في عالم كرة القدم، أثبتت لنا التجارب والخبرات المتراكمة أن نجومية اللاعب تتأرجح بحسب ما يفعل في أرض الملعب فقط، والسرعة التي تصعد فيها أو تهوي هذه النجومية، تبقى مقياساً لدى الجماهير، التي دائماً وأبداً تفرق بين النجوم الحقيقيين ومن هم مجرد حبر على ورق.
لا شك أن الانفاق الهائل على نجوم كرة القدم، ان كان على بدل انتقالات لأنديتهم أو رواتب خيالية لهم، ليس مقياساً للنجومية، بقدر ما هو مؤشر له، فتشلسي أنفق ما يفوق مليار و200 مليون جنيه استرليني في غضون سنة على مجموعة من اللاعبين، من المفترض أن يكونوا من خانة النجوم، الا أن النتيجة حتى الآن مخيبة، ولا ترقى الى حجم المبالغ التي تم انفاقها، ما يقودنا الى الاستفهام عن حقيقة نجومية اللاعبين، بل قاد الى حقيقة الاستفهام عن نجاعة ادارة النادي اللندني التي أنفقت كل هذه المبالغ من دون أي مردود ملموس.
الأمر يتكرر في الدوري السعودي، فاليوم بات المشجع النصراوي أكثر جرأة في انتقاد نجمعه الأبرز كريستيانو رونالدو على المردود الضعيف له وللفريق بعد اخفاق جديد تكلل في الفشل عند دور الثمانية في دوري أبطال آسيا، بخسارته أمام العين الاماراتي بركلات الترجيح، واستمرار ابتعاد الفريق عن المنافسة على الألقاب في ظل سطوة الهلال وتألقه الكبير، وهو باب فتح على مصراعيه ليشمل انتقاد باقي نجوم الفريق، وبينهم السنغالي ساديو ماني، وامتد الى المدرب لويس كاسترو، بل حتى أن البعض نال من الادارة واعتبرها «عبثية» ولا تملك الرؤية الواضحة لتنفيذ مشروع يبنى على أسس متينة ويعيد النادي الى سكة الانتصارات.
فكرة التخبط هي ذاتها، عند تشلسي والنصر، فالهدف الأساسي من ضم بعض اللاعبين، كان بسبب أسمائهم ونجوميتهم، ففي حين لا غبار على ما قدمه رونالدو لنادي النصر والكرة السعودية خارج الملعب، من قوة جذب واهتمام عالمي، لكن في الحقيقة الاخرى انه قدم القليل جداً داخل الملعب على مستوى قيادة الفريق الى الألقاب التي هي في الأساس أول ما يتمناه مشجع «العالمي». فرونق وجود رونالدو في الفريق وبريقه مع كل قفزة مصحوبة بكلمة «سييي» فعلت مفعولها وتشبع منها المشجع العاشق، بل بدأت تفقد سحرها وتأثيرها تدريجياً، وسيزيد الهوان مع كل اخفاق وابتعاد عن منصات التتويج، وهو في الواقع ما يقودنا الى فكرة «نجوم من ورق»، التي تنطبق أكثر على بقية النجوم في الكرة السعودية، الذين تم جلبهم من أبرز الأندية الأوروبية، وبعضهم اعتقد ان بانتقاله الى دوري روشن بعد فقدان رونقه في الدوري الانكليزي، فانه سيذهب في اجازة للاستجمام والاسترخاء والاستمتاع براتب خيالي ورفاهية غير مسبوقة، مع أقل عناء ممكن، وبجهد لا يقارن مع ما كان يبذل في الدوريات الأوروبية، ولهذا السبب نجد أن في النسخة الأولى من قائمة النجوم، قلة منهم من نجح في الحفاظ على مستوياته، والاكثرية خيبت ظن المشجعين، وبينهم رونالدو وماني وفيرمينو ومحرز وبنزيمة وكانتي ونيمار.
اذا اعتبرنا ان اللوم يقع على النجوم فقط في هكذا اخفاق، فنحن مخطئون، واذا وجهنا أصابع الاتهام الى المدربين، فأيضا نحن غير منصفين، بل اللوم ينطلي أيضا على الادارات، التي تفتقد الى «الرؤية» ضمن «مشروع» يكون فريداً بها وبناديها وبظروفها، فرغم ان في الحالة السعودية فان ضم أبرز الاسماء من النجوم هو مطلب استراتيجي ضمن مخطط سياسي واقتصادي ورياضي، فان نوعية النجوم التي تلائم ظروف كل ناد مختلفة. فالاسماء الكبيرة من النجوم بامكانها أن تلعب دور الجاذب خارج الملعب لكن أيضا بامكانها أن تكون حاسمة ومهيمنة داخله، وتلعب دوراً أساسيا في التألق وربما احراز الألقاب.
ادارة تشلسي تبحث عن حلول للخروج من ورطتها، ولا تجد سوى فكرة تغيير المدرب، باقالته، الحل الامثل في محاولة لتحسين مستوى النتائج وعروض اللاعبين المكلفين، وهو ربما ما تفكر فيه كل الفرق التي أنفقت أموالا طائلة على «نجوم من ورق» في محاولة لقش أخطائها تحت السجادة، رغم ان التجارب السابقة تعلمنا ان النجاح في كرة القدم لا يأتي عبثاً، بل بالتخطيط السليم والتنفيذ الصحيح وحسن اختيار الاهداف. دور المدير الكروي أو الرياضي ستكون حاسمة في ضمان أن تكون أسماء النجوم المكتوبة على الورق هي بنفس الرونق عندما تظهر في أرضية الملاعب.