أصابت اسرائيلُ في نهاية الاسبوع الماضي انتصارا آخر في حربها الانسحابية التي تجريها للحفاظ على غموضها الذري. فقد رُفض اقتراح القرار الذي قدمته الدول العربية في المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأكثرية الأصوات لـ51 دولة مقابل 43 دولة صوتت تؤيده. ودعا الاقتراح اسرائيل الى أن تجعل منشآتها الذرية تحت رقابة الامم المتحدة وتنضم الى ميثاق منع انتشار السلاح الذري. إن نتائج التصويت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هي في ظاهر الأمر، برهان قاطع على الحكمة الكامنة في السياسة الاسرائيلية. فنحن مستمرون في التمسك بالغموض ولا ننضم الى ميثاق منع انتشار السلاح الذري (ولا توجد سوى أربع دول اخرى غير منضمة اليه) والعالم يسكت ويُسلم.
لكن يجب عليهم في تل ابيب أن يعلموا أن هذا وهم خطير. فقد أُحرز الفوز في التصويت في فيينا عقب ضغط استعملته الادارة الامريكية على دول كثيرة. ومع كل الاحترام للمكالمات الهاتفية العاجلة التي قام بها بنيامين نتنياهو مع زعماء دول كانت المحادثات التي أجراها ممثلو الادارة في واشنطن هي التي رجحّت الكفة. وقد قامت دعوتان في أساس موقف الادارة الامريكية، وهما أن القرار على اسرائيل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يضر باحتمالات انشاء منطقة محررة من سلاح الابادة الجماعية في الشرق الاوسط، وقد يضر ايضا باحتمالات نجاح المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين. ويجب على نتنياهو أن يخشى من أن تغير الادارة الامريكية موقفها من الشأن الذري اذا لم تفِ اسرائيل بتوقعاتها في هذين الشأنين.
قبل ثلاث سنوات أيدت الولايات المتحدة مبادرة لعقد مؤتمر يبحث في تجريد الشرق الاوسط من السلاح الذري. وتقرر أن يكون موعد المؤتمر الذي كان يفترض أن يعلن ذلك في نهاية السنة الماضية في هلسنكي، وأعلنت اسرائيل أنها لن تشارك فيه. ويحاول الامريكيون الآن أن يُحيوا هذا الموضوع. وقد يفضي موقف اسرائيلي سلبي بالادارة الى أن تزن مرة اخرى تأييدها لسياسة اسرائيل الذرية. وقد يؤثر فشل المحادثات مع الفلسطينيين اذا نُسب الى اسرائيل في موقف باراك اوباما من الشأن الذري. وليس من الممتنع ايضا أن تقرن الادارة في اطار تفاوض بين الولايات المتحدة وايران التنازلات الايرانية بتغيير سياسة الغموض الاسرائيلية.”
لكن الولايات المتحدة ليست اللاعبة الوحيدة في الملعب الذري. فقد انضم الى اللعبة ايضا رئيس روسيا هذا مع الضغوط الدائمة من الدول العربية بقيادة مصر في الامم المتحدة وفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ‘إن تفوق اسرائيل التقني لا يوجب عليها أن تملك سلاحا ذريا. إن السلاح الذري يجعلها هدفا فقط’، قال فلاديمير بوتين في حلقة فلداي التي بحثت في جملة ما بحثت الوضع في سورية. ‘بُني السلاح الكيميائي السوري ردا على السلاح الذري الاسرائيلي’، أكد، وقال إن اسرائيل ستضطر آخر الامر الى الموافقة على التجرد من السلاح الذري، كما تتخلى سورية الآن عن السلاح الكيميائي.
يجب على نتنياهو ومستشاريه في الشؤون الذرية أن يدركوا أن اسرائيل تلعب في وقت ضائع. ولن يكون من الممكن التمسك بالغموض الى الأبد. والمسألة مسألة وقت فقط الى أن تطلب الولايات المتحدة كما يبدو ايضا من اسرائيل تغييرا لسياستها. وعلى ذلك تحسن المبادرة الى سياسة جديدة وعدم الاكتفاء بعمليات صد. وعلى اسرائيل أن تُنسق مع الولايات المتحدة التخلي عن الغموض فمن الواضح للجميع أن اسرائيل لن تكون مستعدة للتخلي عن ذخائرها الذرية المنسوبة إليها بحسب مصادر أجنبية. ولهذا ينبغي السبق والمبادرة قبل أن تُستعمل علينا الضغوط المتوقعة. وتُبين أحاديث مع مقربين من الادارة الامريكية ونشرات ظاهرة أنه يوجد في واشنطن استعداد لمباحثة اسرائيل في إلغاء وهم الغموض.
رؤوبين بدهتسور
هآرتس 23/9/2013
احدر كل دول العلم التكلم علي السلاح النووي الاسرائيلي سكوت ( بينامين )