نورمبورغ المنطقة الخضراء والعشق الأمريكي للمشنقة
نورمبورغ المنطقة الخضراء والعشق الأمريكي للمشنقةنورمبورغ عبارة عن سلسلة من محاكمات لأبرز قياديي ألمانيا النازية استمرت من سنة 1945إلي 1949 بقصر العدالة بمدينة نورمبورغ الألمانية. أول وأشهر تلك المحاكمات حوكم علي إثرها 24 عنصرا من أبرز مجرمي الحرب العالمية الثانية من النازيين من خلال إنشاء المحكمة العسكرية الدولية . واستمرت أطوار تلك المحاكمات من 20 نوفمبر 1945 إلي غاية الفاتح من أكتوبر من السنة الموالية.قصة محاكمة و نهاية هورمان ويلهام غورينغ ، الزعيم السياسي والعسكري النازي وثاني قائد للرايخ الثالث وقائد سلاح الجو الألماني، قصة تلتقي إلي حد بعيد مع محاكمة صدام حسين في حيثياتها كما أراد الغزاة. غورينغ لم يعترف بالمحكمة العسكرية الدولية و ظل مستهزئا منها أثناء أطوارها. كما ظل يدافع عن الفكر النازي بقناعة واستماتة فريدتين. حكم عليه بالإعدام شنقا رغم إلحاحه علي رميه بالرصاص. لكن، ساعتين فقط قبل التنفيذ، ألغي الحكم بالإعدام شنقا حتي الموت لأن غورينغ كان له رأي آخر عكس ما رغبت فيه محكمة الحلفاء المنتصرين حيث قرر وضع حد لحياته بقلبه ويديه النازيتين عن طريق تناول السم في 15 أكتوبر 1946 . وبذلك يكون قد ضيع علي أعدائه متعة سمفونية همجية كان إسمها الإعدام شنقا حتي الموت.منذ الوهلة الأولي وعلي الرغم من تسميتها بالمحكمة العراقية الخاصة، اعتبر صدام حسين بأن المحاكمة غير شرعية بكل المقاييس ما دامت تتم في ظل الاحتلال. صدام علي مر الجلسات، ظل متشبثا بمبادئه البعثية القومية/ أو العبثية القومية كما يري البعض. كما ظل متمسكا بمواقفه الوطنية المناهضة للاحتلال ومن يأتمرون بإمرته. وحتي عند النطق بحكم الإعدام الذي صدر عن المحكمة الجنائية الخاصة في الخامس من نوفمبر الأخير في قضية الدجيل صاح صدام قائلا: تحيي الأمة، يحيي الشعب.. يسقط الاحتلال . إعلان حكم دائرة التمييز الأخير في 27 ديسمبر علي لسان القاضي رائد جوحي أن تنفيذ الإعدام ـ كي يستريح بوش الصُّغَيّرْ وحكام العرب ـ سيتم في غضون ثلاثين يوما ، وأنه بموجب المادة 37 من الدستور لا يجوز العفو عن المدانين في الجرائم الدولية أو تخفيف الأحكام الصادرة ضدهم ، مشيرا إلي أن هذه الفقرة تنطبق علي الرئيس العراقي السابق وأعوانه لأنهم متهمون بجرائم ضد الإنسانية . كما أضاف بأن المادة 27 من قانون المحكمة الجنائية العليا لا تعطي لأية جهة بما فيها رئيس الجمهورية حق الإعفاء من العقوبة أو تخفيفها في حالة الجرائم الدولية .إنها قرارات واضحة قبل بزوغ الشمس وهي غير قابلة لأي احتمالات من جهة الغزاة وقرارات آخر ساعة. المشنقة، إذن، في انتظار صدام حسين ما دام الأمريكان ـ ودون أي أدني شك ـ قد قرروا الاستشفاء من عقدة غورينغ النفسية التي تعود إلي الحرب العالمية الثانية، وبالتالي أرادوها ـ هذه المرة ـ ناجحة وبامتياز ضد عربي مسلم اسمه صدام حسين. لكن، هل سيستطيع الأمريكيون بالصفوف الأولي وأزلامهم بالصفوف الخلفية الاستمتاع بـ سيمفونية همجية إسمها الإعدام شنقا في غضون ثلاثين يوما علي خشبة مسرح عربي ينزف دما يوما بعد يوم؟ أم أن نهاية صدام حسين ستكون كما توقع المنجم التونسي حسن الشارني عن طريق مرض سيلُمّ به بغتة، يليها الإعلان عن وفاته بشكل مفاجئ أم أن خيار هورمان ويلهام غورينغ كذلك وارد بشكل أو بآخر؟ أم أن صدام له قناعة فلسفية عن الموت تقول: لا أهاب الموت. فقط، لأنه ـ الموت ـ عندما أكون لا يكن، وعندما لا أكون يكن . حمودة السرغيني6