نقابة المعلمين الأردنيين: لماذا الإصرار على تسييس أزمة؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

المعلم الأردني اليوم لا يقف عند حدود إصراره على عودة نقابته، بل يشعر أن الإلحاح على بقاء ملف النقابة معلقا استهداف غير مبرر ووصفة باتجاه تصعيد يمكن الاستغناء عنه.

عمان ـ «القدس العربي»: المقاربة التي تصر وتلح على تسييس ملف نقابة المعلمين الأردنيين أصبحت أقرب إلى وصفة تأزيم دائمة ينتج عنها جرح نازف في عمق المجتمع الأردني بدون مبادرات منتجة محليا وحكوميا تحاول الإجابة على الأسئلة العالقة.

طرحت «القدس العربي» سؤالا الأسبوع الماضي عن الأسباب التي تمنع أكاديميا وازنا ويعتد به مثل وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي المحافظة من تشكيل لجنة مؤقتة تدير مصالح النقابة المتعطلة ثم الدعوة إلى عقد انتخابات للهيئة العامة يقترح فيها جمهور النقابة الضخم مجلسا لإدارة نقابته.
بوضوح شديد لا يوجد لدى الحكومة جواب محدد إلا إذا كانت المؤسسة الرسمية بصدد الإصرار على تسييس الفعل ورد الفعل، أو إلا إذا وجدت أطراف لها مصلحة في الإدارة العامة ببقاء جرح المعلمين النازف استثمارا ما والذين لا يمكن لا وطنيا ولا دستوريا القبول بفكرة استمرار مكوثهم على رصيف الغموض، فالجسم التعليمي الذي يمثل عددا ضخما من الأردنيين المخلصين يزيد عن مئة ألف معلم لديه نقابة وحقوق تمثيل لكن هذا التمثيل يتم تعطيله حاليا.
ولا تبلغ وزارة التربية والتعليم الرأي العام بالموجبات والخلفيات التي تمنع المبادرة إلى تنظيم انتخابات تحسم الجدل وسط حالة حيرة وارتباك تجتاح مسؤولي الوزارة وجمهور نقابة المعلمين معا، مع ان كل نشطاء النقابة بصدد إعادة تنظيم خطوطهم الآن.
ويعلنون بأن عودة نقابتهم هو الهدف والأساس وبعيدا عن كل معطيات ما يصفونه باتهامات لها علاقة بتسييس العمل النقابي أو بوجود أجندة سياسية.
وفقا لمحللين متمرسين بقراءة ما بين الأسطر انتهى التأزيم قبل 3 سنوات مع نقابة المعلمين بشرخ أفقي وأزمة وطنية الطابع ووصل الانسداد في الأفق إلى مرحلة متقدمة. لكن الإصرار وبعد نفض الغبار عن كل الملفات القضائية وحسمها على بقاء الجسم الضخم في القطاعين العام والخاص من المعلمين بلا نقابة يثير القلق من تداعيات سلسلة أزمات صغيرة أيضا خصوصا في ظرف حساس ومغرق بالحساسية اقتصاديا ومعيشيا.
البلاد عموما تتحضر لمسارات التمكين الاقتصادي والتحديث السياسي ورئيس اللجنة الملكية للتحديث سمير الرفاعي قال علنا وبحضور «القدس العربي» قبل أشهر بأن المكون التعليمي أساسي في التعليم والتثقيف مقترحا بين الأسطر بأن الأزمة التي تحمل اسم نقابة المعلمين لا بد من معالجتها لتثبيت أركان خطة تحديث المنظومة السياسية.
لا يجوز برأي النائب المخضرم خليل عطية ان يبقى المعلم الأردني بلا نقابة ولا يجوز ان ينطلق مسار التحديث السياسي مع معلم حائر ومناخات خالية من الثقة بين المعلمين ومؤسسات القطاع العام المختصة.
رغم ذلك لا يمكن تلمس إلا أزمة صمت مطبق تنسلخ عنها ومنها سلسلة أزمات أخرى والموقف بدا محتدا وحائرا لأن المعلم الأردني اليوم لا يقف عند حدود إصراره على عودة نقابته ودورها وواجبها بل يشعر بان الإلحاح على بقاء ملف النقابة معلقا استهداف غير مبرر ووصفة باتجاه تصعيد يمكن الاستغناء عنه.
الحكومة مجددا وفي بعض الملفات المفخخة سياسيا وشعبيا مثل نقابة المعلمين كل ما تفعله كسب المزيد من الوقت والرأي القانوني الوطني قاله القاضي والمرجعي الحقوقي الدكتور لؤي عبيدات عندما سأل علنا عن عدم وجود مسوغ قانوني لتباطؤ الحكومة في القيام بخطوات استحقاق مطلوبة بشأن ملف نقابة المعلمين.
المنقول عن وزير التربية من روايات هنا وهناك يشير أن الحكومة تعلم ما ينبغي ان تفعله والخطوات المقصودة هي تشكيل لجنة إدارة مؤقتة لمقرات ومصالح مكاتب نقابة المعلمين ثم تمكين هذه اللجنة وفتح فروع ومكاتب النقابة المغلقة وأخيرا الدعوة إلى تحديد وقت لانتخابات الهيئة العامة.
واضح ان السيناريو مرتبط بخيارات الدولة وليس الحكومة فقط. والأوضح ان بقاء أفرع ومكاتب النقابة مغلقة إلى أجل غير مسمى بسبب الإغراق في حسابات هنا أو هناك سلوك بيروقراطي قد تنقصه الحكمة ولا يمكنه ان يشكل غطاء طويل الأمد بدون توجيه رسائل قد تكون غير مقصودة للمعلم الأردني وأيضا بدون استفزاز المعلمين.
وعمليا لا مصلحة لأي طرف بما في ذلك الدولة باستمرار عملية استفزاز لشرائح ومكونات الجهاز التعليمي وحتى وان كان الأمر مرتبطا بتهمة اختطاف النقابة من قبل أقلية ما لأن جمهور النقابة بطبيعته أصلا غير مسيس.
وما يطالب به المعلمون اليوم هو فك أسر نقابتهم وتحريرها بعدما طالت الأزمة وصعدت جميع الأطراف بموجبها على الشجرة.
الانتظار صعب قليلا ومعقد ومكاتب النقابة مغلقة منذ عامين وواجب الحكومة الاشتباك، لأن الفارق بين وجود نقابة تمثيلية وعدم وجودها يمكن ان تتسلل منه وطنيا مؤشرات وعناصر الإحباط والسلبية وأحيانا العدمية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية