نصرالله والاسد يخطئان وكذلك الدول العربية

حجم الخط
52

في تاريخ المسلمين والعرب الحديث – ما قبل الثورات العربية وما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر – كانت سورية وشريكيها إيران وحزب الله يمثلون تيار الممانعة في المشرق، بحيث رفض هؤلاء ولو بتفاوت الانبطاح للسيطرة الأمريكية المطلقة على المنطقة، وقاموا وبتفاوت أيضاً بكبح الأطماع الغربية والصهيونية والرد على اعتداءات الكيان الصهيوني أحيانا. رغم الاختلاف المذهبي بين هؤلاء والسواد الأعظم من المسلمين والعرب، إلاّ أن الأمة في أغلبها كانت تفتخر بهم وتعتز بهم وتفرح لانتصاراتهم وتحامي عليهم وتدافع عنهم أمام العالم.
بالنسبة لسورية بشار الأسد، لم تكن نشطة عسكريا ضد أعداء الأمة مقارنة بإيران وحزب الله، إلا أنها تكفلت بالدعم اللوجستي بنقل السلاح من إيران إلى حزب الله والفصائل الفلسطينية، سلاحٌ استعمل للرد على عدو الأمة الأول والأخير -الكيان الصهيوني-، ضف إلى ذلك إيواءها للمجاهدين الفلسطينيين، في وقت كان أغلب العرب قاب قوسين أو أدنى من إعلانهم مجموعات إرهابية. دون أن ننسى مساهمة الدولة السورية الكبيرة في دفع التغريب والإعتناء بلغة الضاد واستعمالها في كل المجالات بما في ذلك الدراسات العليا وحتى التقنية والعلمية منها، ولو أنها نشرت الفكر البعثي وحاصرت الدين. بطبيعة الحال كان ذلك كله مزاوجا بقهر وظلم في حق الشعب السوري، مثله مثل أغلب شعوب الوطن العربي، لكن تبقى سورية بشار الأسد حينها أقلّ انبطاحا من ملوك وأمراء الجزيرة العربية، فرعون مصر وباقي طغاة العرب والمسلمين.
أما حزب الله فكان سيفا من سيوف الأمة على صهيون ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك، ومن فعل فهو على طائفية بشار والمالكي ونصر الله ذاته. حزب الله استرد أرض لبنان المحتلة ولم يتفاوض إلا بالندية، بل وأقول صفع كيان صهيون صفعة لن ينساهى في حرب أوت 2006، ومن يقول بأن ذلك تمثيلية فمخطئ فإن مثّل حزب الله حسب هؤلاء فصهيون لا تمثل في مقتل 121 جندي و44 محتل. رغم استقواء الحزب على شركائه اللبنانيين منذ تلك المعركة الفاصلة، إلا أن الأمة كانت ترى في حزب الله وقائدها نصر الله رجالا في زمن النعاج وغضت الطرف عن تجاوزاتهم عن عمد لأنها تحسن التقدير ولا ترى العالم بمنظور واشنطن الطائفي.
أما الجمهورية الإسلامية في إيران وإلى يوم الناس هذا فهي الدولة الإسلامية الوحيدة التي قد نقول يحكمها شعبها حسب عقيدته ومذهبه وبالرغم من العداء العالمي الموجه إليها والحظر الإقتصادي المفروض عليها منذ إسقاط كلب الغرب في طهران الشاه محمد رضا بهلوي، إلاّ أن إيران اليوم تصنع سلاحا وتنتج طاقة ذرية وبرامج كمبيوتر وغير ذلك كثير ولم نسمع عنهم يتذللون ويطلبون المساعدات من الغرب كما يفعل حكام العرب. كما أنهم فخورون بإسلامهم ولم يخفوا يوما دعمهم لقضية الأمة – فلسطين – (حتى وإن صحّ تشكيك البعض بأن في الأمر مصلحة) بالمال والسلاح والإعلام، بل ودفعوا ضرائب باهظة بسبب ذلك والعالم كله شاهد على ذلك.
هذا صحيح ولكن ما يحدث في الشام اليوم كذلك صحيح، خرج أحرار الشام يطالبون بإصلاح أحوالهم فرد عليهم زبانية بشار بتعذيب أطفالهم واستئصال حياتهم عبر قطع أعضائهم التناسلية، خرجت الشام صابرة مصممة على الإصلاح، فظننا أن بشار ذكي كما بدا لنا أو ماكر على الأقل، لعله يستجيب لبعض المطالب وينصح جنده بشد أيديهم النجسة عن شعبه، إلاّ أنه طغى وتكبر وأمر بقطع شأفة كل من جاهد بكلمة الحق في وجه الجور والبغي، بل أمر بقهر الشعب كله بداعي المؤامرة الخارجية وهي موجودة فعلا ولكنه غفل عن أن نظامه ساهم بقدر كبير ببطشه في تطوير المؤامرة وإكثار الفاعلين فيها وهو ما يلغي احتجاجه بالدفاع عن سيادة سورية ووحدتها الترابية.
بدأت شرائط الوحشية تملأ الشاشات … تعذيب واغتصاب وقتل، كفر وإلحاد وطغيان، إفساد وحرق وقصف … آلام ودموع وتيه. بعد صبر عظيم ومظاهرات سلمية دامت نصف سنة وأمام عزم النظام على حلّ الأزمة بالقضاء على أحد أطرافها، لم يبقى من خيار إلاّ الدفاع عن النفس والعرض.
أما نصر الله الذي ظنناه بأنه يعي الوضعية الحساسة التي يقع فيها وما يكيده له المتربصون به في لبنان وبلاد الخليج وفي الجنوب وقد يعلم بأن الشعوب العربية والإسلامية لا تخذل الرجال ولا تبيعهم للاعداء، على أن يكونوا رجالاً فعلاً ويناصرون الحق أينما كان وإن عند الاعداء، لكنه لا أقول خذلنا بل غدرنا، لأننا حقاً رأينا فيه في وقت مضى جندياً من جند محمد صلى الله عليه وسلم، لكنه طعننا في ظهورنا عندما سلّ سيفه على من كانوا حضناً له وسنداً له، بل وأقول من أحبوه صدقاً ونصروه فعلاً. هذا، وقلنا: محال أنّ حزب الله يخلوا من رجال يقفون مع الحق وينصحون قائدهم لليِّه عن عدوانه ولكننا لم نسمع أحداً.
نحن لسنا تكفيريين، بل نحب ونعتقد بإسلام بكل من يشهد بلا إله إلاّ الله وبأنّ محمداً رسول الله وأنتم كذلك، رغم الجرح العميق.

شمس الدين الجزائري – الولايات المتحدة
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جزائرية:

    غريب امركم تريدون العزة و الانتصار دون معارك ماذا كنتم تنتضرون من حزب الله ان يقف مكتوف الايدي امام كسر و تهديم سوريا باسم ديموقراطية الناتو الا يكفيكم ما لحق بالدول من خراب بعد مرور الغرب و الاته المدمرة
    صحيح ان الاسد اخطا ولكن هذا لا يعني انه تخلى عن جوهر المقاومة و سلم البلد و فر و كفي كذبا و تنكر لشجاعة و تصدي نصر الله و رجاله
    التورة سرقت من السوريين من قبل حكام عرب الخراب و اسيادهم في اسرائيل و اروبا عبرتوضيف جماعات الجهل و المنكر الممولة خليجيا و المدربة من قبل المخابرات الغربية في وضح النهار ولم تعد هناك لا ثورة ولا بلوط بل معركة وجود وتصدي لمشاريع جهنمية في المنطقة ا

  2. يقول عيسى:

    سقط القناع ولكن النصر آت بأذن الله على الأسد وعلى من والاه

  3. يقول محمد الحمد ا ني:

    مصائبنا تكمن بداخلنا نحن العرب نكن العدوات فيما بيننا
    باسم سني وشيعي كراهية السنه للشيعه فاقت كل
    الحدود وهم القله
    هي التي اوجدت هذه المعظله فحزب الله عندما واجه اسرائيل
    بمفرده افتى بعض علما الحكام العرب فتوى تحريم الدعاء
    لهم بالنصر هذا قبل حرب سوريا بسنوات.لهذا لن يصلح
    الله حال هذه الامه سبب التقاتل فيما بينهم والعدو يشمت
    لحالهم الم تتقاعس دول الجوار لوضع حد لهذا التناحر
    حتى وصل الحقد ان ياكل الاخ لحم اخيه بعد مقتله.اليس
    هذا العمل منافيا للانسانيه جمعاء,

  4. يقول Hassan:

    مآل الشام إلى الإسلام لذلك هو الهدف من كل جانب لطمسه ولكنه نور الله الذي لا ينطفىء.

  5. يقول محمد حسين محمد:

    دوما الادعاء ولكن نريد العنب ولانقتل الناطور-هل بشار طاغية لانه الغى المدة الثامنة بل وغير الدستور كله-طاغية لانه فتح الباب للاحزاب-طاغية لانه اصدر العديد من اوامر العفو منذ بدء الاحداث وحتى اليوم ولم ينتقم ممن حمل لسلاح-طاغية لانه يرفض عملاء الغرب وقطر والسعودية وتركيا الذين يعيشون فى الفنادق ويأخذون الاموال ولايعرفهم الشعب السورى ويتاجرون بدمه ومعاناته فى سبيل كراسى الحكم-هل هى ثورة عندما يقودها برنار ليفى الصهيونى وعندما تدمر وسائل الدفاع الجوى لتمكين اسرائيل من ضرب البلاد-هل هى ثورة بتدمير المدارس وقتل الطلبة والمدرسين-هل هى ثورة بقتل المدنيين بالسيارات المفخخة-هل هى ثورة بالاستيلاء على حقول النفط وبيع البرميل بعشرين دولار وثمنه مائة-هل هى ثورة بعلاج افرادها فى اسرائيل-اما بخصوص نصر الله هل يصمت بجعل القصير مركز تجسس اسرائيلى ومهاجمة المقاومة بالصواريخ وقطع خطوط امدادها لاضعافها ليتمكن الصهاينة من هزيمتها -وصدور الفتاوى من علماء السلاطين بتكفير افرادها واستباحة دمائها باعتبارهم هم الموكلين من الله بتحديد الكافر والمسلم بالمخالفة للشرع والسنة-مع ذكر ان مجلس استنبول تباروا فى اعلان محبتهم لاسرائيل وانهم سوف يدمرون حزب الله-اذا ذكرت ما تقدم ثم توصلت لنفس النتائج فقد انصفت

  6. يقول abdelkarim:

    الإسلام دين وعقيدة “علاقة” بين المخلوق والخالق ولا علاقة له بنفاق السياسة والسياسيين السيد المحترم كاتب المقال يمسك العصى من الوسط والآن لا مجال للّف والدوران من خلال خلق كوكتيل من الحقائق والأكاذيب وهي بدون شك معلومات مستمدة من مصادر مشكوك في عروبتها أي مصادر عميلة بكل بساطة وما أكثرهم هذه الأيام في العالم العربي ،أحب أن أذكر السيد شمس الدين أن ثورة الشعب السوري ولدت ميتة لأن العصابات ركبتها من الساعات الأولى وهي تستعد وتحضر لهذا اليوم منذ أكثر من ثلاثين عاماً ،مستودعات الاسلحة في بيوت العبادة والانفاق من أماكن الوضوء إلى الساحات العامة ، الجهاديين والتكفيريين لم يناصروا يوما قضية عادلة والدليل النكبة الفلسطينينة عمرها أكثر من ستون عاماً ! أ لم يسمع بها الجهاديون والتكفيريون ، القدس أ ليست أولى القبلتين ؟ أم يتوجهون باتجاه البيت الأبيض فهو قبلة هذه الجماعات ومن يمولهم !.

  7. يقول Yasmeen:

    تقريبا جميع المعلقين مع المقاومة ومع السيد حسن نصر الله والجميع متفق أن مايحدث فى سوريا مؤامرة طيب من وين سميح القاسم مذيع الاتجاه المعاكس بيجيب الأرقام ٩٤٪ مع أن مايحدث فى سوريا ثورة و ٦٪ مؤامرة والله انهم يكذبون … اذا أنا بتابع كل التعليقات وتقريبا الجميع مقتنع أن مايحدث مؤامرة لتفتيت سوريا والله أن قناة الجزيرة تكذب فى كل شئ ياالله شو كنا مخدوعون فيها ليش السعودية اللى فيها فقر وبطولة وناس بدها تبيع أولادها من الفقر تدفع مليارات لتدمير سوريا طيب ليش ما كانوا يدعموا المقاومة فى فلسطين لتدمير إسرائيل يارب كيدهم يرتد عليهم وإنشاء الله سوريا لن تركع ولن تتقسم والنصر للجيش السوري العربى بإذن الله

  8. يقول احمد الفقيه:

    يتذكر الناس ويتذكر التاريخ البطل احمد باشا الجزار البوشناقي ، والي عكا زمن الغزو الفرنسي النابليوني لمصر، وقد كان جزارا بالفعل في معاملته لمن يحكمهم، يتذكرونه لا بمجازره ولكن بمقاومته العنيدة للغزوة الفرنسية التي كانت متجهة الى بلاد الشام عبر فلسطين حتى كان له فضل كبير في افشالها.
    بشار ونصرالله اعظم كثيرا بما لايقاس مبادئ وممارسة، وفي حجم ما يتصدون له باسناد من الجمهورية الاسلامية الايرانية ظل الله على الارض اليوم.

  9. يقول احمد العربي:

    لقد ارتفعت الشعارات الطائفية المعادية لحزب الله والداعية لاقامة امارات اسلامية طالبانيه قاعدية في سوريا منذ بداية الحراك ومنذ الشهر الاول بالتحديد ومن وقتها ظهر السلاح بأيدي المتظاهرين وما كانوا سلميين اطلاقا على الرغم من وجود بعض الفئات التي ارادتها ثورة سلميه لكن هؤلاء غلبوا على امرهم والتيار الغالب على الارض حمل صبغة دينية متطرفه تقصي الاخر ولا تعترف بوجوده ولا بالحوار معه وتدعوا الى الاستئصال والاجتثاث ومارست ابشع انواع القتل والذبح والتمثيل بالجثث ..وهذا امر يعرفه السوريون جميعا ويعرفه ويقر به كل منصف ومحايد في العالم ..ومع هذا ليس صحيحا ان النظام ادار ظهره للحراك الشعبي بل انه اعترف بوجود الاخطاء وباشر بالاصلاح وطلب من المعارضه الجلوس على الطاوله للحوار وصولا الى حلول ترضي الجميع لكن التدخل الخارجي وضخ الاموال والاسلحه وتوافد المجاهدين من كل حدب وصوب والتحريض الطائفي الجاهلي البغيض من قبل شيوخ معروفين ومن قبل كبريات المحطات ووسائل الاعلام العربيه والغربيه ..ومن خلال تصريحات بعض رموز المعارضه واعلانهم الواضح انهم بعد سقوط النظام سيقطعون علاقتهم بقوى المقاومه وبصراحه اعلنوها ان جولتهم القادمه هي تصفية حزب الله ..كيف لا ومموليهم ومنظريهم وداعميهم هم الامريكان والصهاينه واتباعهم ؟!!ان من يتهم حزب اله بالطائفيه يجانب الحقيقة والواقع ومواقفه الاخيرة في سوريا هي دفاع عن وجوده وعن وجود المقاومه هو دفاع عن فلسطين وعن المشروع القومي العربي وهو دفاع عن مستقبل الامة كي لايتحقق مشروع الشرق الاوسط الجديد هذا المشروع الذي ان سقطت سوريا لاسمح الله سيصبح حقيقة واقعه ولن تقوم قائمة لهذه الامة بعد ذلك لكن كل الدلائل تشير الى النصر المؤزر قادم لامحالة ولن ينفع الحونه عويلهم وصراخهم وتباكيهم ودموع التماسيح فالغرب الارهابي المجرم عاجز عن خوض غمار حرب اخرى في المنطقه لاسباب يعرفها الجميع وان تهور وفعلها فستكون حتما نهاية اسرائيل .. لانه ببساطه قد تغير العالم ولم تعد امريكا تفعل ماتريد ..فتحية الى حزب الله وتحية الى الجيش العربي السوري والى ايران والى قوى المقاومة الشريفه على الساحة الفلسطينيه وسحقا لمشاريع المستعمرين وسحقا للمشاريع التكفيريه الجاهليه الحاقده والنصر قريب انشاء االله!

  10. يقول Abdulla Hayer:

    @ شمس الدين الجزائري – الولايات المتحدة
    you are mixing Honey wit Poison
    Syria will be back to normal …let them ( N*A*T*O ) make fire in the moon …!!!

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية