عمان- “القدس العربي”: كلما كانت “غزة” أكثر في عمق” المعادلة السياسية والإغاثية” الأردنية كلما حافظت الحكومة على الإيقاع الداخلي وتجنبت “مزايدات” القوى الشعبية ولجان مقاومة التطبيع.
تلك هي حصريا المعادلة التي يدير الأردن السياسي اشتباكه عبرها مع تطور الأحداث في معركة “طوفان الأقصى”.
الأردن هنا يقول ضمنا بأنه يتبع سياسية”تذليل الصعوبات” أمام “تأمين نقل المساعدات”
عمليا وجه القصر الملكي مباشرة عشية عطلة عيد الفطر تحديدا “حزمة رسائل” تفيد بدور نشط وفاعل والأهم”متواصل” في السياق.
خاطب الملك عبدالله الثاني وجهاء المخيمات مساء الثلاثاء الماضي ..“سنبقى مع غزة”.
في الأثناء شارك الملك شخصيا بنشر مقال نادر في فرنسا ومصر والأردن بالتزامن عنوانه العريض”وقف إطلاق النار فورا”.
حتى في برقية التهنئة لشعبه بمناسبة العيد قال العاهل الأردني ..”نسأل ألله أن يعين أهلنا في غزة ويثبتهم” فيما وقفت الملكة رانيا بنفس المضمار في تهنئتها وهي تقول” نسأل ألله الفرج القريب لأهل فلسطين”.
سلك رئيس الوزراء بشر الخصاونة نفس الطريق في تغريدته الرسمية بمناسبة العيد ..”نسأل ألله أن يفرج كرب أهل غزة”.
قبل ساعات من فجر يوم العيد كانت القوات المسلحة الأردنية تدير أضخم عملية إنزال لأطفال غزة ب14 طائرة شحن كبيرة وبمشاركة 9 دول والحمولة في أغلبها مواد خاصة للأطفال بمناسبة العيد.
تزامنا وصلت ظهر الثلاثاء إلى القطاع أضخم قافلة أردنية بالشاحنات هذه المرة تحمل المؤن والغذاء وبعض المستلزمات وقوامها 105 شاحنات.
والأردن هنا يقول ضمنا بأنه يتبع سياسية”تذليل الصعوبات” أمام “تأمين نقل المساعدات” التي تفيض الآن وهي ترد من عشرات الدول عن قدرة إستيعاب مستودعات هيئة الإغاثة الهاشمية.
ثمة أطنان من الملابس والأدوية طويلة الأمد والحبوب الجافة والأغطية والملابس متاحة الأن بالمستودعات وتنتظر نقلها حيث سبق للملك شخصيا أن خاطب إجتماعا لممثلي المنظمات الأممية قائلا بأن بلاده تتعهد بتأمين النقل بصرف النظر عن الكمية والكيفية.
تظهر الأرقام بأن الأردن قدم ثاني أضخم مساعدات لقطاع غزة حتى الآن.
ورغم التبرعات السخية للأردنيين وشركاتهم تم استقطاب عدة دول ترغب بالمساعدة ولا تريد الاشتباك مع إسرائيل والتفاصيل اللوجستية..هنا حصرا يبرز دور مؤسسة أصبحت خبيرة هي هيئة الإغاثة الهاشمية التي تستقبل اي حمولة بأي وسيلة ثم تحسن تخزينها ولاحقا رزمها وتغليفها وأخيرا إرسالها برا أو جوا.
تظهر الأرقام بأن الأردن قدم ثاني أضخم مساعدات لقطاع غزة حتى الآن
عدد طلعات الإنزال الجوي وصل إلى 77 مرة وعدد الشاحنات التي عبرت يناهز 500 والخبرة اللوجستية الأردنية تحقق أهدافها السياسية فهي تبقي الأردن لاعبا على طاولة الإقليم وتعوض النقص الحاد في القطاع وتوفر بديلا عبر الأغوار اليوم عن معبر رفح وترضي بالتأكيد الشارع الأردني ايضا وتساهم- وهذا الأهم- ذخيرة أمام الحكومة والسلطات للرد على “أي تشكيك”.
لوجستيات الإغاثة تحظى بغطاء سيادي فالتنسيق والنقل والإستقبال والحراسة وإجراء الاتصالات اللازمة مع كل الأطراف مهمة معقدة تتولاها مستويات الاحتراف بالقوات المسلحة الأردنية ،الأمر الذي ساهم بدوره في إضفاء مصداقية على العمليات تقول أطراف عربية أنها “غير متوفرة” في العمليات المصرية.
أرسلت أندونيسيا مساعدات وطائرة مؤخرا وقبل ذلك الكويت والعراق وماليزيا وعدة دول أوروبية حتى بات “المسار الأردني” سواء البري او الجوي “جاذب ” للراغبين بتقديم المساعدة فيما يشهد مسئولون كبار في جهاز الإغاثة بأن القطاعات الوطنية في التجارة والإنتاج تلبي بحماس أي احتياجات تبرز.
يقدر سياسيون ومراقبون بأن “العطاء اللوجستي” الأردني يحسن من فرص الحكومة الأردنية في البقاء بدائرة تأثير دون الابتعاد عن المشهد وهو ما لا تفعله في الواقع حتى “السلطة الفلسطينية”
بوضوح قرر العاهل الأردني في فترة العيد تذكير الداخل والخارج باهتمامه البالغ في وقف المعاناة فيما تواصل المؤسسة الدبلوماسية الإشتباك مع التفاصيل ويسعى وزير الخارجية أيمن صفدي خلال العيد لمحاولة إعادة التنظيم والإستثمار في الموقف الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي نص على وقف إطلاق النار.
الصفدي أبلغ “القدس العربي” مبكرا بان موقف العديد من الدول يتبدل لكن ليس إلى المسافة المطلوبة وأصر على ان التحديات في غزة كبيرة وكثيفة ويومية وموزعة وفي مسألة بقاء العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي اعتبر أن بلاده تحافظ على قنوات حتى تتمكن من تقديم المساعدة لأهل غزة.
ويقدر سياسيون ومراقبون بأن “العطاء اللوجستي” الأردني يحسن من فرص الحكومة الأردنية في البقاء بدائرة تأثير دون الابتعاد عن المشهد وهو ما لا تفعله في الواقع حتى “السلطة الفلسطينية” فيما بقاء الأذرع الإغاثية الأردنية مصرة وإحترافية وذات مصداقية يقلص بالتوازي الضغط الشعبي عندما يتعلق الأمر بمطالب حادة مثل قطع العلاقات مع إسرائيل خلافا لقناعة مؤسسية تقضي بأن البقاء في الغرفة ولو عبر ملف المساعدات يعيد إنتاج فكرة”التهجير” التي هزمت مؤخرا .