“نهاية الديمقراطية”.. قالها بالإنكليزية وهو في المعارضة: ماذا سيخبر العالم اليوم؟

حجم الخط
0

المتحدث سياسي كبير، بدأ وسمع بعصف للمشاعر. “أنا هنا في الكنيست، البرلمان الإسرائيلي”، قال بإنكليزية متقنة من حيث اللهجة والسياق اللغوي والطلاقة. “هذا هو برج الديمقراطية في منطقة واسعة جداً. لكن هذا البرج مهدَّد. لأن الحكومة الإسرائيلية الحالية تريد إجازة ثلاثة قوانين تصفي ثلاث حريات أساسية في الديمقراطية… الحقوق الأساس ببساطة تدفن في أعلى التيار وتختفي. قرأت مقالاً في “الإيكونومست” وكتب فيه أن “الديمقراطية لا تضيع ضربة واحدة، مع قوات تقتحم بيتك ذات ليلة، تبل ضيع في خطوات صغيرة، خطوات بيروقراطية… نعم نتحدث عن قوانين تشطب الحريات الأساس للديمقراطية… وأتحدث بصوت عال ضد هذا لاعتقادي أنه سيؤثر على باقي الديمقراطيات. كلكم، الذين تتشاركون في هذه القيم، عليكم أن تتحدثوا قبل فوات الأوان. إذ ما يبدأ هنا سرعان ما سيصل إليكم”.

وعليه، فإن منتخباً من الجمهور الإسرائيلي لن يكتفي بمواطني إسرائيل كي يحذر من خطر شاذ على فكره. فقد جند كل كفاءاته الخطابية ليتوجه إلى الآخرين ويحذرهم من تهديد كبير ورهيب. يقول بصراحة: هذه ليست مشكلتنا فقط. بمعنى أنه لا ينتقد خطوات الحكومة فبلغة أجنبية فقط، بل يطالب بالتوقف عن خوض الكفاح على المستوى المحلي.

المواطن القلق من”نهاية الديمقراطية” في إسرائيل، لدرجة نشر الغسيل الوسخ على الملأ هو رئيس المعارضة. لكن ليس ذاك الذي تفكرون فيه، أي النائب يئير لبيد، بل رئيس المعارضة السابق، النائب بنيامين نتنياهو. في 19 كانون الأول 2021 قال هذا في الشريط آنف الذكر عقب مبادرات مثل “قوانين المتهم” وإعطاء إمكانية للشرطة في أوضاع معينة للدخول إلى البيوت بدون أمر.

لم يتهم نتنياهو في حينه من النائب سمحا روتمن بـ “حملة BDS“، مثلما ادعى تجاه لبيد قبل بضعة أيام. كما أن النائب بتسلئيل سموتريتش لم يوجه له التساؤل “أنت وزير مالية ورئيس وزراء سابق، أليس لديك ذرة مسؤولية؟” مثلما فعل ضد لبيد قبل نحو أسبوعين. سموتريتش روتمن ومعظم المصدومين أمام النقد اللاذع بالحقل السياسي والاقتصادي والأكاديمي ضد خطة نتنياهو – لفين، عرفوا كيف يسدون الأنف والفم حين زأر نتنياهو “نهاية الديمقراطية” باللغة التي يتميز بها جداً. لكن عندما يفعل الآخرون هذا (بل وبالإنجليزية! وكأنه خطاب سري لخورتشوف ضد ستالين في 1956) هم مؤيدو BDS لا يعرفون كيف يخسرون ولا يحترمون قواعد اللعب. وحين عجب الناس كيف يتخذ نتنياهو الممارسة ذاتها، بعد كل هذه السنين التي جعل فيها منظمات حقوق الإنسان طابوراً خامساً، عندها صرخت النائبة ميري ريغف “تحيا الازدواجية والأخلاق المزدوجة”.

وبعامة، من اللحظة التي تنطلق فيها قوانين لفين على الطريق، يخيل أن مؤيديهم يكرسون طاقة كثيرة جداً لكتابة كتاب الإرشاد الكامل للمعارضين الذي لا يبدأ وينتهي بالمعيار الوحيد للصلة: ماذا يسمح القانون وماذا يمنع. هددت بأن الاقتصاد سيتضرر؟ أنت تخلق سقوطاً للبورصة. أنفقت المال؟ لست وطنياً. تحدثت بالإنجليزية؟ أنت نائب روتجر ووترز. رفعت أعلام وحدات الجيش الإسرائيلي؟ أنت تدخل السياسة إلى الجيش. لقد كان نتنياهو بما يكفي من الذكاء والتصميم والتنظيم كي يتجاهل المظهر ويصرخ “نهاية الديمقراطية” في كل مكان عمل فيه على ذلك. كل من يعتقد بأن هذا سيمر بشكل مختلف مدعو ليوفر الوقت على الجميع ويمد الرقبة مباشرة إلى المقصلة.

بقلم: عيناف شيف

 يديعوت أحرونوت 13/2/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية