لم أعتد بعدُ على تلك النظرةِ
وهي تنحتني جرحاً
خرج للتوّ من ورديّة الليلِ
في مناجم الملح
هكذا يا صبيّةُ تعلّمتُ من الوشوم الكحليّةِ
على مِعصم لهجتي
بأنّ ما سبق
هو أوضَح مجازٍ لتسمية نازح
وطالما أنّني كذلك
لا أريدك ابنةَ الضوء
تلك التي شفقةً عليَّ
ستطفئ ليَ
الليل..
لا تشفقي عليَّ من الليل
أنا من قومٍ لا يورقون إلّا من شجر الليل
لا يزهرون إلّا في أصيص
الليل
لا يصدّقون العشّاق إلّا في الليل
لا يحبّون للرجال أن يبكوا
إلّا بليل
حتّى أننا لا نُحتضر إلّا بليل
تصوّري، عجائزنا يدعون دائماً:
«اللهمّ وقعة ليل وشِيلةْ نهار»
لا بأس لا بأس
سأقول لك شيئاً:
عادة حين يسألونني من أين؟
أؤجّل كلّ الأحاديث
عن الوجود واللغة والتفّاح
لأقول وحسب:
من هناكَ
حيثُ النسوة اللواتي يَردنَ شطّ الفرات
ليغسلنَ صوف الوسائد
والفُرُش
اللواتي كنّ كلّما حللن جدائلَهن للنهر
يطفئنَ علينا النهار بليلٍ
لا يشبه الليل
هل صار مقنعاً لك الآن
لماذا أصوم دائماً عن «أحبّكِ» في النهار
ستقولين الآن: الرصيف معتادٌ في كلّ الأوقات
أنّ يكون سرير غرباء
حسناً، أقنعي هذه الريحَ
من أجلي ولو مرّةً
أن تصير بابا..
لن تصيرَ
الريحُ
بابا
٭ شاعر من سوريا
هيت للفرات و شطه بوفاء أبنائه.
عسى لقياكم بذكرياتكم و مطارحها قريب