نوبل للإرهاب..

حجم الخط
12

تهمة الإرهاب ليست جديدة أبدًا، أطلقها حكام من شتى أرجاء الكون على معارضيهم في كل العصور، وهي تهمة خطيرة، عقوبتها الموت أو السجن والحرمان والنفي لمدد طويلة، قد تحمل تسميات أخرى تلائم مجتمع المتهِمين والمتهَمين مثل الزندقة والردة والخروج عن الملة كما وصف شيخ أزهري جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لمنح السيسي مبرّرا روحيًا شرعيا لقتلهم ،وليس خلعهم عن الحكم وسجنهم فقط، إضافة إلى رمي المعارضين بأخلاقهم وأعراضهم لتبرير التنكيل بهم وحث العامة على الابتعاد عنهم والتخويف من الاقتراب منهم، مثل قصص ‘جهاد النكاح’ والمجاهدات اللاتي ضاجعن عددًا كبيرًا من المجاهدين في اليوم الواحد، ولا نستبعد أن ينشروا شريطا مسجلا لشيخ ‘إرهابي’ يُفتي بجواز نكاح الرجل للرجل في ساحة الجهاد، فكل ما يخدم محاربة المتمردين والمعارضين حلال ومشروع.
وعلى سبيل تبرير القمع والتحريض، زعمت صحيفة الأهرام أن تركيا تضغط على حماس كي لا تقدم اعتذارًا لمصر، وهذا يعني ضمنا أن حماس ارتكبت جريمة بحق مصر، وهي معترفة بذنوبها تجاه الوالدة الحنون وتريد الاعتذار، ولكن هناك من يضغط عليها فيبقيها ابنة عاقة، وهي تركيا المعلونة التي سلّمت إيران عشرة جواسيس لإسرائيل، وتوترت وتشنجت علاقتها بها بسبب موقفها من ممارسات الأخيرة وخصوصًا حصار غزة، التي يفترض أن لا تكون محاصرة ما دام أن حدودها مع أم الدنيا.
تركيا المعلونة لا تكتفي بتخريب علاقة حماس بمصر، بل تضغط عليها لمنعها من المصالحة مع سلطة رام الله، وكأن لسلطة رام الله حرية التصرف والرأي، وليست إسرائيل هي التي تقرر لها الحلال والحرام حتى لو كان بيّنا، مثلما هي التي تسمح للطيران الحربي المصري بالتحليق أو عدمه فوق سيناء لمحاربة ‘العدو المشترك’ذي الأنفاق المشتركة.
في غزة التي فيها جوع لا يوازيه جوع سوى جوع ما تبقى من سكان مخيم اليرموك، يعرض بعض الناس كلاهم للبيع ليستطيعوا إطعام أبنائهم، هؤلاء الجياع تلاحقهم تهمة الإرهاب والمسّ بسيادة أم الدنيا، لتبرير مواصلة الحصار بكافة أشكاله، ولتأكيد وتحليل تهمة تخابر الرئيس المقلوب مع جهة إرهابية.
تهمة الإرهاب أو دعمه باتت صرعة جاهزة، بإمكان كل من يقمع شريحة ما أن يمتشقها، وما على الحاكم سوى أن الصياح إرهاب إرهاب،كي يحظى بالتفاتة كريمة وتفهّم من الغرب وأمريكا وإسرائيل، وهي كلمة السر التي تجعلك شريكًا في محاربة عدو مشترك.
ومن الإرهاب إلى نوبل للكيمياء، فقد منحت الجائزة هذا العام لثلاثة علماء، اثنان منهم يحملان جنسية إسرائيلية إلى جانب الأمريكية، ومن حق رئيس النظام السوري أن يزعل، وذلك أنه استخدم الكيماوي وأجرى تجارب عملية به على البشر ولم يمنحوه الجائزة، علما أنها منحت لعالمة إسرائيلية قبل سنوات قليلة مباشرة بعد ضرب غزة بالفوسفور، كذلك يحق له أن يزعل ليس فقط بسبب نوبل للكيمياء بل أيضا بسبب حرمانه من نوبل للسلام، فقد دعا هو بنفسه أمريكا والعالم أن يكلفوا خاطرهم ويتفضلوا لتفكيك سلاحه الكيماوي خشية وقوعه بيد ليست أمينة، قد تستخدمه في يوم من الأيام لا ضد عرب ولا ضد مسلمين بل كعامل ردع لإسرائيل عن استخدام أسلحة إبادة جماعية، وهذه لفتة كريمة من النظام، تعبّر وتلخص رؤيته الإنسانية وشفافيته وسلميته، طبعا سيقول البعض..ومن أين لك يا أستاذ أن تؤكد بأن النظام هو الذي استخدم الكيماوي وليس الإرهابيون..يا سادة منذ تلك التجربة الكيماوية وما تبعها من تهديدات حتى بدء التفكيك، لم نسمع عن تجارب مماثلة، ولو أنها من صنع الإرهابيين فلماذا لا يستخدمونها الآن ضد قوات النظام.
حاول السيد عباس زكي من السلطة الفلسطينية استرضاء هذا النظام المسالم، فنسب فضائل الشعب السوري ونخوته وشهامته منذ عام النكبة تجاه أخوته الفلسطينيين للنظام نفسه، بل لرأس النظام، أي أنها محاولة تجميل للنظام،وتبرئة لساحته من جريمة حصار مخيّم اليرموك، وحمّل ‘المسلحين’ مسؤولية عدم تمكين النظام المعروف بحفظه لحقوق الإنسان وكرامته، إدخال مواد غذائية إلى المخيم، ورغم هذه المحاولة الاسترضائية الشفافة لم يقتنع النظام بصدق السيد زكي، لأن ما لا يخرج من القلب لا يدخل الى القلب،ولا بد أن السيد عباس زكي نطقها من طرف لسانه وليس من قلبه، وهكذا يستمر الحصار القاتل وتحليل أكل الكلاب والقطط إذا وُجدت، وهو يُذكّر بحصارات أخرى لا تقل همجية شارك فيها هذا النظام عبر تاريخه الأسود. هذا النظام الذي تسبب بأفظع المآسي لشعبه لا يستحي رئيسه ولا يستبعد ترشيح نفسه للرئاسة من جديد، وذلك لوضع العصا في عجلة ما يسمى مؤتمر جنيف 2، وذلك أن شطرًا من المعارضة يشترط لمشاركته ضمان استقالة رئيس النظام الذي حرم عنوة من نوبل للكيمياء ونوبل للسلام ونوبل للإرهاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    كل الاحترام لصاحب المقال- وجه بوصلته الى الطريق القويم. من اجل ان يخافظ السيسي على امن مصر لا يجب عليه محاصرة غزة. مهما حاول اقناع المصريين بصدق طريقه فقد سئموا المصريين من قبل اكاذيب مبارك بالرغم من اجل الانصاف والتاريخ ان مبارك لم يكن همجيا بهذه الطريقة.
    وما استغربه ليس همجنة نظام الاسد الذي حول سوريا وأهلها من جميع الطوائف رهناء لوحشيته وانما من البعض الين ما زالوا يؤمنون بان هذا نظام وليس وحش كاسر. ما زال بعض العرب يتناقشون اذا كان النظام الذي شرد الملايين هو نظام انساني.هل سالتم انفسكم لماذا هربوا وماذا واجهوا واي ذل لاقوا في الغربة؟؟؟؟ هل يجب ان تكون فلسطينيا لتفهم ما يقال لان الفلسطينيين هم الاوائل الذين تحملوا الذل نيابة عن جميع العرب.وهذا النظام امعن جيدا في سفح دمائهم في لبنان

  2. يقول سامح // الامارات:

    نعم …الطاغية ( بشار) :
    يستحق ( نوبل ) في الكذب والإرهاب والتدليس على خلق الله …؟؟؟
    المشكلة : ما دام في ناس بصدقوه …بسوق فيها وبصدق نفسه …؟؟؟
    أماّ قصة : ترشيح نفسه ( لفترة رئاسية جديد ) …فهي نكتة الموسم بامتياز !!!
    خلال : سنة من الآن لن يبق في سوريا : سوى ( بشار وشبيحته ومريديه ) ؟؟؟!!!
    البقية : إما ماتوا …أو في السجون أو هاجروا ( والعوض على الله ) .
    شكرا .

  3. يقول جراح:

    نعم كل ماقلته هو كبد الحقيقة ولن أزيد عليها حرف واحد دمت ودام قلمك في نصرت الحق والحقيقة.

  4. يقول د. خليل كتانة- قائد كتائب مثقفي الشعراوية- فلسطين:

    ***** بابا نويل إرهابي****
    على متن سفينة الحرية التركية كان شخص يقوم بتوزيع الحلوى في أعياد الميلاد عند الاحبة من المسيحيين ، متمثلآ بشخصية بابا نويل. متهم الآن بتهمة الارهاب والدخول بدون تصريح لاراض عسكرية إسرائيلية؟؟؟!!! نحن نعيش في زمن القوة وشريعة الغاب.
    د.خليل كتانة – قائد كتائب مثقفي الشعراوية-فلسطين
    [email protected]

  5. يقول فاطمة-الاردن......فكر فيها؟:

    وهل وصف الشريحة الاكبر من الشعب السوري المسالم ب(الشبيحة) وتحليل سفك دمهم بفتاوى رجال السلاطين والقنوات الفضائية.. ألايمسى برأيك -ارهاب-؟؟ثم ان الدفاع عن الارهاب والقتل ومحاولة تلميع صورتة لهو جريمة تفوق الارهاب نفسه!واخيرا اقول أعجبني وصف الكاتب لعملية تفكيك السلاح الكيماوي السوري على انه خدمه لاسرائيل وهذا يعني ضمناً ان من استخدمه يهدف للوصول لهذة النتيجة وبالتالي كيف لمن يقفون مع (الثوار)ان لا يفكروا بالحقيقة التالية:امريكا تدعم الثورة السورية المزعومة ولايهمها بالمحصلة إلا مصالح اسرائيل؟؟؟ وبالتالي فمن تدعمة يجب ان تتوافق اجندتة مع اهدافها !! ودمار سوريا هو أمرلصالح اسرائيل؟؟ ومن سبب دمار سوريا اليس الثوار المدعومين امريكياً ؟ومن واجب الدولى التصدي لهم حتى لو للاسف ادى هذا لمزيد من الدمار..شكرا لسعة الصدر

  6. يقول احمد العربي:

    شكرا للاخت فاطمه من الاردن ! يبدوا ان الكثيرين لايريدون وعن سابق تصميم ان يروا الحقيقة التي صارت واضحة وضوح الشمس لكل ذي بصيره ويصرون على مواقفهم العدائية تجاه سوريا وشعبها وهم يظنون انهم خيرا يفعلون!! ..لكننا نقول لهؤلاء مهما ارتفعت اصواتكم لن تغيروا من واقع الحال شيئا و النصر قاب قوسين او ادنى وهاهي كل جيوش العدوان والتكفير والغدر تندحر وتتلاشى معلنة هزيمتها المدويه !!

  7. يقول سليم:

    نعم يا سيد سهيل، بشّار دموي وعنيف ودكتاتور وظالم وورث الحكم عن أبيه الأكثر دكتاتوريّة منه، لكننا مع ذلك لم نسمع يوماً أنّ بشار وشبّيحته قاموا بقطع الرؤوس ونحر البشر على صدى التكبير والتهليل. يعني بالعربي خمسين بشّار ولا تكفيري واحد. ثمّ أنّني أريد أن أسألك، يعني لو حرّر أصحابك “المجاهدون” اللّذين يتعالجون في المستشفيات الاسرائيليّة كمستشفى نهاريا أو “مستشفى ملبن” كما نسميّه هنا في الجليل، لو حرّروا فلسطين مثلاً، آه، هل سينحرون جاري المسيحي أو الدرزي أم أنهم سيفرضون عليهم الجزية فقط؟ وماذا مع نساءهم؟! هل سيتركونهن أن سيأخذوهن سبايا من سبايا الغزو؟
    وماذا مع الأطفال؟ هل سيبيعونهم عبيداً أم رقيقا؟
    أرجو الرد في مقالك القادم.
    وشكراً.

  8. يقول Isam Kamel:

    نوبل للكيمياء لثلاثة علماء، اثنان منهم يحملان جنسية إسرائيلية والاحرى ان كانت الجائزة لمن مكن الاسرائيليين وهو بشار البطل!!!

  9. يقول حوراني سوري:

    نعم مازال هناك من يتكلمون كلمة حق وكلمة ضمير.
    كل الشكر والامتنان للكاتب اللذي وضع يده على الجرح……

  10. يقول ربى الأقصى:

    شكراً للكاتب على المقال القيم …وسلمت يداك .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية