نظرية أعواد الثقاب!

حجم الخط
0

في عام 1826، كان الصيدلي جون واكر يجري إحدى التجارب في المعمل عندما خلط نسبة من كلوريد البوتاسيوم وكبريتيد الأنتيمون وقام بتقليبهما باستخدام عود من الخشب، وبعد فترة قليلة التصق الخليط بالعود الخشبي المستخدم في التقليب، وحاول واكر أن يفصل الخليط عن العود بحكه في حجر صخري فوجد أن هناك شرارات تصدر نتيجة الاحتكاك فخرج للدنيا باختراع جديد اسمه ‘أعواد الثقاب’، لكن اذا كان إختراع الثقاب قد تم بالصدفة.. فإن من إستخدموه فيما بعد لم يكن من قبيل الصدفة، بل بوعي وإدراك تام. وقد أشعل بعضنا خلال حياته الالاف من تلك الأعواد، وقبل إختراع القداحات ‘الولاعات’.. خاصة من يدخنون السجاير، وأتمنى أن يعرفوا ان التدخين حرام شرعا ‘كما ورد في فتوى لدار الافتاء المصرية’، وقبل أن تغزو الصين بلادنا بأشكال غريبة وعجيبة من تلك القداحات ذات الاحجام والالوان المختلفة، بعود ثقاب واحد يمكنك أن تحرق منزلا أو شركة او مصنعا.. بل وطنا بأكمله، عمليا الحرق يحدث بسبب النار التي يولدها الثقاب، لكن في الواقع أن البغض والحقد والكراهية والعنف الذي يحمله مشعل عود الثقاب هو ما يسبب الحريق الأكبر والأشمل. وللثقاب بعد حرقه.. وجهٌ آخر حسن، هناك فن.. يطلق عليه ‘فن اعواد الثقاب’، حيث يرى الفنان الحياة في احتراق الاعواد، وأحد فناني هذا النوع من الفن هو الفنان ستانسلاف اريستوف.. وهو روسي الجنسية وإلتقط الكثير من لقطات إحتراق أعواد الثقاب ولحظات إنطفائها، ويفسر نظريته في ان الاعواد المحترقه تمثل الحياة ذاتها، حيث يرى ان الاحترق يمثل الماضي والدخان المتصاعد منه يمثل الذكريات والجزء المتبقي من العود هو المستقبل اما النار فهي الحياة، وان كنت أنا شخصيا أعترض على الجزء الأخير من تفسيره هذا.. بأن النار هي الحياة، صحيح أنها مهمة في حياة الانسان، وأن إكتشاف الانسان لها في البداية كانت أمراً هاما ونقلة كبيرة في تاريخ البشرية، لكنها ليست الحياة!إن أسوأ ما قد يحدث في أي وطن أن تجد بعضا ممن يصفون أنفسهم بالنخبة وقد أصابهم الخرس على ما يحدث من حرق أو تخريب لمقدرات الأوطان، صمتهم حفاظا على شعبية صنعتها الصدفة أو الظروف لن يمنع النيران أن تلتهمهم لاحقا، خلال الحرب العالمية الثانية عندما كان يتعين على الحلفاء قتال اليابانيين في مناطق تتميز بالأمطار الموسمية الشديدة، اقتضت الضرورة صناعة عود ثقاب مقاوم للماء. في عام 1943م، تمكّن ريموند دي كادي من اختراع تركيبة كيميائية تحمي عود الثقاب الخشبي إلى حد أنه أمكن إشعاله بعد بقائه 8 ساعات تحت الماء، حيث يطلي هذا الثقاب المقاوم للماء بمادة مقاومة للماء والحرارة، ولكن هذه المادة لا تمنع توليد احتكاك كاف لإشعال الثقاب، لكن الثقاب الذي يحرق وان طالت مدة بقائه مشتعلاً.. فلا بد له من نهاية يموت بها منطفأة ناره. أحمد مصطفى الغـرqmn

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية