«بعدما كانت الست مسؤولة عن شرف العيلة.. أصبحت مسؤولة عن شرف العمارة» هكذا علقت نشوى في تغريدة لها على حادثة مقتل طبيبة مصرية في حي السلام في القاهرة سقوطاً من شرفتها. تقول القصة إن الطبيبة التي تسكن شقة في الدور السادس من العمارة تعرضت لهجوم من صاحب العمارة وزوجته وبعض السكان، حيث اقتحموا عليها شقتها واعتدوا عليها بالضرب، ما أدى إلى سقوطها من شرفة شقتها ومفارقتها الحياة في الحال. سبب تعدي المجموعة على الطبيبة هو اعتقادهم بوجود شخص معها في الشقة، ويبدو أنه تطبيقاً لقاعدة الحسبة، ودفاعاً عن شرف العمارة ولربما الحي بأكمله، قامت المجموعة بدخول السكن الخاص بهذه الطبيبة وضربها بما وصل لإسقاطها من شرفتها ووفاتها في الحال.
أتخيلها في ذهني، شابة في الثلاثينيات، ملقاة على الأرض بجانب عمارتها وكأنها أضحية على مذبح قديم غابر، مذبح اختفى من كل بقاع الأرض المتحضرة سوى عندنا، هذه البقعة المظلمة، حيث لايزال المذبح فاعلاً، لا يرضيه ولا يروي عطشه المتوحش سوى دماء النساء. أتخيل جسدها وهو متضعضع، تفرقت كسوره التي أودت بحياتها، كل كسر وكل شرخ وكل رضة، كل قطرة نزف داخلية وخارجية أفقدتها روحها، تحكي قصة غابرة متصلة ما انقطعت، قصة توأد في أحداثها البنات، البنات من كل الأعمار «فالبنات» لا يكبرن أبداً، يبقين تحت الوصاية، يبقين بنات، مهما تقدم بهن العمر، والبنات لا يعشن أبداً، يوأدن وهن حيات، ويحيين موءودات، ومن تحاول منهن الخروج من هذه الدائرة، ستجد نفسها هناك، أسفل الشرفة، على مذبح شرف الذكور المتعطش دوماً وأبداً للدماء.
شقيق الشابة يقول إنه من كان لديها في الشقة هو عامل الغاز الذي كان يوصل لها أنبوبة، والذي أخبرها أنه لن يكون لديه وقت للتوصيل إلا في الحادية عشرة ليلاً، وسكان العمارة يعتقدون أن من كان عندها كان غريباً مريباً في علاقته معها، والعقل يقول إنها امرأة بالغة عاقلة حرة في حياتها وعلاقاتها، وأن شقتها هي حيزها الخاص تفعل فيها ما تشاء. الحيز العام في بلداننا المحافظة المتدينة لا مكان فيه للنساء، هو «حيز طاهر» معقم بالقواعد الذكورية التي تسمح للرجل أن يأتي ما يشاء، أن يمشي في الشارع فيلقي ببذاءاته الكلامية على إحداهن، أن يمد يده فيغتصب جسدها بلمسة، أن يمد نظره فيسحق روحها وخصوصيتها بشهوانيته السائلة من عينيه كاللعاب اللزج، لكن أن تخرج هي لهذا «الحيز الطاهر» بملابس بلا أكمام مثلاً، فهي من استجلبت التحرش لنفسها ودنست المكان بجسدها. وهكذا انحشرت حريات النساء في الحيزات الخاصة، لكن هل يتركهن الرجال ذوو الدم الحامي لحرياتهن في تلك الأماكن؟ لا طبعاً، فالخاص كما العام، ملكية «للذكر» قبل المرأة، خاضع لوصايته، منوط بقواعده الأخلاقية التي لا تكسرها سوى أفعال النساء ولا تغسلها من أدرانها سوى دمائهن.
قصة قميئة مثيرة للاشمئزاز، تشجعها الأفكار الغبية والعادات والتقاليد الغابرة البائدة والقراءات الدينية المتشددة الذكورية، وفوق كل ذلك الأنظمة الأمنية في بلداننا التي تتسامح مع الذكور وتقبض ثمن تهدئة المجتمعات المتخلفة فقط من النساء. يقول عاطف في تغريدة له: «لما أجهزة الدولة نفسها بتعمل كده وبتقبض على أي بنت مش عاجبهم سلوكها يبقى ده تصرف طبيعي أننا نشوف منه كل يوم حادث مشابه، الدولة عاجبها كدة ومعندهاش أي نية للتغيير» وذلك «بالإشارة إلى فتيات التيك توك اللواتي تم سجنهن بدون وجه حق» حسب تعليق موقعvicearabia .
الحمد لله، الآن غُسل شرف أصحاب العمارة وسكانها بسقوط الطبيبة الشابة لتلقى حتفها من شرفة شقتها، الآن استتب الأمن والأمان، وستنطلق مصر للأمام بعد أن تخلصت من شائبة العار في شقة في عمارة في شارع في ضاحية في إقليم في بقعة من أرضها التي تضم ما يزيد عن المئة مليون نسمة. وقبل أن تغضب مني مصر العزيزة أقول لها «خذي في إيدك» وأنت تنطلقين إلى الأمام بقية دول الشرق الأوسط، خذي دول الشمال قاهرة الجمال كلبنان والأردن وسوريا، خذي دول الخليج فائقة المخملية كالكويت والإمارات والسعودية، خذي ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا، خذي كل بقعة من بقاع الشرق الأوسط «في إيدك» وأنت تخطين نحو المستقبل بعد أن غسل ذكوركم العار بأياديهم لتضحوا مجتمعات «طاهرة وحتبقى طاهرة» مادام فيها فحول تشم الهوا..
كل يوم قصة، كل يوم ضحية، والمصيبة أن النجاسة في عالمنا العربي لا تريد «أن تنضف».
نعم أنا غاضبة، وهذا مقال غاضب، وهو أضعف من أضعف الإيمان، ولن نصل لدرجة محترمة من الإيمان إلا حين نغضب كلنا كنساء في هذا الشرق الأوسط الأحمر، حين «نشعر» ونثور ونرفض وندافع عن أنفسنا بكل الوسائل… كل الوسائل.
أعلم أن للكاتبة المحترمة خطوطا بألوان مختلفة يصعب تخطيها, لكن لايجب ـ برأيي ـ إلقاء كل اللوم على عنصر واحد في المشكلة ( الذكور ) من هم هؤلاء الذكور ؟ هذا تعميم خاطيء. هناك ذكور يدافعون على حقوق المرأة وحريتها ربما أكثر مما تفعل بعض النسوة. السيدة هوجمت من قبل العمارة بذكورها وإناثها وربما حتى أطفالها .
أرى المشكل أعمق ( تلميح للسياسة ) وهذا صحيح . المشكل سياسي اجتماعي ديني وليس فقط “ ذكور “
الخطوط الملونة كثيرة , لكن يجب التعمق بعض الشيء ومحاولة الإحاطة بالجوانب الأخرى, وهذا أظنه حقلا ملغما.
أنا أتفهم مواقف كل الناس واهوائهم وطموحاتهم من جهة وحرماتهم وأعراضهم وخصوصياتهم من جهة أخرى , فأصحاب العمارة عندهم أطفال ومراهقين ولا يريدون أفساد فطرتهم إن شاع الخبر وأدى لفضيحة فمجتمعاتنا ليست حاسوب أبل مكنتوش تستطيع أن تنزع ما بداخلها من هاردوير وتضيف بدل منه مايكروسوف هارد وسوفت في ساعات وبعد ذلك plug and play حتى في المجتمعات الغربية لا يجوز ويدخل في التحرش بالأطفال والقاصرين. كما أن للمرأة والمجتمع أيضا حرمات وشرف وكرامة. أما بالنسبة للناضجين فقد سكنت أثناء الدراسة في ألمانيا في شقة كانت مجاورة لمومس وعندها كلب شرس وفي أحد الأيام أيقظت الحي على صراخها وعويلها طالبة المساعدة قائلة أنها “تعرضت للسطو” وإذا برجل كان عندها وهو قبيح الوجه (أو مشوه) ويلبس قناع واكتشفت ذلك وهرب ولكنها ادعت أنه سرقها. فجاء البوليس ولكن العجيب أن أمرآة عجوز تسكن في الطابق السفلي تصدت لهم واشتكت أنه لا يجوز أن تسكن هذه هنا وتفسد العمارة بالزبائن الغرباء وكلب الحراسة!
هل هي ظاهرة جرائم قتل، تحت يافطة الشرف ؟
كم امرأة قتلها المجرمون الحكام لانها ملتزمة بأفكارها المستمدة من الإسلام و لم نسمع لأمثال هؤلاء كلمة حق واحدة مدافعة عنهن ….تفرقون بين الناس حتى في الموت
الأسباب في ذلك كثيرة يا أختي العزيزة ومنها:
لا يوجد مواضيع جديدة ولا تجديد في الفكر نفسه، وعندما قلنا لهم ان الفكر العلماني او الحداثي او الحقوقي او… الخ يحتاج إلى تجديد لم يبالوا بكلامنا.
ومنها المتاجرة بقاضايا المرأة، فكما قلت في تعليقي الاسبوع الماضي، الكل يدعي المظلومية وأنه وكيل ومدافع عن المرأة، وقد نما إلى علمنا أن أناساً يدفعون المال للانضمام إلى المنظمات الحقوقية والسياسية لاكتساب لقب ناشط سياسي او حقوقي كمن يشتري شهادة علمية.
ومنها الجبن والخوف من مواجهة ظلم الظالمين وفساد الفاسدين، ولكن الجرأة في نقد الدين والعادات.. لأن نقد الظلم والفساد “يوديهم ورا الشمس” بينما الدين (مع اتفاقنا أنه يحتاج إلى تجديد في بعض المواضيع) لا عقوبة على نقده وخلطه بالعادات الفاسدة.
لكل مجتمع ودولة عادات وتقاليد وأعراف يجتمع على تقديسها الغالبية العظمى. فإن أصيب بريء أو بريئة لا يمكن تغيير المصلحة العامة لصالح فرد. وان كان هناك تعدي فليتحمل المعتدي مسؤةلية العبث!
مؤسف، و لكن متوقع، أن نجد من المعلقين من يبرر و يدافع عن ما تعرضت له الطبيبة. مضحك و مبكي أيضاً أن كثير من هؤلاء هاجروا من بلاد “المسلمين” لبلاد الغرب “الكافرة”.
قرأت كل التعليقات ولم أر أحدا يبرر القتل
والغرب الكافر حسابه في الآخرة ولكن في الدنيا لا مانع من السفر والعمل مع الكافر كذلك هؤلاء الكافرين يأتون إلى بلداننا للسفر والعمل احيانا والسياحة في حين يتهمون بلداننا بالتخلف والإرهاب ووو فلماذا يأتون إليها إذا كانت تحتوي كل هذه البلاوي!!
مع العلم ان الغرب هو السبب في أكثر بلاوينا إما بشكل مباشر كغزو العراق وطرد أهلها إلى الغرب
وإما بشكل غير مباشر كدعم الحكام الظلمة..
لا يُحسد الناس على ما أنعم الله عليهم وما فضلهم الله به! فليسافر المرء ويتجول ويقيم في بلاد الحرية والانفتاح ويتنعم كما يحلو له، لا أحد يعترض على ذلك. كما أن حرية اللهاث والإيمان بالمغريات والمعروضات والمروج لها متاحة ولكن لكل حرية الغوص والعوم او التعامل بحيطة وحذر وموقف ناضج ناقد وحكيم ومحايد، فهناك من يخرج لينجو من الاضطهاد إن كانت “بلاد الغرب الكافرة” أقل تنكيلا من بلاد الإيمان، وهناك من يسافر للرزق، وهناك من يسافر للتعلم وكسب المعرفة والتقنية ليعود ويصلح وينهض ببلاده وهذه مشروعة وهناك من يسافر ليتسوق ويستعطف النادلة والمضيفة والاستقبال بمئات الدولارات بذخا ورياءا وحاجة في نفسه ويعبد التبعية والانسيابية وراء الدعاية والبراقات مغمضا عينيه. وشكرا للقدس العربي.
أتعاطف معك سيدتي الكريمة كل أسبوع و أشفق عليك من معاناتك من واقعك المؤلم …..
سورة الفرقان ” أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ”
لا ينفع العطار ما أفسده الدهر ……و على من تقرأ مزاميرك يا داوود ……
المسلمون الذين يدافعون عن دينهم ليسوا أنعاما. الآية نزلت في الكافرين المعاندين الذين يرون الحق ساطعا وينكرونه!
اقرأوا اخواتي مقال: غضب النساء (البريطانيات) في الموقع ذاته!
يجب أن لا نتسور على بيوت الناس والدخول بدون استئذان. فللبيوت حرمة.وحتى إن كانت هناك شبهات في بيت ما فهناك قانون يلزم الجميع .وموت هذه الطبيبة المسكينة بتلك الطريقة المريعة بذون ذنب شيء يستدعي المعاقبة بأشد العقاب.
المشكلة ليست تسورا ولا تلصصا، ولكنهاخلاف بين البواب والضحية، ولا علاقة لها بالدين يا أهل التنوير والتقدم!
أولا رحمة الله عليها ، ثانيا : القصة برمتها غير واضحة المعالم ، من اتهام الجيران الطبيبة بعمل مناف للاداب ، ولم يقبضوا عليها متلبسة و في نفس الوقت التهجم عليها ورميها من الشرفة ، أو هي هربت والقت بنفسها ، بينما لم يتم فعل الشيء نفسه مع العامل الضيف عندها ، يمكن هلك مضايقات من الجيران الطبيبة لاخراجها من الشقة كونها وحيدة
وجاء موضوع العامل للتهجم عليها ، واخراجها من الشقة وما كانوا يتوقعون أن يتم قتلها ، أو رميها من الشرفة ،
لذلك ما زالت التحقيقات مستمرة
ولكن دائما نؤكد أن سبب مشاكل المرأة واستبدادها هي من المرأة قبل الرجل .
فإن كانت الطبيبة رحمها الله قد عملت عملا لا أخلاقيا ، فلماذا تُرِك العامل الذي عندها ؟