مواصلة جرائم الإبادة، حرقا ونسفا للمنازل على رؤوس ساكنيها، وقتلا للمدنيين الآمنين، ومنعا للطعام والماء والدواء، واستهدافا لكل ما يتحرك داخل المنطقة المحاصرة.
وشمل ذلك اليوم، إعلان الجيش الإسرائيلي عبر بيان، استقدام وحدة عسكرية أخرى لدعم قواته في بلدة جباليا ومخيمها، التي تشهد القدر الأكبر من جرائم الإبادة الإسرائيلية في شمال القطاع.
إلى جانب إعلان حركة حماس، عبر بيان، أن إسرائيل قطعت شبكة الاتصالات والإنترنت عن محافظة شمال قطاع غزة، الجمعة، محذرة من أن ذلك “محاولة لعزل الشعب الفلسطيني ومنع نقل الصورة الحقيقية إلى العالم عن حرب الإبادة الجماعية والتجويع التي يرتكبها الجيش منذ أكثر من عام كامل”.

تناقضات واشنطن

وفي ادعاءاتها الجمعة، قالت هيئة البث العبرية، إن نتنياهو، “أوعز لحكومته بإدخال 250 شاحنة مساعدات يوميا لغزة”، إثر “تهديد واشنطن بفرض حظر على توريد الأسلحة لتل أبيب بسبب عدم إدخال المساعدات إلى القطاع”.
هذا الموقف الأمريكي الذي تدعيه هيئة البث، يناقض تصرفات واشنطن في الواقع.
فالفلسطينيون يتهمون الولايات المتحدة بأنها شريك رئيس لإسرائيل في الإبادة الجماعية الجارية في غزة منذ أكثر من عام، عبر تقديمها دعما غير محدود لتل أبيب في الإبادة سياسيا وعسكريا واستخباراتيا، ما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 142 ألفا من الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال.

مراقبون:  إعلانات واشنطن  للإعلام بشأن مطالبة إسرائيل بتخفيف القيود على المساعدات لغزة تهدف إلى منح تل أبيب الحيز الزمني  لاستكمال تنفيذ “خطة الجنرالات” في شمال غزة

كما يتناقض الحديث عن ضغوط أمريكية على إسرائيل لرفع القيود عن المساعدات للقطاع، مع ما أعلنه مسؤولون أمريكيون، الثلاثاء الماضي، من أن إدارة الرئيس جو بايدن، “أمهلت إسرائيل شهرا” لاتخاذ خطوات لتحسين الوضع الإنساني في غزة، أو مواجهة قيود محتملة على المساعدات العسكرية الأمريكية.
وهي المهلة التي انتقدها مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الخميس، حيث حذر من مقتل “عدد كبير جدا” من الفلسطينيين خلال هذا الشهر.
وقال بوريل، للصحافيين، قبيل قمة لزعماء دول الاتحاد الأوروبي مرتقبة في بروكسل: “تقول الولايات المتحدة لإسرائيل إنها يجب أن تحسن الدعم الإنساني لغزة”.. واستدرك: “لكنها منحتها مهلة شهر، شهر واحد بالوتيرة الحالية التي يُقتل بها الناس.. (يعني) عدد كبير جدا (من القتلى).. الوضع كارثي”.
وسبق لواشنطن أن تحدثت عن حجب قنابل ثقيلة عن إسرائيل، بعد استخدامها في ارتكاب مجازر في غزة، قبل أن تعاود بعد وقت قصير إرسال هذه القنابل لها.
وبينما يدور الحديث عن تلويح بوقف المساعدات، أرسلت الولايات المتحدة لإسرائيل قبل أيام منظومة “ثاد”، التي تصفها بـ”جوهرة التاج” في منظوماتها الدفاعية.
ويرى مراقبون أن واشنطن عبر مثل هذه الإعلانات للإعلام بشأن مطالبة إسرائيل بتخفيف القيود على المساعدات لغزة، فإنها تمنح حليفتها تل أبيب حيزا زمنيا لاستكمال تنفيذ “خطة الجنرالات” التي كشف عنها موقع “واي نت” العبري في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، وتهدف إلى “تحويل شمال غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة، وإجلاء سكانها خلال أسابيع قليلة”.

المتسبب الأول بالمجاعة

وبالعودة إلى البيانات الإسرائيلية، التي تبدو وكأنها ذرٌ للرماد في العيون، في ظل المجاعة المتفاقمة بالقطاع جراء قيود إسرائيل، قالت هيئة البث إنّه من المتوقع أنّ يناقش مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر (الكابينيت)، الأحد المقبل، اقتراحا بإيجاد شركة مقاولة مسلحة تكون مسؤولة عن توزيع المساعدات الإنسانية في غزة.
وتثير هذه المناقشة المتوقعة تساؤلات حول هدفها، ومدى إمكانية نجاحها حال كانت صحيحة، خاصة أن المتسبب الأول في حالة المجاعة في القطاع، وخاصة في مناطقه الشمالية هو إسرائيل، التي تمنع المؤسسات الدولية من القيام بدورها بتقديم المساعدات، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وفي إطار إجراءاتها ضد “الأونروا”، صادقت لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، على مشروع قانون لحظر عمل هذه الوكالة الأممية، ما يمهد الطريق لإحالته إلى التصويت بالقراءة الثانية والثالثة في الهيئة العامة للكنيست ليصبح قانونا نافذا.
ووفق مشروع القانون في الكنيست، ستُلغى اتفاقية عام 1967 التي سمحت للأونروا، بالعمل في إسرائيل، وبالتالي ستتوقف أنشطة الوكالة في البلاد والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسيُحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها.

نقطة في بحر المساعدات

وادعى الجيش الإسرائيلي الجمعة، أنه “وفقا لتوجيهات المستوى السياسي نُقلت 30 شاحنة تحتوي على مساعدات نيابة عن المجتمع الدولي إلى شمال غزة عبر ميناء أشدود ومعبر إيرز الغربي”، دون تحديد الأماكن التي وصلتها والجهة التي استلمتها.
ويأتي ذلك مشابها لما أعلنه الجيش، الأربعاء، بشأن “نقل 50 شاحنة محملة بالغذاء والماء والمعدات الطبية إلى شمال غزة”، وهو ما نفاه مصدر في وزارة التنمية الاجتماعية بالقطاع غزة للأناضول، آنذاك.
وقال المصدر إن “ما تم إدخاله 12 شاحنة فقط محملة بالدقيق”، وهي لا تعادل نقطة من المساعدات في محيط الاحتياجات.

تحذيرات من منظمات دولية

هذا وتواصل المنظمات الدولية التحذير من “سلاح التجويع” الذي تستخدمه إسرائيل في غزة، حيث قالت منظمة “‏هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، الجمعة، إن “النزوح القسري واستخدام التجويع سلاح حرب يرقيان إلى جرائم حرب، والجيش الإسرائيلي يكرر هاتين الجريمتين في غزة”.
وأضافت المنظمة الحقوقية في بيان أنه “منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أمر الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة البالغ عددهم 400 ألف نسمة بمغادرة منازلهم”.
وذكرت أن الجيش الإسرائيلي ومع “تصعيد هجماته على شمال غزة، أمر بالإخلاء ومنع وصول المساعدات الغذائية إلى كل من يبقى هناك”.
على النحو ذاته، حذر المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، في بيان الاثنين الماضي، من أن نحو 400 ألف فلسطيني مهددون بـ”الموت جوعا وعطشا” في محافظتي غزة وشمال القطاع، جراء الحصار الإسرائيلي ومنع وصول المساعدات.
ولليوم الرابع عشر على التوالي يواصل الجيش الإسرائيلي حرب الإبادة والتجويع في شمال غزة، خاصة في بلدة جباليا ومخيمها، حيث يفرض حصارا خانقا وتجويعا، تحت قصف دموي مستمر، ونسف بيوت فوق رؤوس ساكنيها.
وبينما يدعي الجيش الإسرائيلي أن ما يقوم به في جباليا “عملية عسكرية لمنع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، ترافق ذلك مع بدئه في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع تُعد “الأعنف” منذ مايو/ أيار الماضي، في محاولة لإفراغ الشمال من سكانه وتنفيذ خطة لاحتلال المنطقة، حسب مسؤولين فلسطينيين في القطاع.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية