ندوة بالجامعة العربية تناقش ظاهرة تصاعد موجات الهجرة من مصر وشمال افريقيا الي اوروبا
ندوة بالجامعة العربية تناقش ظاهرة تصاعد موجات الهجرة من مصر وشمال افريقيا الي اوروباالقاهرة ـ القدس العربي ـ من احمد القاعود:المغتربون العرب في المهجر الاوروبي هو موضوع الندوة التي عقدت علي مدار يومين في جامعة الدول العربية وشارك فيها عدد من اساتذة العلوم السياسية بمصر ودول المغرب العربي وناقش المشاركون فيها اسباب الموجات المتتالية من الهجرة العربية الي اوروبا والمشاكل التي تقابل هؤلاء المهاجرين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومحاولة استشراف مستقبل المهاجرين والعلاقة بين الدول المستقبلة والمصدرة للهجرة.الجلسة الاولي كانت بعنوان الدوافع والتحديات في الموطن الاصلي وراسها الدكتور عبدالملك عودة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وكان اول الابحاث المقدمة فيها للباحثة راوية توفيق والتي حاولت فيها تبين اسباب ودوافع هجرة ابناء الشمال الافريقي الي اوروبا، وتري راوية ان الهجرة العربية وخاصة في الشمال الافريقي الي اوروبا نموذج مثير للاهتمام واذا كان الاوروبيون اهتموا بالحوار مع العرب في قضايا الهجرة خاصة غير الشرعية لتحقيق اولوياتهم للحد منها فان دول الشمال الافريقي تحتاج علي المستويين الفردي والجماعي الي تطوير رؤية واضحة لاولوياتها من هذا الحوار ولكيفية دعم روابطها بمهاجريها.وفي اسباب الهجرة تقول الباحثة انه لا توجد نظرية متكاملة او نموذج شامل قادر علي تفسير اسباب وديناميكيات الهجرة، فهناك ادبيات ترجع اسباب الهجرة الي منطق التحليل الاقتصادي الذي يركز علي منطلقات الفاعل الرشيد وتحليل التكلفة – العائد – والهجرة ترتبط برغبة الشخص في تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي، ولكن الدوافع الاقتصادية التي تذهب اليها النظرية الاقتصادية النيوكلاسيكية لا تنهض كتفسير كاف للهجرة، فهي لا تفسر لماذا يتحمل العديد من الاشخاص مخاطر الهجرة غير المشروعة الي دولة معينة ولماذا يلجأ آخرون الي العودة الي موطنهم الاصلي رغم استمرار وجود نفس الحوافز الاقتصادية، ولذلك فقد تم تطوير ما يسمي بالاقتصاديات الجديدة لهجرة العمالة والتي تقوم علي ان الهجرة لا تدفعها حسابات اقتصادية صرفة لفاعل وحيد وانما تقديرات علي مستوي العائلة او الجماعة تهدف الي الحد من المخاطر بتنويع مصادر الدخل ومن ثم بهجرة البعض الي اسواق اخري للعمل، وبعض الدراسات تضيف منطق السببية التراكمية في تزايد دوافع الهجرة ووفقا لهذا المنطق فان هجرة بعض افراد منطقة معينة او اقليم معين تساهم عن طريق تحويلاتهم المالية بخلق قدر من عدم المساواة مما يدفع غيرهم من نفس المنطقة او الاقليم الي الهجرة نتيجة تزايد الشعور بالحرمان خاصة في المناطق الريفية.وبالاضافة الي هذا الاتجاه الاقتصادي في تفسير الهجرة، توجد نظريات هيكلية تربط الهجرة بالتطورات المجتمعية التي تشهدها دولة معينة فالدول التي تشهد تحولات في هيكلها الاقتصادي والاجتماعي، قد تدفع الاشخاص للهجرة، وازدياد الفجوة بين الشمال والجنوب.وكما ان هناك اتجاهات نظر الي عوامل الطرد في دول المنشأ، فهناك اتجاهات تنظر الي عوامل الجذب في دول المهجر.وبعد العرض للاسباب النظرية للهجرة، تقدم الباحثة الجذور التاريخية لهجرة ابناء الشمال الافريقي فهي تعود الي عصر الاستعمار الفرنسي بهذه الدول، وكانت اكبر موجات الهجرة قبيل واثناء الحرب العالمية الاولي، خاصة من الجزائر في فرنسا، حيث تم استغلالهم في العمل في المصانع والمناجم والعسكرية، وتشير تقديرات الي ان الشمال الافريقي مد فرنسا بحوالي 175 الف جندي و150 الف عامل في الحرب العالمية الاولي، ومع بداية الستينات حتي منتصف السبعينات تزايدت الهجرة الي اوروبا، وتغير الوضع مع ازمة ارتفاع اسعار النفط عام 1973 حيث قررت الدول الاوروبية عدم استقبال عمالة مهاجرة جديدة.وياتي البحث الثاني للدكتورة عزيزة بدر استاذ الجغرافيا بمعهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة، حول ملامح التركيب الديموغرافي للمغتربين من الشمال الافريقي في اوروبا، وهي دراسة استكشافية تعتمد علي المتاح من بيانات عن بعض المهاجرين في بعض الدول الاوروبية.واخذت الباحثة فيها معالجة بعض الخصائص الديموغرافية المتمثلة في التركيب العمومي والنوعي للمهاجرين العرب في اوروبا بصفة خاصة مهاجرو الشمال الافريقي، وانعكاسات ذلك علي الدول المضيفة ودلالات التركيبات العمومية والنوعية لهؤلاء المهاجرين واهميتها في تحسين حالة المهاجرين والتخطيط لمستقبلهم.ففي دراسة اجريت عام 1998 علي عينة من المغاربة وجد ان اكثر من 90% منهم بين سن 20 و29 يرغبون في ترك بلدهم وكان 70% منهم من حملة الشهادات الجامعية وما زالت تلك العينة تمثل نوعية العرب الراغبين في الهجرة وهم ذوو العقول والمهارات الهاربون بسبب انتشار البطالة والفقر.البحث الثالث كان للدكتورة اماني مسعود الاستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة بعنوان الهجرة المصرية بين سياسات الازمة ومؤسسات بلا دور .وتضع الباحثة عدة خصائص للمهاجرين المصريين والذين يتراوح عددهم بين 3 و5 ملايين شخص، فالخصائص الاجتماعية حسب احدي الدراسات التي قام بها المركز الديموغرافي بالقاهرة عام 2003 هي ان معظمهم من فئة الشباب من سن 25 و34 حيث تصل نسبتهم 52% من اجمالي المهاجرين، وتتركز النسبة بدرجة كبيرة بين الذكور حيث تصل نسبتهم بين المهاجرين الي حوالي 92%، كما ان ثلثهم لم يسبق له الزواج، وحول اوضاعهم الاقتصادية، فحوالي 34% منهم يعملون بالزراعة والصيد في مصر، و19% منهم كانوا يعملون في نشاط الادارة العامة، كما ان نسبة المصريين المهاجرين الي اوروبا تنخفض بصورة كبيرة امام مثيلاتها من دول المغرب العربي، حيث لا تتعدي هذه النسبة 0.06% من جملة عدد سكان مصر، ومن اسباب عدم اقبال المصريين علي الهجرة لاوروبا اللغة والفقر والجهل بالآخر والبعد الثقافي والاجتماعي وانخفاض مستوي المهارة الفنية للراغبين في الهجرة. وتري الباحثة ان تشريعات الهجرة وسياساتها في مصر سارت في جانب وبرامج التنمية من جانب آخر، واستمرت سياسة وتشريعات الثمانينات في نفس الخط السياسي متجاهلة ما حدث من تغيرات اقتصادية بالدول المستقبلة للمهاجرين ومكتفية بنمط تشريعات الازمات الذي انتهجته متجاهلة بذلك ارتباط تلك السياسة التي تتعلق بالهجرة بسياسات اخري اشمل وهي سياسة التنمية داخل الدول.وتري انه بين ارقام الاحصائيات المتباينة والمؤسسات الغائبة تلاشي الامل في انتهاز الفرصة في الاستفادة من المهاجرين في الخارج وتحويلاتهم حيث تبددت مدخراتهم علي شراء منازل وانماط حياة تتسم بالبذخ بينما كان من الضروري انشاء تجمعات انتاجية لجذب هذه المدخرات والاستفادة منها في مشروعات التنمية، وطالبت الباحثة بانشاء مجلس قومي للهجرة الدائمة والمؤقتة لربط المهاجرين ببلدهم الام والاستفادة منهم.وجاءت الجلسة الثانية بعنوان واقع المغتربين العرب في دول المهجر الاوروبي، السلبيات والايجابيات راستها الدكتورة اجلال رافت، وقدم فيها الدكتور علاء الخواجة الاستاذ المساعد بقسم الاقتصاد بجامعة القاهرة بحثا حول الدور الاقتصادي لتحويلات المهاجرين فهذه التحويلات تؤثر علي مجموعة من المتغيرات مثل ميزان المدفوعات وسعر الصرف واسعار الفائدة المحلية، كما انها تتسم بالاستقرار، وتعمل في عكس اتجاه تقلبات الدورة الاقتصادية وتلعب دورا هاما في تحسين الجدارة الائتمانية للدولة، ومعظم الدراسات التي تتبعت استخدامات التحويلات اتفقت علي انها تستخدم اساسا في استيفاء الحاجات اليومية لأسر المهاجرين ثم القرارات الاستثمارية والتي تتركز في الغالب في قطاع البناء والتشييد لاسباب اقتصادية واجتماعية لدي المهاجر.الجلسة الثالثة ناقشت الاوضاع القانونية للمغتربين العرب في المهجر الاوروبي راسها حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.وقدم خلالها الدكتور عمار جفال مدير مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية بجامعة الجزائر بحثا حول العلاقات بين المغتربين ودولهم الاصلية وحدد فيها العلاقة بين المهاجر وبلده الاصلي، وتمثلت في التحويلات المالية، التي اعتبرها بمثابة العلاقة العامة والرئيسية التي تميز علاقة غالبية المهاجرين بدولهم الاصلية كما انها لا يمكن ان تستغني عنها الحكومات بسهولة، حيث تقدر دراسات ان هذه التحويلات تمثل نحو 23% من مجموع دخل العملات الاجنبية في المغرب وهي بالتالي تتجاوز دخل السياحة والاستثمارات الخارجية، وبالنسبة لتونس فهي تمثل نحو 10%، وتقوم هذه التحويلات بانعاش الاقتصاد وتضاعف الاستهلاك وتوفر فرص عمل. وقدم الباحث خلال دراسته دراسة حالة للجزائر، وخلص الي ان المؤشرات المتعلقة بالهجرة المغاربية الي اوروبا تسير نحو مسارات سلبية لا تخدم الاطراف المعنية بسبب تزايد نسبة الانكفاء لدي المهاجرين وخصوصا من الجيل الثاني والثالث للعيش كمواطنين في البلدان التي ولدوا بها، والتخلي عن كل الروابط الاجتماعية والمالية بالبلد الاصلي، والذي يترتب عليه توقف تدريجي للتحويلات المالية التي تستفيد منها حكومات الدول المغاربية، وايضا تدهور مكانة الاغلبية الكبري من المهاجرين نحو العيش علي هامش هذه المجتمعات وممارسة العنف باشكاله. ويقدم الدكتور احمد الرشيدي استاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة بحثا حول حقوق المغتربين وواجباتهم في دول الاستقبال، وهذه الحقوق هي التمتع بالشخصية القانونية والحماية ومزاولة النشاط الاقتصادي والاعتراف بحقوقه المكتسبة وحقه في عدم ابعاده الا لضرورة قصوي، ويقدم الرشيدي دراسة حالة حول حقوق العمال في المهجر باعتبارهم اجانب اولا وثانيا باعتبارهم عمالا. ويطالب الرشيدي الدول المصدرة للمهاجرين بدمج ابنائها في الخارج بكل القضايا الوطنية والقومية من حيث ممارسة الحقوق واداء الواجبات وتعزيز دور وسائل الاعلام العربية والقاء الضوء علي النجاحات الفردية والجماعية التي يحصدها ابناء الجالية في المغترب، وتقوية العلاقات الاخوية بين الجاليات العربية في الخارج وتعزيز الاتفاقيات الثقافية والتعليمية والعمل علي ايجاد مدارس عربية في جميع المناطق المتواجدة فيها الجالية العربية.الورقة الاخيرة للدكتور مصطفي مرسي مدير المركز الاستشاري المصري لدراسات الهجرة، وقدم فيها دراسة لتاثير الهجرة غير الشرقية الي اوروبا علي صورة المغترب العربي، وناقش فيها مرسي دوافع الهجرة غير القانونية، وابتعاد سياسات ونظم الهجرة الاوروبية عن الليبرالية، والاتحاد الاوروبي ومواقفه من ظاهرة الهجرة غير القانونية وتاثير الهجرة غير القانونية، علي صورة المغترب العربي.