نظرية بايدن للشرق الأوسط.. مكاسب انتخابية وطوق نجاة لنتنياهو

حجم الخط
0

عاموس هرئيل

بعد أسبوع تقريباً من التهديدات والوعود، ردت الولايات المتحدة مساء الجمعة على هجوم المليشيات المؤيدة لإيران في العراق، الذي قتل فيه ثلاثة جنود أمريكيين على حدود الأردن – سوريا جراء إصابة مسيرة انتحارية. طائرات أمريكية هاجمت أكثر من 85 هدفاً في سبع قواعد لحرس الثورة الإيراني والمليشيات الشيعية في سوريا والعراق.

الأمريكيون لم يهاجموا أهدافاً في الأراضي الإيرانية رغم أنهم عادوا وأوضحوا بأنهم غير معنيين بمواجهة عسكرية شاملة مع النظام في طهران. لقد اهتموا بنشر تحذيرات قبل وقت كاف مسبقاً، حتى يخلي الإيرانيون ضباطهم الكبار الذين كان يمكن أن يصابوا.

تركز القصف الأمريكي على منظومات التحكم والسيطرة ومحاور لوجستية ومخازن سلاح. وهذا يذكر بهجمات إسرائيل ضد مواقع مشابهة (قبل بضع ساعات، نسب لإسرائيل هجوم آخر كهذا في دمشق)، حتى لو تمت هذه الأمور هنا بحجم أكبر بكثير. في الصباح الذي سبق الهجوم، نشر عن محادثة هاتفية بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت. تبث الإدارة الأمريكية أن ردها لم ينته بذلك، وأنه ستكون هناك هجمات أخرى. الجهود الأمريكية ضد المليشيات الشيعية في العراق وسوريا تنضم إلى هجمات التحالف ضد الحوثيين في اليمن، رداً على اعتداءات الحوثيين على مسارات الملاحة وإطلاق النار نحو إيلات (نجحت إسرائيل في اعتراض صاروخ بالستي حوثي آخر، فوق البحر الأحمر، قبل يومين)، لكن يبدو أن الأمريكيين يفضلون المس بوكلاء إيران في هذه المرحلة، وليس قلب المحور الراديكالي، أي النظام نفسه. 

نشرت “نيويورك تايمز” قبل الهجمات بأن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي، أصدر تعليمات لرجاله لتجنب مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة ومحاولة فصل إيران عن نشاطات المليشيات، بهدف خلق هامش نفي، على الإقليم جزئي، للنظام في طهران. وحسب التقرير، يرى خامنئي بقاء النظام هدفاً أساسياً، ويخشى من تصادم عسكري واسع مع الولايات المتحدة يعرض هذا الهدف للخطر.

لا يتمتع النظام الإيراني بشعبية في أوساط المواطنين، وهو يواجه تحدياً دائماً، ينبع من وجود اقتصاد ضعيف ونسبة بطالة مرتفعة وفساد واحتجاجات مدنية ضد قمع حقوق الفرد والإرهاب من “داعش” ومنظمات انفصالية. يخاف خامنئي من الأمريكيين إلى درجة أنه أعاد وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف إلى العمل، حتى يقدم الاستشارة للنظام في محاولة لتبريد الأزمة.

عرف جهاز الأمن الإسرائيلي مسبقاً طبيعة الهجوم الذي خططت له الولايات المتحدة، ولكنه يأمل أن تشدد الولايات المتحدة ردها إذا واصلت الحوثيون والمليشيات الشيعية هجماتهم. أثناء الحرب في غزة، نشر عن عدد كبير نسبياً من هجمات إسرائيل ضد أهداف إيرانية في سوريا، قتل فيها عدد من الشخصيات الرفيعة في حرس الثورة الإيراني.

       المرحلة القادمة

تؤجل حماس الآن ردها على الاقتراح المصري – القطري حول المرحلة القادمة في صفقة إطلاق سراح المخطوفين. وقالت مصادر أمريكية وإسرائيلية إن فجوة ما تلوح في المواقف داخل حماس نفسها. بالتحديد حماس الخارج، وعلى رأسها إسماعيل هنية وخالد مشعل، تعرض الآن موقفاً أكثر تشدداً، وتريد ضماناً بعدم استئناف الهجوم الإسرائيلي في القطاع بعد استكمال المرحلة الأولى المخطط لها، التي سيتم فيها إطلاق سراح حوالي 35 امرأة ومسناً وجريحاً خلال ستة أسابيع من وقف إطلاق النار. في حين أن حماس الداخل برئاسة يحيى السنوار، تميل إلى الاكتفاء بوقف إطلاق النار الموعود الآن.

ينسب الجيش الإسرائيلي الفروق إلى الضغط المستخدم على حماس في الميدان. في الأيام الأخيرة، قتل كل يوم بضع عشرات من نشطاء حماس في الاقتحامات العسكرية في شمال القطاع، وبالجهد المتزايد في خان يونس الذي يشمل الآن أيضاً احتلال غرب المدينة. مع ذلك، تعترف إسرائيل بعدم تشخيصها أي نقطة انكسار. الصعوبات المعروفة في تحقيق التوقعات (تحرير المخطوفين بعملية عسكرية واغتيال كبار قادة حماس) بقيت على حالها.

الخميس، ناقش الكابنت الأمني الموسع عرض الوسطاء. بعض التفاصيل المتعلقة بنسبة عدد المخطوفين المتوقع إطلاق سراحهم إلى عدد السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم، وطبيعة هوياتهم، لم يُتفق عليها حتى الآن. مع ذلك، يبث رئيس الحكومة نتنياهو ووزراء الليكود وأحزاب اليمين المتطرف خطاً موحداً، وهو أن إسرائيل لن توقف الحرب، ولن تطلق سراح آلاف السجناء.

الولايات المتحدة تؤيد الاقتراح المصري – القطري، الذي تسوقه الآن كجزء من صفقة إقليمية كبيرة تشمل كل شيء. عملية الإدارة قد تشمل إلى جانب حل مشكلة المخطوفين أيضاً، إقامة نظام جديد في القطاع بتعاون مع السلطة الفلسطينية، والمضي بحل الدولتين، وبالتطبيع بين إسرائيل والسعودية، وتأسيس محور إقليمي قوي لصد إيران. وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، سيصل اليوم إلى المنطقة للمضي بهذه المبادرة.

الجدول الزمني، الذي تعمل الإدارة الأمريكية في إطاره، مكتظ. أولاً، الدول العربية السنية تضغط لوقف الحرب في القطاع قبل رمضان الذي سيبدأ في الأسبوع الثاني من آذار المقبل. ثانياً، يجب أن تبدأ الخطة الإقليمية الطموحة بالتقدم خلال الربيع قبل دخول سباق المنافسة على الرئاسة الأمريكية.

بدأ رجال الرئيس الأمريكي في حملة إحاطات طويلة في أوساط المحللين الكبار في وسائل الإعلام الأمريكية من أجل عرض المبادرة، التي توصف وكأنها نظرية بايدن للشرق الأوسط. ورغم أنها خطة معقدة جداً ومليئة بالعوامل المختلفة وتعتمد على حسن نية كل الأطراف (الأمر المشكوك فيه) لكن البيت الأبيض يحاول إظهار التفاؤل.

تفترض واشنطن أن ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، يريد التوقيع على حلف دفاع مع أمريكا إلى جانب اتفاق التطبيع مع إسرائيل، حتى قبل الانتخابات في تشرين الثاني. في الوقت نفسه، تعتبر المبادرة الإقليمية حبل نجاة محتملاً لنتنياهو، الذي ضعفت مكانته في الداخل جداً بعد هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر. نتنياهو الآن يبث خطاً معاكساً يفيد بأنه هو الذي سيمنع إقامة دولة فلسطينية بكل الطرق، وسيفشل أي محاولة لدمج السلطة الفلسطينية في حل “اليوم التالي” في القطاع.

هآرتس 4/2/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية