نشيدنا الوطني الذي حفظناه ونحن أطفال، يعاني من قلق العبارة ومن خلل الوزن، في مواضع غير قليلة؛ وهو الذي يدور على بحر شعريّ بسيط يعدّه بعضنا «حمار الشعراء» وهو المتقارب وتفعيلته «فعولن» التي تتكرّر أربع مرات في الصدر ومثلها في العجز. ولعلّ مردّ هذا الخلل إلى أنّه نشيد أعدّه صاحبه، قبل أن يعتريه ما اعتراه، لمصر لا لتونس.
وممّا يؤكّد ذلك أنّ استبدال«مصر» بـ«تونس» في أبيات منه، يسدّ هذه الفجوات العروضيّة فيه، ويجعل إنشاده سلسا لا نشاز فيه، ولا اضطراب في وزنه. وعليه نقترح على أهل الذكر في دولتنا هذه التصويبات؛ فلم يعد من المقبول أن نتغنّى به وننشده في محافلنا، وهو يعاني ما يعاني من خلل موسيقي غير سائغ ولا مقبول.
يبرز هذا الخلل في: «لقد صرختْ في عروقنا الدما»: فعولُ/فعولن/مفاعلن/فعلْ «والصواب:» لقد صرخت في العروق الدما» وفي: «لتدوِ السماوات برعدها: فعولن/فعولن/متفاعلن» والصواب: لتدوِ السماواتُ من رعدها» وفي: «إلى عزّ تونسْ إلى مجدها: فعولن/فعول/فعلن/فاعلن» والصواب إذ لا مسوّغ لتسكين السين في كلمة تونس: «إلى عزّ تونسَ سيروا بنا» وفي: «فلا عاش في تونسْ من خانها: فعولن/فعولن/فعلن/فاعلن» والأفضل: فلا عاش تونس من خانها. وفي:«سواعد يهتزّ فوقها العلمْ»: فعول/فعولن/فعول/فاعلن» والصواب: «سواعدُ ترفع هذا العلمْ» وفي: «وفيها لأعداء تونس نقمْ»: فعولن/فعولن/فعول/فعلن والصواب:«وفيها لكلّ عدوّ نقمْ». ولا يخفى أنّني راعيت في هذه التصويبات المقترحة، معاني النصّ، دون تمحّل أو اعتساف منّي:
حُماة الحمي يا حُماة الحمى
هلُمّوا هلُمّوا لمجد الزمن
لقد صرختْ في العُروقِ الدّ ما
نموت نموت ويحيا الوطن
لتدو السماواتُ من رعدها
لترم الصواعقُ نيرانها
إلى عزّ تُونسَ سيروا بنا
رجالَ البلاد وشُبّانها
فلا عاش تونس من خانها
ولا عاش من ليس من جُندهـا
نمُوت ونحيا علـــى عهدها
حياة الكرام وموت العظام
ورثنا السواعد بن الأُمم
صُخورا صُخُورا كــهذا البنا
سواعدُ ترفعُ هذا العلمْ
نُباهي به ويُباهي بنا
وفيها كفا للعُلا والهمم
وفيها ضمانٌ لنيل المُنـى
وفيها لكلّ عدوّ نقم
وفيها لمن سالمُونا السلام
إذا الشعبُ يوما أراد الحياة
فلا بُدّ أن يستجيب القدر
ولا بـــدّ للّيل أن ينجلي
ولا بُدّ للقيد أن ينكسر
كاتب تونسي