نهاية أسطورة!

ما أصعب أن تصل الى قناعة أن العالم لم يعد يدور على هواك، وأن الهمة تثاقلت عما كانت عليه في السنوات الخوالي، والأصعب أن ترى من رفعتهم الى عنان السماء هم من يهبطونك الى الأرض… انه عالم كريستيانو رونالدو الجديد.
عندما أقدم المدرب ايريك تن هاغ على اجلاس رونالدو احتياطيا في مباريات مانشستر يونايتد في الدوري الإنكليزي، ثارت مجموعات كبيرة من عشاق النجم البرتغالي، المقدرة بمئات الملايين، رغم أن المدرب الهولندي، لم يفعل سوى القيام بعمله بشكل صحيح، وبدون مؤثرات أو محسوبيات أو أفضليات، على حساب ضمان جودة اللعب بحسب نظرته كمدرب، لأن أولاً وأخيراً هو الذي سيدفع الثمن في حال الإخفاق على غرار المدربين الثلاثة الذين لعب تحت ادارتهم رونالدو خلال 12 شهراً من عودته الى «أولد ترافورد».
ورغم ان رونالدو حاول الخروج في مطلع موسمه الثاني بحجة الرغبة في اللعب في دوري أبطال أوروبا تارة، وبحجة الاحتجاج على تخفيض الراتب تارة أخرى، وهو الذي غاب عن الرحلة الاستعدادية للموسم في شرق آسيا وأستراليا، وهو الذي ترك ملعب المباراة في أكثر من مناسبة، لأنه لم يكن اساسياً، بل هو الذي رفض اللعب عندما طلب منه المدرب الاستعداد في الدقائق الأخيرة. هذه الأمور من وجهة نظر «جيش» كريستيانو المقدرين بمئات الملايين، تعتبر مقبولة ومفهومة، لكن من وجهة نظر المدرب هي تعد على الخطوط الحمر، بل كسر للقاعدة الذهبية أن «لا لاعب أكبر من النادي»، أي لاعب كان، ولهذا كان علينا النظر الى تجربته مع مانشستر يونايتد من وجهة نظر فنية أيضاً، وهو ما يرفضه أنصاره.
الصراع الحقيقي اليوم يدور في عقل رونالدو، فهو لن يتقبل أي انتقاد على أدائه، ولن يتفهم قرار أي مدرب بإبقائه احتياطياً، لأنه في داخل عقله هو لاعب متكامل وصاحب لياقة بدنية مبهرة وجسم متناسق خال من الدهون، فمن أين ستأتي العلة؟ ومن سيكون هناك أفضل منه في هجوم أي فريق يلعب له؟
لهذا جاءت المقابلة مع الصحفي البريطاني بيرس مورغان، واعتبر فيها ان هناك في داخل النادي من لا يريده، وانه شعر بالخيانة. أي ان سبب عدم مشاركته في الفريق ليس تدني مستواه وعدم قدرته على مجاراة اللعب السريع في أشرس دوري، ولا في اخفاقه في تخليص الفرص وتسجيل الأهداف بالصورة الرهيبة والمعتادة عنه، ولهذا قناعته كانت انه سيبقى يلعب في أعلى مستوى حتى يبلغ الأربعين من العمر، بل أنه راهن على أن الرد سيكون في المونديال مع منتخب بلاده البرتغال.
لكن بعد بداية متواضعة ومهزوزة حدث ما لا يمكن تصوره عندما تم التخلي عنه من المنتخب البرتغالي بعدما قرر مدربه فيرناندو سانتوس عدم اشراكه أساسيا في المباراة ضد سويسرا والتي انتهت بفوز ساحق 6-1. وكان رونالدو متفرجا إلى حد كبير، ونجح منتخب بلاده، الذي حمل شارة القيادة فيه لفترة طويلة، في تقديم افضل عروضه، ليبلغ ربع النهائي من دون مساهمته. وللمفارقة، نجح بديله مهاجم بنفيكا الشاب غونسالو راموس (21 عاما)، في سرقة الاضواء منه بتسجيله ثلاثية رائعة هي الأولى في هذا المونديال، ليصبح بالتالي ثاني أصغر لاعب يحقق هذا الانجاز في الأدوار الإقصائية بعد الأسطورة بيليه عام 1958.
الآن وصل رونالدو ابن الـ37 عاماً الى مفترق طرق، فاما يستمر في قناعاته بأنه ما زال الأبرز في مركزه في العالم، خصوصا ان شخصيته النرجسية لن تسمح له برؤية أي شيء آخر، واما يتفطن أن قدراته البدنية، وخصوصا عامل «رد الفعل» الذي لا علاقة له باللياقة، بدأ يخونه، وان عليه ان يفكر بمكان ينهي فيه مسيرته معززا مكرماً، بدل المراهنة على اللعب مع فريق كبير، يجد فيه نفسه مكرهاً جليس الاحتياطيين.
هذه السطور كتبت قبل اللقاء الناري ضد المنتخب المغربي في الدور ربع النهائي، والذي تشير كل المعطيات أن رونالدو سيكون احتياطياً مجدداً، لكن هناك ذاك السيناريو الذي قد يبدو خلاله عنوان المقالة سخيفاً، لو نجح في المشاركة كبديل متأخر عندما يكون التعادل سيد الموقف، ويسجل هدف الفوز والتأهل الى نصف النهائي. حينها سيخرج ملايين الأنصار يعظمون «الدون»، ويطالبون بأن يعي المدرب سانتوس خطأه ويصححه.
حينها ستدور الحلقة مجدداً، لنكتشف أن هؤلاء النخب من الرجال ما زالوا صبيانا في نظرتهم الى أيقونتهم الخالدة، حتى لو زادت السنون على أرقامهم أرقام، ليبقى في داخلهم ذاك الطفل، يهذي من لوعة الاحلام، فلطالما نظر الى السماء، ليرى نجماً يضيء كل النجوم، وكلما خفت بريق هذا النجم، تهافت الى عقله أن العلة في العيون.

@khaldounElcheik

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول اثير الشيخلي - العراق:

    الإعلام ضخم الهجوم على رونالدو بشكل هائل ، و لا شك هو لم بعد كما كان ، علما ان هناك مغالطات فهو كان في الموسم الماضي هداف الفريق رغم انه لم يشارك في كثير من المباريات و أن العلة في النادي الذي يلعب فيه و في طريقة إدارته
    و بعد ان كشف رونالدو في لقاءه مع مورغان و عرى الكثير من الخلل و السلبية في ذلك النادي و اعترف الكثير بحقيقة ما صرح ، و لم يتحمل النادي ذلك الكشف الصريح و هو مستمر من سنوات بكنس اوساخه تحت السجادة و لا يريد أن يعترف ملاكه و من يديروه بذلك ،لجأوا إلى فسخ العقد مع رونالدو بالتراضي، وهو ما كان متوقعا بطبيعة الحال
    لكن هل يعقل أن نادي بحجم يونايتد و تاريخه سيسكت و يبلع هكذا اهانة ؟!
    بالتأكيد لا
    لذلك و برأيي انه اجج حملة إعلامية رهيبة ضد النجم و مدفوعة الثمن مهما بلغ سخاؤه لن يتجاوز ربما راتب رونالدو لأسابيع ،لكنها ستكون حملة مؤثرة خاصة انها ستكون شرارة لفتح صناديق الكراهية ضد النجم حتى دون أن يقبض أصحاب مثل هذه الصناديق فلسا واحدا او يدركوا حتى انهم يساهمون في هذه الحملة المسعورة.
    و ما تصريح مسعود اوزيل عنا ببعيد .

  2. يقول حكيم:

    رونالدو يحب أن يكون مركز الاهتمام داخل الملعب وخارجه، وفي غرفة الملابس ومع الصحافة وفي السوشيال ميديا وعند توزيع الجوائز (فهو يعترف بميسي فقط كخصم عندما كانت تنحصر المنافسة بينهما، بينما لم يحضر مثلا عندما فاز مودريتش بالكرة الذهبية ولم يهنئ زميله السابق بنزيمة عند فوزه كذلك بها)…وهو يتمنى أن ينهي مسيرته في فريق كبير، ولم لا بعد تحقيق إنجاز مع هذا الأخير أو مع المنتخب كما فعل زيدان، لكن مع تبخر حلم المونديال لم يتبقى له إلا إيجاد ناد يلبي طموحاته المهنية وشروطه المادية، لكن عليه أن يتعود على حقيقة أنه لن يعامل كنجم من طرف المحيط كما كان يعامل في ريال مدريد، وعليه على الأقل أن يتحلى ببعض تواضع ميسي الذي رفض حمل رقم 10 منذ البداية في باريس سان جيرمان…هو لاعب متكامل أكثر من ميسي، و يمكن لأسطورته أن تحيا من جديد لو أنه جاوره في باريس سان جيرمان، لكن ميسي يرفض ذلك بشدة ربما بسبب أنه يخشى من قوة شخصية رونالدو الطاغية، والكاريزما التي يتمتع بها داخل وخارج الميدان خاصة مع قدراته التواصلية الجيدة، واكتسابه للغة كل بلد يلعب فيه عكس ميسي الذي ربما لا يسعفه مستواه المعرفي في ذلك.

    1. يقول اثير الشيخلي - العراق:

      تحليل حكيم على اسم صاحبه.
      و لكل من اسمه نصيب.
      لا شك تاريخه الطويل و العريض لن يمحى في مجاله
      و اعتقد مثلما ذكرتم انه سيبحث في ختام مشواره عن نادي يلبي طموحاته المهنية و خاصة المادية منها
      فعمر مهنة لاعب الكرة محدود و كمحترف يحاول ان يجمع اكبر قدر من المال يمكنه قبل اعتزاله
      هناك وثائقي رائع من أفضل ما شاهدت صدر مؤخرا عن قضية إنتقال اللاعب لويس فيغو إلى ريال مدريد من برشلونة و هو في قمة مجده مع برشلونة و كيف تحول من بطل تاريخي لبرشلونة إلى خائن و منبوذ بين ليلة و ضحاها!
      المسألة كلها كانت تدور حول المال و فرص اللاعب التي قد لا تتكرر
      و لخص اللاعب البرتغالي السابق باولو فوتري الذي عمل كوسيط لصفقة الانتقال الأمر حين قال ان الامر كله يدور حول كم ستكسب و لخص تجربته و قال انه كان أفضل لاعب في البرتغال لأكثر من موسم و بطل قومي و لكن بعد اعتزاله لأقل من سنة و نصف لم يعد احد يتذكره و لم يوجه اتحاد الكرة هناك ولو دعوة له لحضور اي مباراة و لفه النسيان سريعا
      لذلك وفق وجهة نظره عليك أن تكسب اكبر قدر من الأموال قبل أن تنحسر عنك الأضواء و لا يعود احد يتذكرك!
      و نصيحته هذه لفيغو كانت احد اسباب اقناعه بالانتقال إلى ريال مدريد مقابل عرض خيالي في حينه لم يكن بوسع لاعب محترف رفضه.

  3. يقول محمد عليان:

    وداعا رونالدو، كانت مسيرة رائعة حافلة، ولكن الايام الجميلة لا بند ان تنتهي، سبحان من يُغَيّر ولا يَتَغَيّر

  4. يقول Sherko Nakam:

    لست مهتماً كبعض الناس من عشاق و مهتمي لعبه كره القدم و لكن التلفاز و السوشيال ميديا و صراخ و معارك مؤيدي الانديه الكبرى في العالم يفرضان علي ان اتابع و لو قليلاً عالم الكره !
    في الاونه الاخيره تري و تقرأ و تسمع حمله منظمه واسعه للنيل من رونالدو و تأريخه و مسيرته و حتي التشكيك في ما قدمه لمنتخب بلاده او لنادي ريال مدريد او حتى الإساءة لحياته الشخصيه …! و يمكن ان يكون وراء ذالك الكثيرين من منافسيه او حساده او اعداءه او حتى حكومات وراء ذالك …

  5. يقول الحسن من العيون-المغرب:

    الحمد لله يا كاتبنا خلدون فنحن واياك رابحون بعد المبارة، فرونالدو لم يسجل وبالتالي نحن انتصرنا لأن الدون ورغم كل المحاولات فشل في هز الشباك ولله الحمد والمنة. .

  6. يقول حدفاة حسن:

    يبقى رونالدو بطل وإنسان يحترم.

إشترك في قائمتنا البريدية