نهاية العالم!

حان الوقت على غرار كل عام لسرد حصاد السنة واستخلاص الدروس واستنباط المواعظ لما حصل في الشهور الـ12 الأخيرة، رغم ان في كل حقل، ومنها حقلنا الرياضي، ينتهي بنا المطاف الى نهاية حقبة ومسيرة وربما العالم!
لعشرة شهور من هذه السنة، ونحن نتابع ونرصد ونسجل نتائج ابداعات الفرق والنجوم في ملاعب الرياضات المختلفة، لكننا في آخر شهرين أجبرنا على متابعة ابداعات وبطولات شعب في ملحمة غير مسبوقة في حياة الكثيرين منا، ليصبح الحديث عن نثرات سحر ميسي ما بعد مونديال 2022، والتأثير الصاخب الذي أحدثه في دوري مغمور في العالم الآخر من المعمورة يبدو موضوعاً هزلياً، بل حتى صولات وجولات القرين والعدو اللدود كريستيانو رونالدو في عالم مواز، وظهوره الى جانب العشرات من نخبة القارة العجوز في ربوع المملكة ضمن صفقات ضخمة أسالت اللعاب وحفزت التفكير وألهبت المشاعر، لم تطغ بشكل أو آخر على أحداث آخر شهرين، رغم الاعلان عن تتويج الدون باللقب الفخري هداف العام بتسجيله 53 هدفاً، لكن حتى عشاقه وأنصاره، آثروا الاحتفال صامتين، لأن أهدافاً أخرى يسجلها الأبطال تحت شعار «المثلث الأحمر» باتت أكثر فخراً وأهمية، رغم أن الجميع بات يدرك أن نهاية العالم النخبوي لهذين النجمين الخارقين اللذين حظيا بكل الدعم والحب، وانقسم بينهما التأييد، باتت أمراً حتمياً، بل كثيرون صاروا يعتقدون انهما لن يعودا ضمن سلسلة المرشحين كونهما خرجا من دائرة الاهتمام ومن بقعة الضوء وهي مسابقات القارة الأوروبية، حيث سينتقل العرش الى نجوم الجيل الجديد على غرار الفرنسي كيليان مبابي والنرويجي ايرلنغ هالاند والانكليزي جود بيلينغهام أو حتى مواطنه المخضرم هاري كاين، لتبدأ دورة جديدة من صراعات النجومية المطلقة.
عربيا، ربما كانت هناك أمنيات أكثر منها انجازات في الساحة الرياضية، بل حتى المفرح منها كانت مجرد نجاحات ادارية، كنجاح المغرب بأن يكون جزءاً من المستضيفين لنهائيات كأس العالم لعام 2030، مكللاً اصراره للحظي بهذا الاستحقاق بعد محاولات عدة، ليصبح ثاني دولة عربية، بعد قطر 2022، وستتبعه السعودية في استضافة مونديال 2034 بانتظار التأكيد الرسمي بهذا الشأن. لكن علينا أيضا أن نتوقف قليلاً عند نجاحات مبهرة على مدى العقد الأخير للرياضة المغربية، على صعيد المنتخبات الكروية بكل فئاته السنية، وأيضا بشقيها الرجالي والنسائي، من بروز في نهائيات كأس العالم وأيضا نجاحات على صعيد الفرق المحلية في المسابقات القارية، والتطور الهائل، ليس على صعيد النتائج فحسب بل أيضا في الفكر الاداري، الذي كان بلا شك نتاجاً لتخطيط وتدبير وتنفيذ قل وجوده في عالمنا العربي، رغم الامكانات المحدودة.
في المقابل، كان هناك عالم سحري تمثل في السخي في الانفاق على جعل الرياضة عنوانا للمملكة الحديثة في السعودية، فتم جذب أبرز النجوم من عوالم كرة القدم والتنس والملاكمة والفورمولا-1، على اعتبار أن وجودهم في المملكة سيرفع من مستوى الجيل الصاعد من أبناء البلاد وسترتقي مسابقاتهم، لنبدأ نفكر في عقلية مختلفة من الرياضيين في السنوات المقبلة يمثلون المملكة.
وتبقى هناك العديد من الأماني، وربما يغلب عليها الشق السياسي والوطني وليس الرياضي، رغم ان في المدى المنظور سترتفع وتيرة العواطف الوطنية، وتحديداً بعد نحو أسبوعين، حيث ستنطلق بطولتان هما من الأكبر خلال عام 2024، نهائيات كأس أمم آسيا في قطر ونهائيات كأس أمم افريقيا في كوت ديفوار، وبمشاركة 15 منتخباً عربياً، 10 في آسيا و5 في أفريقيا، والغريب انه لا يفرق موعد انطلاقهما سوى يوم واحد، وتقامان بنفس الآلية بمشاركة 24 منتخباً تم تقسيمها على ست مجموعات في كل بطولة، والمثير مشاركة المنتخب الجريح «الفدائي» الفلسطيني في النهائيات الآسيوية، والتي يحدونا خلالها الأمل بأن تكون مجزرة الاحتلال قد توقفت عن حصد المزيد من أرواح الأبرياء في فلسطين، ان كان في غزة او في الضفة الغربية.
لكن على الصعيد الشخصي، هناك أمنية أتمنى ان تتحقق، وهي احراز «سفيرة السعادة» نجمة التنس التونسية أنس جابر لقبها الأول في منافسات «الغراند سلام» أو في البطولات الأربع الكبرى، والتي تبدأ في الشهر الأول من السنة الجديدة في بطولة استراليا المفتوحة، حيث كانت النجمة التونسية قريبة جدا من فعل ذلك بخسارتها نهائي بطولة ويمبلدون الانكليزية في آخر عامين، وايضا خسارة نهائي فلاشينغ ميدوز الأمريكية في 2022، علما أنها كسرت عقدة احراز الألقاب، بفوزها ببطولة الماسترز في مدريد و4 بطولات أخرى.
وعلى عتبة عام جديد، يحدونا الأمل بسلام يعم العالم، ووئام يجمع الشعوب، وعتاب يصل الأخوة، واعتذار الى كل روح بريئة ارتقت الى السماء وأعيننا نحن في الأرض، والى كل فاه مطبق من القهر والجوع ونحن لا يسعنا سوى صراخ بأفواه لا تتطابق شفاهها، وعتب على نفس ذاقت فيها نوماً وأخرى تذوق ويلات اللئام، ومغفرة لشهداء كانوا هم الأحياء ونحن الأموات.
كل عام وأنتم في حال أفضل

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية