لا تُسكتب نوال السعداوي بمقالةٍ واحدة، ولا تُختزَل بعملٍ واحد من كتاباتها.
إنّها بلا شكّ معْلَمَة بحثية متبلورة تطرح في كل كتاب من كتبها معضلات الأدب والدين والاجتماع والسياسة.
مشروع فكري
هي الطبيبة والأديبة والمناضلة وصاحبة الأفكار المثيرة للجدل التي اتخذت من المرأة محورا شائكا يمس مجمل تفاصيل حياتها خَلْقاً وخُلُقاً. ولا ريب أننا نُدرك أهمية قضايا المرأة لديها كمشروع فكري يقوم على ثقافة اجتماعية متكاملة تضع المرأة في مكانها الصحيح الموازي للرجل والمتعاون معه، لا المُعادي له بالإجمال ولا المتلبّس بشمولية غير مبررة تطرح إشكاليات استثنائية في علاقة الرجل بالمرأة وتسوّقها كمُسلّمات شائعة جداً، كمسألة اغتصاب الزوجة مثلاً والتي هي مسألة قد تحصل في حيّز زمني ومكاني مُحدّدَين، إنما نادراً جداً وإسقاطها بشكل غير موّفق كمشكلة فردية شخصية على مجمل المشهد النسوي المحيط بها، وبما من شأنه أن يثير الاضطراب والتشويش على قضايا المرأة العربية عامةً والتأثير في نهضتها.
ميزة الادهاش عند السعداوي أنها تمتد بفكرها النسوي في اتجاه الجهات الأربع من البلاد العربية، فتحاول التواصل والاحتجاج على كل عقبة مؤذية ذكورية في طريق النساء المناضلات أمثالها وتشكّل اضطهاداً وحجز حرية وافتئات روحي وجسدي عليهن.
مشروع فكري تنويري
فهل كان ذلك التواصل نابعا من مشاكلها الخاصة، وهل بلغ اضطهادها إلى الحد المأساوي الذي لم تكن تتصور معه وجود جنس ذكوري على هذه الأرض، وهيَ من هِيَ في مستواها العلمي والاجتماعي، والقيمة المعنوية المُفترضة فكراً وثقافة؟
السّعداوي المثقفة وغزيرة النتاجات حتى خمسين عملاً مترجماً إلى أكثر من لغة عالمية، شكّلت مشروعاً فكرياً تنويرياً في صالح النهوض بالمرأة العربية، لكنه اتسم بالمغالاة وكان بالامكان التخفيف من حدّة طروحاته الفجّة التي لا يمكن ترجمتها على أرض الواقع من النساء أنفسهن.
فما الذي جعل قضيتها الأساسية هي معاداة المجتمع الذكوري والدعوة للتمرد عليه بصيغة سلبية دائمةِ الاحتجاج وخطابٍ مُواجه للرجل وكأنّه مخلوق آخر؟!
أضف إلى ذلك أنها نسفت بطروحاتها مفاهيم الأنوثة التي من مقومات نجاحها حاجة الرجل إليها وحاجتها إليه في مختلف أشكال الحياة الإنسانية العضوية والروحية ووفاق الناموس الفطري للطبيعة.
ليس هذا هجوماً على السعداوي بقدر ما هو إيضاح وتبسيط هادئ لطبيعة المواقف التي أطلقتها كتابةً وممارسة والتي وُصفت بالقوة والجرأة.
الطروحات السياسية
هنا نحن بالفعل نتكئ دومًا على خاصيّة الجرأة لتقييم المواقف الحادّة من مختلف الطروحات السياسية أو الدينية أو الجنسية وهو أمر عهدناه في تاريخ النساء المناضلات لتحقيق ذواتهن في المجتمع العربي من دون أن نغوص على مفهوم تلك الجرأة وحضورها الحقيقي في تلك المواقف الآن.
وفي حالة السعداوي تمظهرت الجرأة في تشبثها بالانقسام العامودي بين نقيضين لم تترك فسحة للوسط بينهما فإما أنك معها أو ضدها، أبيض أو أسود، وهو أمر غير موضوعي في فضاءات الحركات النضالية للأمم مهما كان محورها، بل وأظهرَ وللأسف بأنها ليست النموذج الأنثوي الرّساليّ التّوجُّه الذي يُربِحُ المشروع النّهضوي للمرأة العربية على الرغم من أنها ناضلت وسُجنت بسبب آرائها وكتاباتها.
كان في مقدور السعداوي فتح المعركة بمنطق مغاير لواقع نظريات الجمود والتقليد بمختلف وجوهها الفكرية والاجتماعية، والانخراط في محاولة إزالة الرواسب العقدية التي ما زالت تقيد انعتاقنا نحو أمداء معرفية تُوقظ، في حدها الأدنى، الوعي بضرورة استشكال قضايا الواقع النسوي بعيداً من استثارة الشريحة الاجتماعية الكبيرة جدا المقابلة لها رجالا ونساءً. فجمهورنا كغيره من جماهير العالم: يرى ويسمع ويفكر ومن ثم فهو قادرعلى الاستنتاج والتقدير بمعنى الحكم الموضوعي على الأمور واستثمارها في اتجاه الأنجـع والأفضـل.
كاتب من لبنان
قضية نوال هي الحرب على الإسلام، وقد أوصت بعدم صلاة الجنازة عليها، ويغضب أنصارها إذا لم يترحم الناس عليها، وهي الرافضة لرحمة رب العباد وغفرانه!
نعم