«نماذج وصور» كان برنامجا إذاعيا يناقش قضايا اجتماعية أتابعه صغيرا على جهاز المذياع من إذاعة أغادير المغربية الجهوية. لم يبق الكثير من هذا البرنامج عالقا بذاكرتي ، لكن بقي العنوان. عنوان معبر وسابق لأوانه بالرجوع إلى سنوات بث هذا البرنامج 1986-1987. عنوان معبر وسابق لأوانه بالقياس إلى فترتنا التي نعيشها حاليا، فترة ثورات وانتفاضات واحتجاجات وحراك.
فترة يتخللها سيل من المفاهيم الجديرة بالتحليل والتفكيك، التي تحدد فعلا «صورا» و»نماذج» لتوجهات اجتماعية متصاعدة، ترسم ملامح جديدة لعلاقة الحاكم بالمحكوم، وصورها ونماذجها عبر العالم متفرقة ومختلفة باختلاف وتفرق أماكن بروزها. فماذا تُعلِّمنا حالات لبنان والعراق وإيران وتشيلي وفرنسا من التوجهات الاجتماعية المقبلة، وما الذي أرسته في الوعي الجماعي من بذور تغيير؟ هناك من يرى في هذا الحراك العابر للأقطار عودة للصراع الطبقي، وقد يتفق المحلل مع فكرة أن سوء توزيع الثروات، التي انبنى الصراع الطبقي على أساسها، تشكل خلفية نقرؤها في استشراء الفساد، وتدني القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، وتجميد الأجور، لكن صراع الطبقات وفق المنظومة الماركسية كان محصورا بالأساس في وسط الشركة بين العامل ورب العمل، حيث انطلق مطلب التوزيع العادل للثروات، من دعوة لتقاسم عادل لما كان يسمى آنذاك بجهاز الإنتاج، أي تقريبا ما ندعوه اليوم بـ»صافي أرباح الشركة».
صور ونماذج لتوجهات اجتماعية متصاعدة، ترسم ملامح جديدة لعلاقة الحاكم بالمحكوم
بعبارة أخرى، كانت القراءة الماركسية المتنبّئة بتلاشي الطبقات، والوصول إلى مجتمع لا طبقي قراءة اقتصاية محضة، ولئن انبثق عنها مشروع سياسي، اشتراكي بالأساس، فقد برز خارج المنظومة الماركسية، خلافا للمنظومة المطلبية التي نشهدها في أيامنا، والتي تنتج إلى جانب مرافعات تنتمي إلى الشق الاقتصادي (وهو طبعا الركيزة الأساسية)، سلسلة من المعطيات التي يمكن تحديدها كلبنات مشروع مجتمعي جديد. فمواضيع تبدو مختلفة تماما من حيث المحتوى، ومن حيث السياق، كإقامة حكومة تكنوقراط في لبنان، ونقل مزيد من سلطة القرار إلى الجهات الفرنسية، ومواجهة مفتوحة مقبلة في الشارع الإيراني على خلفية ارتفاع أسعار الوقود، وتمادي السلطات في دعم الإجراء (لا دعم الأسعار) ومهاجمة طبقة سياسية ينظر إليها على أنها في واد والميدان في واد آخر، ما جعل شريحة غير قليلة من التشيليين يعربون عن حنينهم إلى فترة ولاية بينوشيه، وقائع تتلاقى في أنها تنمّ عن منحى، ولو لم يجد في كل الحالات طريقه إلى الصياغة النظرية، ناهيك من التطبيقية، يروم تكريس مكانة المواطن في قلب القرار من الآن فصاعدا. ومن هنا الفكرة، فكرة أن تلك النماذج وتلك الصور تتقاطع في رفضها أن يصادَر منها القرار مستقبلا، ولكن ليس فقط على إيقاع الرفض والمطالب التقليدية (والمشروعة) تُسمِع الشوارع أصواتها في الوقت الراهن، لكن أيضا وأولا، تنادي بتغيير النظرة إليها بمنعرج 360 درجة، بتكريس صيغ إشراك المواطن في صناعة القرار.
فلنتذكر كيف استلهم فكتور هوغو من الثورة الفرنسية، وهو الذي كتب في سياق عنوانه عدم الاستقرار الديمقراطي في فرنسا، التي تخبطت آنذاك بين نظام جمهوري (الجمهورية الثانية) ثم عودة الملكية (ملكية جويليه) ثم إمبراطورية نابليون الثالث (الإمبراطورية الثانية). لنتذكر كيف استلهم فكتور هوغو، الذي نسي شبابنا أنه كان برلمانيا وكاتبا معا، من الصراعات الثورية التي سبقته فاخترقت رواياته كلمة مواطن، مواطنة، تتنادى بها شخصياته عمدا بدلا من سيدي، سيدتي. أكيد أن كاتبنا استشرف في زمنه بوضوح التركيبة المعقّدة لوعي جماعي آخذ في التشكل بقيت الأزمنة التالية تضعه في الواجهة، وبكل تأكيد، في موقع سيجعله قريبا من كتّاب مصير تاريخ جديد.
*باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي
من وجهة نظري الواقع الذي يبحث عنه الإنسان والأسرة والشركة في عام 2019 يمثله عنوان (نماذج وصور) والأهم هو لماذا؟!
على أرض الواقع بعد 2013،
غباء أو قلة حيلة الأحزاب التي لم تجد غير ترامب لترشيحه في انتخابات أمريكا عام 2016 (ليعلن حرب رسوم الجمارك ضد أو لنسف أي شيء له علاقة بثقافة أمريكا التي تمثلها العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني)،
أو شبيهه في بريطانيا عام 2019 (من أجل تنفيذ بريكست وتحطيم الإتحاد الأوربي)،
وتدمير الإقتصاد، في عهد الجيل الرابع لثورة الآلات الصناعية، باسم الديمقراطية؟!
هناك مشكلة اقتصادية، وهناك مشكلة في جودة وكفاءة خدمات أي دولة تقدمها، للإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية في أي دولة،
ليس فقط سودان (عمر البشير) منذ عام 1989، بل حتى فرنسا أو بريطانيا في أوربا، أو الولايات المتحدة في أمريكا عام 2019،
والتي تؤدي إلى هجرة ليس فقط الممثل/المقاول المصري (محمد علي) من مصر، بل سبقه قبله الفرنسي في عهد ساركوزي، وإعطاء الرئيس الروسي (بوتين) بنفسه الجنسية إلى الممثل الفرنسي، في عهد ساركوزي،
الذي ترك فرنسا بسبب ضرائب ورسوم وجمارك غير منطقية ولا موضوعية، تماماً مثل حال الدولة في السودان، في عهد الرئيس عمر البشير، الذي طرد المقاول (أسامة بن لادن) دون أن يدفع له حقوقه، من إنجاز أكثر من (20) سد، والطريق السريع بين ميناء بور سودان والعاصمة الخرطوم،
الإسلام لغة وليس فكر، ومن يجهل ذلك، هل هو ذنب الإسلام أم اللغة، أم الإنسان أو الأسرة أو الشركة في أي دولة في الغرب (أهل الفلسفة) أم الشرق (أهل الحكمة)،فإن كنت تدري فتلك مصيبة يا أيها اللغويّ الأكاديمي وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، ما رأيكم دام فضلكم؟